حتى وإن لم يصل أسطول الحرية لقطاع
غزة فهو خطوة هامة في إطار كسر الحصار الوحشي الذي يستمر على مرأى ومسمع العالم أجمع بما فيه الدول العربية، بل بمشاركة فاسدة من أنظمة دكتاتورية تخاف الحرية وتحاول قتل التجربة في مهدها وخنقها قبل أن تتحول لأيقونة تضيء من حولها. ولهذا، فإن "أسطول الحرية 3" نجح في تحقيق الكثير من أهدافه وانتصر قبل أن يتحرك من مكانه، لأنه استمرار لعمل طويل وممتد لدعم حقنا في الحرية، وهو أحد الإسهامات الهامة والمتراكمة لإنهاء الحصار على غزة.
أعتقد أننا في ربع الساعة الأخير لرفع الحصار عن غزة، وهذا الأسطول إنما يأتي ضمن حملة ذات هدف محدد وهو تدشين ممر أو ميناء بحري لقطاع غزة، وهذا ما طلبته المقاومة وبدأ العالم أجمع لتقبله بسبب منطقية الطرح وأحقية شعبنا بمنفذ مائي، ولا ننسى أنه استحقاق صمود شعبنا وقوة مقاومتنا في "العصف المأكول".
لا شك أن الشعب
الفلسطيني يعقد آمالا عريضة على قوافل الحرية البحرية منها والبرية، وإن كان يقع بفخ استعجال النتائج، فعلينا إدراك أن الجهد الإنساني التحرري تراكمي والنتيجة النهائية ستظهر بشكل بعيد أو قريب، إلا أنها قد تكون غير مباشرة وغير متوالية، ولهذا فإن وصول أو عدم وصول القافلة لغزة يعتبر خطوة هامة في تسريع تحقيق أهداف شعبنا المرحلية المعلنة وغير المعلنة.
للأسف السلطة الفلسطينية تتجاهل هذه القوافل، وهناك حديث رسمي متبرم ومقلل من جدوى التعاطف الشعبي والحقوقي الإنساني مع غزة وآلامها، وهذه البلادة من قبل قيادة السلطة تجاه قطاع غزة ومشاكله سيؤدي لعزل القيادة عن تطلعات شعبنا، وسيحرمها من المشاركة الفاعلة في تحديد مصير ومستقبل القطاع، ولهذا ينتظر منهم موقفا واضحا وداعما ومؤيدا، وأتمنى من رئيس الحكومة التواصل مع ممثلي ورؤساء القوافل ودعمهم وتشجيعهم، فهي فرصة لمشاركة أهالي غزة أحلامهم ومعاناتهم والتقرب منهم.
حقيقة قدوم أول رئيس عربي عبر القوافل لهو تطور مهم وكبير، فإصرار السيد المرزوقي الرئيس التونسي السابق على اعتلاء البحر والقدوم عبر أسطول الحرية لقطاع غزة يحمل رسائل هامة قد يكون لها تداعيات إيجابية واسعة ويمكن البناء عليها، وقد تعمل زيارته كحلقة الوصل في نقل الجهود الإنسانية والشعبية لجهود رسمية، وهذا سيسرع بالتأكيد من رفع المعاناة عن شعبنا في غزة.
الاحتلال الإسرائيلي مرتبك أمام أسطول الحرية، وهو عاجز امام تخطي الأسطول جميع المعيقات التي وضعها الاحتلال، فلقد مارست حكومة الاحتلال العديد من الضغوط لعرقلة الحملة، إلا أنها باءت بالفشل، فالاحتلال يريد تجنب الظهور بصورة العصابة القاطعة للطريق، ولا يريد في الوقت نفسه ظهور قطع أسطوله البحري كقراصنة يعتدون على متضامنين سلميين، إلا أنهم اليوم أمام خيارين أحلاهما مر، الأول الاعتداء والقرصنة على سفن الحرية واعتقال او قتل المتضامنين السلميين وهذا سيسوء وجه اسرائيل ويكشف قبحها، والخيار الآخر ترك السفن تصل إلى غزة لتكون بوابة الحرية التي سيبنى عليها بعد ذلك تغيير معادلات كثيرة.