نفى يحيى حامد، وزير الاستثمار في عهد محمد
مرسي، أول رئيس مدني منتخب في
مصر، وجود توجه داخل جماعة الإخوان المسلمين، لتسليح الثورة المصرية خلال المرحلة المقبلة.
وكانت دعوات عديدة أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، قد طالبت الجماعة بإعلان الجهاد في مصر، وتسليح الثوار، ردا على ما أسموه "سياسة التصفية والاغتيالات التي ينتهجها النظام المصري ضد قادة في الجماعة".
واتهمت جماعة "الإخوان" الأربعاء الماضي، قوات الأمن باغتيال تسعة قياديين عزّل "من أعضاء لجنة الدعم القانوني والحقوقي والنفسي للمتضررين من أسر المعتقلين والشهداء بالجماعة"، نافية تصريح مصدر أمني قال إنهم كانوا مسلحين.
فيما أكد مصدر مسؤول في الجماعة، الجمعة، أن القيادي طارق خليل "تعرض للاغتيال من قبل قوات الأمن، بعد إخفائه قسريا، منذ 19 حزيران/ يونيو الماضي، عندما تم اعتقاله أثناء نقله د. محمد سعد عليوة، عضو مكتب الإرشاد بالجماعة لأحد المستشفيات بالقاهرة لإسعافه".
وقال حامد، الجمعة، إن "الثورة لو أرادت أن تكون مسلحة لفعلت ذلك منذ زمن، لكنها أبت ذلك بوعي وإدراك لطبيعة الحالة المصرية، المختلفة عن حالات الدول الأخرى التي تسلحت فيها الثورة".
وحول وجود خلاف داخل "الإخوان"، بشأن سياسة مواجهة السلطة القائمة، قال حامد: "إن كان هناك خلاف داخل الإخوان فليس مناطه السلمية أو عدمها، لأن السلمية بالنسبة للإخوان نقطة مفصلية، ومنهج جماعة، سواء اتفق مع ذلك البعض أم عارضه، فالمنهج السلمي نلزم أنفسنا به كإخوان، ونوضحه لغيرنا من جموع الثوار".
وعن شعار "ما دون الرصاص فهو سلمية" قال حامد: "هذا توصيف يتحدث فيه ويحدده من هم على الأرض، ويقودون الحراك في مصر، لأنهم قادة الثورة الحقيقيون، ولسنا نحن في الخارج، نحن فقط صوت معبر عن الثورة".
وتوقع وزير الاستثمار الأسبق، إقدام السلطة الحاكمة في البلاد على تنفيذ أحكام الإعدامات خلال الفترة المقبلة، قائلا إن "منهج التصفية والاغتيالات الوقتية الذي تتبعه أجهزة الدولة مع معارضيها حاليا، لا يختلف كثيرا عن تنفيذ أحكام الإعدام من خلال محاكم ظالمة".
وأضاف حامد أنه "عندما يتم استدعاء الأسر ليلا، لاستلام جثث ذويهم، أليس هذا شكلا من أشكال الإعدام؟ فالنظام مقدم على تنفيذ إعدامات، لأنه يستهدف جر البلاد لمزيد من العنف، ويرغب في تكرار النموذج السوري، والليبي، واليمني في مصر، وهو ما يرفضه الثوار".
وقال حامد: "هذه لحظة تحتاج من كل قوى الثورة إلى اصطفاف حقيقي، لإنقاذ الوطن الذي أصبح الآن على حافة هاوية، ووصل الشباب، أي ما يقرب من 40 مليون شاب، مرحلة من اليأس، قد تدفع بعضهم إلى طريق العنف وحمل السلاح".
ولم يستبعد حامد أن يكون للدولة يد في كل ما يقع من أحداث عنف في البلاد، وآخرها اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، قائلا: "هذا عمل مخابراتي، أدانته جماعة الإخوان، ونحن نتهم السيسي وأعوانه بارتكابه، لأنه مغتصب للسلطة، وهو الشخص الوحيد المستفيد من وقوعه، حتى يخرج على الناس بعدها يكيل الاتهامات لجماعة الإخوان والرئيس المنتخب مرسي، محاولا خديعة الشعب"، منوها إلىأن ذلك يأتي "ليبرر إقرار مجموعة قوانين لم نر لها مثيلا في التاريخ الحقوقي أو القانوني، في المائة عام الأخيرة، على الأقل".
ووصف وزير الاستثمار السابق الوضع في مصر بعد مرور عامين على أحداث 3 تموز/ يوليو 2013 التي يصفها بـ"الانقلاب العسكري" بـ"المزري" و"المقلق"، في الوقت ذاته.
وعبر عن خوفه على مصر قائلا: "لست قلقا فقط، بل خائف للغاية على حاضر ومستقبل مصر، التي تحولت إلى دولة فاشلة، ترزح تحت حكم قمعي شديد، يفضل إدارة دولة فاشلة وممزقة، على إدارة دولة فيها معارضة وحراك سلمي".
وألمح حامد إلى أن "المؤشرات على فشل السيسي في إدارة الدولة كثيرة؛ فاقتصاديا، الاحتياطي النقدي الحقيقي في البنك المركزي يقل عن النصف مليار دولار، والباقي قروض وودائع من بلدان خارجية، و40% من المصريين أصبحوا تحت خط الفقر، وهناك فوضى وغياب أمني.. واجتماعيا، هناك انشقاق وشروخ لم تحدث في تاريخ مصر على الإطلاق".
وتابع: "رسالة معسكر السيسي، بعد عامين من الانقلاب واضحة، وتتمثل في أنهم سيستمرون في القتل والقمع والإخفاء القسري لأي معارض، سواء كان إسلاميا أم ليبراليا أم علمانيا، أم حتى ممن ينتمون لمعسكر 30 حزيران/ يونيو، أو 3 تموز/ يوليو، ثم حدثت لهم صحوة وأدركوا أنه انقلاب عسكري.. كل هؤلاء أصبحوا في مرمى نيران السيسي".
ونفى حامد وجود مبادرات أو تحركات للصلح في الفترة الأخيرة بين الإخوان والسلطة قائلا: "بشكل واضح، لا حديث عن المصالحة مع السيسي بأي شكل من الأشكال، ومعسكر قائد الانقلاب الآن مضطرب جدا، وأفعاله القمعية تجاه معارضيه، دليل ضعف شديد، فهو يحاول أن يدفع البلاد نحو حرب أهلية".
وأكد حامد أن "مصر تشهد أسوأ عامين في تاريخها الحديث منذ الانقلاب العسكري. خلال عامين دخل السجون ما بين 90 و100 ألف مواطن، ويعتقل بالفعل نحو 41 ألفا، أقل من نصفهم ليسوا إخوانا، بينهم أكثر من 60 سيدة وفتاة، وآلاف من أساتذة الجامعات والطلبة، وهناك أطفال تحت السن القانونية، واختفاء قسري، وأكثر من 500 قانون أقرها قائد الانقلاب، في ظل غياب مجلس الشعب، من بينها قوانين تبيع أراضي الدولة".
يذكر أن آخر مجلس شعب منتخب في مصر تم حله في 14 حزيران/ يونيو 2012 بقرار من المحكمة الدستورية العليا في مصر، بعد نحو ستة شهور فقط من انعقاده في كانون الثاني/ يناير 2012.
وقال حامد: "كل ثورات العالم لا تنتهي في أيام ولا في شهور، ونحن لدينا ثقة في هذه الأجيال التي قررت أن تضحي بحياتها".
ورفض حامد حصر الثورة في الإخوان المسلمين، قائلا: "الثورة أكبر وأشمل من الإخوان، هم قد يكونون داخلها أو في طليعتها، لكن معهم مجموعات كبيرة أخرى تنتمي لشعب مصر".. كما أنه رفض حصر الصراع بين "الإخوان" والعسكر قائلا: "الصراع قائم بين فريق يرغب في الحرية وتحقيق السيادة للشعب، وفريق آخر يقوده الجيش يقمع هذا الشعب منذ أكثر من 60 عاما، ويسيطر على نحو 95% من أراضي الدولة".
وأضاف حامد: "الثورة الآن رغم كل أخطائها، تتحدى دولة السيسي العميقة والمتجذرة، والتي شكلت حولها مجموعات كبيرة من المنتفعين، لكن، لا الإخوان ولا غيرهم سيقومون بالثورة نيابة عن الشعب، الذي نراهن على خروجه مرة أخرى بشكل أشد وأكبر مما حدث في كانون الثاني/ يناير 2011، مهمة الإخوان وباقي الثوار قد تتمثل في إيقاظ باقي الشعب وتوعيته بحقوقه في الحرية والعيش الكريم، وتحريره من براثن الظلم والدولة القمعية المستبدة".
وعن تطورات الأحداث في
سيناء، قال وزير الاستثمار الأسبق: "ما يحدث في سيناء طيلة عامين دليل قوي على فشل نظام السيسي، العميل لإسرائيل والمشروع الصهيوني، فشعب سيناء يقذف بطائرات إف 16، ويقتل أكثر من 1600 مدني، في الوقت الذي لا يستطيع فيه الجيش أن يتعامل مع المجموعات الإرهابية الموجودة في سيناء، وتبدو المنطقة وكأنها خالية من أي تواجد للجيش المصري".
وسقط عشرات القتلى والجرحى من عناصر الجيش والشرطة، في هجوم نفذه مسلحون على نقاط للتفتيش بسيناء شمال شرق مصر الأربعاء الماضي، وتبنت الهجوم جماعة متشددة، بايعت تنظيم "داعش" مؤخرا، تدعى "ولاية سيناء".
وعن إمكانية تنازل "الإخوان" عن شرط عودة مرسي للحكم لإحداث اصطفاف وطني، قال حامد: "مرسي تحول بصموده إلى رمز للثورة، التي هي أكبر من الأشخاص، وهو معرّض للإعدام في أي وقت، بعد إقرار قانون الإرهاب الجديد، ومرسي قال إن الشرعية ثمنها حياتي، ما يعني أنه غير متمسك بالسلطة، وما يمكن أن نتفق عليه جميعا هو ضرورة العودة للشعب".
ولم ينكر حامد وجود لقاءات بين قيادات "الإخوان" ومسؤولين في الخارج، قائلا: "نحن منفتحون على الجميع، والتقينا بممثلي أكثر من 12 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكن للأسف بعض القوى العالمية تصمت على ما يحدث في مصر، ظنا منها أن ذلك سيؤدي إلى استقرار، ونحن بعثنا لهم برسائل، مفادها أن العالم كله سيحصد نتائج هذا الصمت المخزي على ما يحدث في مصر".
وعن موقف السعودية قال حامد: "البعض يقول إن موقف السعودية تجاه مصر تغير نسبيا بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، لكن هذا لا يكفي، على الإطلاق لأن السعودية التي دعمت الانقلاب أيام الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بـخمسة مليارات دولار، لا بد لها من أن تصحح خطأ الماضي".