ينظر إلى
القضاء في
مصر على أنه أداة في يد الأنظمة المتعاقبة منذ حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، مرورا بحكم أنور السادات وحسني مبارك، ووصولا إلى عبد الفتاح السيسي.
ويرى قانونيون وحقوقيون أنه يستثنى من تلك الحقبة الرئيس السابق محمد مرسي الذي عارضته مؤسسة القضاء عندما أراد تحييده وتعزيز استقلاله، من خلال عدد من التشريعات الإصلاحية، وفشل في مسعاه لأنها تعارضت مع مصالح القضاة الشخصية التي اكتسبوها بولائهم للأنظمة السابقة.
النظام ورط القضاء والقضاة
يقول وزير
العدل الأسبق أحمد سليمان، أحد أعلام تيار الاستقلال، إن "الأنظمة الديكتاتورية تسعى إلى اختراق القضاء، وجعله أداة في أيديها، لأنهم لا يعرفون معنى القانون، ويريدون الخضوع لآرائهم وأهوائهم".
وأضاف في حديث لـ"
عربي21": "النظام ورط القضاء والقضاة في صراعات سياسية، وقد أبلى المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة بلاء سيئا في الإساءة للقضاء المصري"، داعيا إلى "بحث الدور الذي اضطلع به الزند طوال فترة توليه رئاسة النادي في تسيس القضاء، وتحويله إلى مركز للمؤتمرات والحركات السياسية، وقال إن تصرف الزند لم يكن "فرديا إنما جماعيا".
واتهم السلطة بحماية "الفساد والفاسدين داخل المؤسسة القضائية؛ بسبب ولائهم لها"، في حين يتم إحالة القضاة الذين يطالبون بالاعتراف بإرداة الشعب المصري، وحماية حقوقهم للمعاش".
القضاء ليس مستقلا
بدوره؛ أكد وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد مكي، أن القضاء في مصر "لم يكن مستقلا في يوم من الأيام، وهناك عداء ضد جماعة
الإخوان منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر".
وتساءل في حديث لـ"
عربي21": "كيف يمكن أن يكون مستقلا، عندما يتم ندب القاضي، وتعيينه، وتحديد راتبه، وامتيازاته، من قبل السلطة التنفيذية التي لا يوجد بها مؤسسات مستقلة؛ وهي طبيعة أنظمة العالم الثالث؟".
وانتقد مكي "المبالغة في استخدام شعار "استقلال القضاء"، معتبرا ذلك بمثابة "قطع الطريق على ما يبحث ما حدث داخل المؤسسة القضائية، وأنه لا يوجد استقلال حقيقي للقضاء إلا في الدول المكتملة الديمقراطية".
وأكد "أن هناك مجموعات فئوية داخل السلك القضائي، تقاتل من أجل مصالحها الشخصية، وتدافع عنها بقوة، كأية جماعة داخل مؤسسات أخرى تتمتع بالحماية والحصانة".
وتابع: "حلم القاضي النزيه هو الاستقلال، مثل حلم الصحفي أن يكون حرا؛ لأن هذا ما يتفق مع الفطرة الإنسانية، إلا أن هناك من يحيد عنها ويعمل على طمس الحقائق، ويقع تحت ضغط المصالح، فيما يغلب الاعتبار الخير لدى البعض الآخر، ما يخلق صداما مع النظام".
محاكم معارضي الانقلاب استثنائية
من جهته؛ رأى عضو هيئة الدفاع عن الرئيس محمد مرسي، محمد طوسون، أن ما يحدث في أروقة
المحاكم أمر استثنائي، وأن القضاء لا يأخذ مجراه الطبيعي، وهذا يشكل تحديا كبيرا.
وقال لـ"
عربي21": "المتهمون لا يحاكمون في مصر أمام قاضيهم الطبيعي، ولكن أمام محاكم استثنائية، وهو مخالف للقانون. وطالما المتهم لا يحاكم أمام قاضيه الطبيعي، فإن منظومة العدالة مختلة".
وأشار إلى "قرار محكمة النقض عام 1979 (..) الذي أكد على أن تشكيل دوائر خاصة بعد حدوث النزاع لمحاكمة شخص بذاته في قضية بذاتها يعد قضائا استثنائيا، وينال من حق المتهم في اللجوء لقاضيه الطبيعي".
وتمر مصر بمرحلة توتر زاد من حدته سلسة الأحكام القضائية الأخيرة بحق رموز جماعة الإخوان المسلمين ومعارضي الانقلاب العسكري، تم ترجمة بعضها إلى أحكام بالإعدام، نفذ منها سبعة حتى الآن.
القضاء على الآخر
ويقول رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، محمد زارع، إن "الوضع في مصر محتقن بشكل غير مسبوق، وهناك أزمة سياسية لا سقف لها ولا حل لها"، محملا القوى السياسية والدولة ما ستؤول إليه الأوضاع.
وأضاف لـ"
عربي21": "كل خصم يريد القضاء على الآخر، وإزالته من الوجود؛ ما يهدد بدخول البلاد في صراع أشبه بالحالة السورية"، مشيرا إلى "وجود خسائر على كافة الأصعدة على المستويين الرسمي والشعبي".
أحكام مقابل امتيازات
وحذر مدير مركز هشام مبارك للقانون، مصطفى أبو الحسن، من خطورة تمادي السلطة القضائية في إصدار أحكام بالجملة "واستمرار سياسة دعم النظام بشكل مطلق، للحفاظ على مصالحهم، وامتيازاتهم".
وقال لـ"
عربي21": "نحن أمام قضاء غير مستقل، ومسيس يسير على طريقة "لحكم بعد المكالمة، وهو ما لا يتفق مع معايير المحاكمات العادلة"، مستنكرا استخدام القضاء "كأداة للقمع وليس للعدل".