تزايدت وتيرة الانتقادات الحادة التي وجهها إعلاميون وكتاب
مصريون -في خلال الساعات الأخيرة- إلى عبدالفتاح
السيسي، لما اعتبروه "سوء أداء" في الحكم، خلال الأحد عشر شهرا، التي رأس فيها البلاد.
وبلغت الانتقادات حد المطالبة بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة بمصر، فضلا عن ضرورة إعلان الذمة المالية للسيسي.
فقد أكد رئيس تحرير جريدة "المصريون"، الكاتب الصحفي جمال سلطان، أن "مصر بحاجة إلى انتخابات رئاسية مبكرة".
وقال في أحدث مقال له، بهذا العنوان: "اقترب السيسي من تمام العام كرئيس، والعامين كقيادة حقيقية للدولة، لم يقدم فيهما أي إنجاز، لا في الاقتصاد، ولا في السياسة الداخلية، ولا الخارجية، ولا في مكافحة الإرهاب، ولا في حماية مصر من الانقسام الأهلي، فما الضرورة لبقائه، ولماذا لا نفسح المجال أمام قيادات جديدة، تكون أكثر قدرة على الإنجاز، ولماذا لا نتيح للشعب نفسه فرصة الاختيار الجديد، المبني على سجل خبرات وكفاءات وتاريخ، وليس على عاطفة الخوف، والتصويت العقابي لتيار أو حزب؟".
وشدد سلطان على أن "مصر اليوم أكثر احتياجا لانتخابات رئاسية مبكرة منها في نهاية عهد
مرسي، وسوف تكون أعظم خطوة أو مبادرة يقدم عليها السيسي، ويذكرها له التاريخ، أن يدعو بنفسه لانتخابات رئاسية مبكرة خلال ستة أشهر، وأن يتنحى عن مسؤولية ثقيلة كانت أثقل من قدرته على حملها".
وتابع: "وضح اليوم، بكل جلاء، أن السيسي لم يوفق في إدارة شؤون البلاد، وأن تلال الهموم وتعقيدات مشاكل الوطن تحتاج إلى الإدارة المدنية الجادة والخبيرة والعبقرية أكثر من الأحاديث المستهجنة عن "الدكر"، أو القفز فوق المشكلات بالكلام الناعم والمعسول".
وقال: "ليس عيبا أن يفشل الرئيس، فكلنا بشر، نخطئ ونصيب، وربما كانت التقديرات خاطئة، منه ومنا، عندما اندفع في هذا المسلك، ولكن العيب أن نتجاهل انتكاسات الواقع، والأشباح المخيفة للمستقبل، وأن نعاند أنفسنا والواقع، فتتعقد الأمور أكثر، ونصل إلى نقطة اللاعودة".
واستطرد: "لقد مُنح الرئيس الأسبق محمد مرسي فرصة الحكم عاما واحدا، وقبل نهايته بشهور قرر كثيرون أنه فشل، وأنه لا يمكنه أن يكمل، وتضامنت أجهزة رسمية وعسكرية وقانونية وغيرها مع تلك الخطوة، رغم أن حقه الدستوري أن يكمل مدته أربع سنوات بموجب انتخابات تنافسية حقيقية، وشديدة الشفافية، فنحن لدينا سابقة سياسية وشعبية، لا يوجد ما يمنع البناء عليها".
وأضاف الكاتب: "مصر بحاجة إلى قيادة جديدة تملك شجاعة المراجعة والاعتراف بالخطأ، وتملك القدرة على تحقيق مصالحة وطنية بدا مستعصيا إنجازها في ظل إدارة السيسي".
وتابع: "مصر بحاجة إلى عبقرية الإدارة التي تضع خطط نهوض اقتصادي وتنموي حقيقية تفسح المجال للطاقات المصرية الخلاقة وتمنحها الصلاحية للإنجاز والإبداع، وليس للمهجصاتية وباعة الوهم والكفتة".
أين إقرارُ الذمّةِ الماليّةِ للرئيس؟
في سياق متصل، قال يحيى حسين عبد الهادي، في مقاله بعنوان: "أين إقرارُ الذمّةِ الماليّةِ للرئيس؟" بجريدة "الأهرام": "أوشك العام الأول في فترة الرئيس على الاكتمال دون أن يتم نشر إقرار بداية الفترة الرئاسية، وهو نفسه إقرار بداية العام الأول، وهي مخالفةٌ دستوريةٌ لا يُوجَد مُبرّرٌ مُقنع لحدوثها".
وأضاف حسين: "سَمِعتُ مِن بعض الدِبَبَة عَجَبا في تبرير الوقوع في هذه المُخالفة.. فمِن قائلٍ إن الرئيس قد تَبَرّع بنصف ثروته لكنه لم يُفصح عن قيمة هذه الثروة التي تبرّع بنصفها، لأنه يريد أن يكون تبرُّعُه خالصا لوجه الله لا رياء فيه.. حسناً أيتها الدِبَبَة، هذا في ما يخُصُ الصدقةَ الشخصية التي يُفضَّلُ ألا تعرف شِمالُ المرء ما أنفقت يمينُه، أما إقرار الذمة المالية للرئيس فهو إلزامٌ دستوريٌ يجب أن تعرفه أَيْمُن وأَشْمُل التسعين مليون مصري".
واستطرد: "مِن قائلٍ إن نشر الذمة المالية للرئيس سيستغله الخصوم للتشهير بمفرداتها، والحقيقةُ أن العكس هو الصحيح، أي أن عدم النشر هو الذي سيُتخذ مادة للتشهير.. ثم إن مَنْ يُرد التشهيرَ سيُشهّر في كل حال.. ومِن صارخ في وجوهنا إن مصر في حربٍ ضد الإرهاب، وأن هذا ليس وقت إثارة مثل هذه الموضوعات بينما جنودنا يُستشهدون كل يوم".
وأردف: "الحقيقةُ أن هذا هو وقتُه بالضبط، فمصر لن تنتصر في أي حربٍ على أي جبهةٍ إلا بمزيدٍ من الانضباط الديمقراطي والالتزام والمراقبة والمحاسبة.. كما أن الدماءَ الزكيّةَ التي تُراقُ لا تُبذَلُ إلا مِن أجل الحِفاظ على دولةٍ تُعلي مِن شأن هذه القِيَم".
واختتم مقاله بالقول: "أعود وأُكرر أن الأمرَ واجبٌ دستوريٌ لا اختيار فيه، ولا يجوز المجادلة والتبرير بشأنه.. وإلا عُدنا إلى أيامٍ كان الدستور فيها مُجرّد وُريقاتٍ لا قيمة لها، والحاكم لا يُسألُ عما يفعل.. أيامٍ بيعت فيها شركاتُ القطاع العام مثلا في وجود مادةٍ في الدستور تمنع ذلك بتاتا".
يُذكر أن المادة رقم 145 من دستور عام 2014 تقول: "يتعيّن على رئيس الجمهورية تقديم إقرار ذمةٍ ماليةٍ عند توّلِيه المنصب، وعند تَرْكِه، وفي نهاية كل عام، ويُنشر الإقرار في الجريدة الرسمية".
انتبه.. الدولة ترجع إلى الخلف
من جهته، قال محمد سعد عبدالحفيظ، في مقاله بجريدة الشروق، الأحد، بعنوان "انتبه.. الدولة ترجع إلى الخلف": "لا يمكن لنظام أن يستمر دون إنجاز حقيقي وملموس، والإنجاز الأهم بعد ثورة كبيرة هو بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة".
وأردف: "خنق المجال العام وإغلاق المنافذ السياسية يعجل بالانفجار، وتفريغ طاقة الغضب يمد أجل الأنظمة لشهور أو سنوات لكنه لا يحصنها".
معضلات السياسة في مصر
وكتب أحمد عبدربه، مقالا بجريدة الشروق، الأحد، بعنوان "معضلات السياسة في مصر"، قائلا: "الأيام القليلة الماضية حملت لنا عشرات الحوادث التي لم يخلُ بعضها من طرافة والبعض الآخر من مآسٍ في مؤشر على تراجع شديد في مستوى الخدمات العامة وإدارة الأزمات ومجمل أداء النظام السياسي المصري في إدارة الدولة والمجتمع"..
وتابع: "هو مصير لم يتوقعه كثيرون راهنوا على رئيس الجمهورية الحالي حينما كان مرشحا قبل عام معتقدين بأن كونه "رجل دولة" كاف لتخليص مصر من مشكلاتها وأعطابها التي لا تنتهي، وهو ما ظهر زيفه بوضوح خلال الأيام القليلة الماضية".
وأكد عبدربه أن: "مصر السيسي لا تختلف كثيرا عن مصر مرسي أو مصر مبارك في ما يتعلق بإدارة الشأن العام، حيث الكوارث والأزمات والانهيارات بلا حلول، اللهم إلا من التصريحات الرنانة أو العاطفية هنا أو هناك".