ملامح الخوف وعدم الارتياح بقيت ملازمة لسعدون كريم النيساني، بالرغم من وصوله إلى إقليم كردستان في شمال
العراق، وابتعاده بمسافة كبيرة عن منطقتة الأصلية في
سامراء، التي يقول إن حياته ومصير أسرته كان مهددا فيها منذ إلتحاقه بقوات الصحوة العشائرية.
ويقول النيساني لـ"عربي21" التي قيل له ولزملائه أنهم سيخدمون مدينتهم عن طريقها، ولكنهم انتهوا للعمل كحراس وخدم لدى قوات
الحشد الشيعي، حسب قوله.
في منزل صغير وخال من الأثاث في منطقة خليفان، شمال مدينة أربيل، يجلس النيساني محتضنا أصغر أطفاله، ابن العامين، ويسرد قصة حزينة بدأت منذ انضمامه إلى قوات الصحوة التي كانت تمنح رواتب تغري أمثاله من العاطلين عن العمل في مدينة سامراء، مبينا أن الهدف المعلن كان حماية المدينة، والتصدي لخطر يقع عليها من الخارج، خصوصا بعد اقتراب تنظيم الدولة من حدودها.
ويضيف المقاتل السابق في
الصحوات، في حديث خاص لــ"عربي 21"، أن قوات الصحوة كانت تتلقى أوامرها ورواتبها من قيادة عمليات سامراء التابعة لوزارة الدفاع العراقية، وتكون إدارتها بالتنسيق بين قيادات الصحوات، وأغلبها من عشيرة الباز، وضباط تابعين للجيش، وهو ما تغيير تماما بعد دخول
مليشيات الحشد الشيعية واستلامها إدارة الملف الأمني في المدينة.
ويتابع النيساني: "وبالرغم من مقاتلة الصحوات لـتنظيم الدولة الإسلامية وتقديمهم خسائر كبيرة في هذا المجال، إلا أن قادة وعناصر الفصائل الشيعية بقوا يعاملوننا بطريقة طائفية بحتة، تعتمد بالدرجة الأساس على الإذلال والإهانات"، مستشهدا بقيامهم ولأكثر من مرة بمداهمة مقر الصحوة دون أي سبب، واعتقال عناصر وقادة، مع الضرب والشتائم الطائفية.
وعرض النيساني على مراسل "عربي21" رسالة نصية في هاتفه وصلته منذ يومين من زميل له في صحوة سامراء، يخبره بأن قائد مجموعتهم، عبد القادر أحمد البازي، تم اعتقاله من قبل فصيل "سرايا السلام" التابع لمقتدى الصدر، الذي يعد صاحب اليد الطولى في المدينة، وتخضع له جميع القيادات في الجيش والشرطة فضلا عن الصحوات العشائرية.
ويشير عنصر الصحوة الهارب إلى أن آخر مهمة قام بها كانت في تكريت، شمال بغداد، حين أجبرتهم مليشيات الحشد على مرافقتهم إليها، وتم وضعهم في الخطوط الأمامية للمواجهات مع عناصر تنظيم الدولة، وهو ما تسبب بمقتل ابن عمه وأحد أقاربه هناك.
وأوضح أنه بعد نهاية المعارك؛ تم استخدامهم من قبل قادة في المليشيات الشيعية كعمال لحمل ونقل البضائع المسروقة من المدينة، حسب تأكيده النيساني.
ويقول النيساني إنه رضخ بعد عودته من تكريت لبكاء وتوسلات زوجته، وقرر ترك العمل في قوات الصحوة. ولكن كان عليه البحث عن سبب مقنع للرد على تهمة الخيانة أو التواطؤ مع تنظيم الدولة، وهي كلمات كانت كفيلة باعتقال أو تصفية زملاء له حاولوا الاستقالة من العمل في القوات التي تدار شكليا من العشائر السنية، فيما تمتلك المليشيات الشيعية السيطرة الحقيقية عليها.
ويبين المقاتل العشائري أنه نجح أخيرا في الحصول على تقارير طبية من طبيب مقرب تفيد بأن ولده الصغير مصاب بسرطان الدم (اللوكيميا) ويحتاج إلى علاج غير متوفر في مدينتهم، ويستلزم ذهابة إلى العاصمة بغداد، التي استقل منها الطائرة مسافرا إلى مدينة أربيل في الإقليم الكردي ذي الحكم الذاتي.
ويبدو النيساني صارما وهو يؤكد بأنه لن يعود أبدا إلى سامراء، وسوف يعمل من الإقليم الكردي على ترتيبات تمكنه من الوصول مع عائلته إلى دولة أوربية، وهو خياره الأول الذي في حال فشلة فإنه سيتحول إلى الخطة باء، التي تتلخص بالسفر والإقامة في تركيا لأطول مدة، إلى حين توفر فرصة أفضل.