اختفى العقيد
سهيل الحسن من المشهد الدرامي الذي أحاط به في الآونة الأخيرة، وترك مكانه فراغاً كبيراً بقدر البديل الذي تحضّره
إيران ليحلّ محلّ بشار الأسد في أي تسوية محتملة مع الولايات المتحّدة الأمريكيّة، ولكن ما حال أولئك الذين تركوا قطعاتهم العسكرية وميليشياتهم للانضمام لجيش "سهيل حسن" ذي الميزات الكبيرة بعد اختفاء العقيد في ظروف غامضة؟
يروي مقاتل يدعى (خ.ح) كان في صفوف كتائب سهيل الحسن، ويتحدث لـ "
عربي21" عن خدمته، وعن حال مقاتلي سهيل الحسن الآن، بشيء قد يوضّح لنا صورة هذه الكتائب التي باتت مجهولة المصير.
يقول (خ.ح): "مازلنا نقاتل تحت تسمية قوّات سهيل الحسن، لكن هذا الأخير لم يعد موجوداً، فقط ضبّاطه السوريين والحجاج الإيرانيين الذين كانوا مثل ظلّه، لكننا بدأنا بالتململ والتقلص، وراح الكثير منّا يحجم عن القتال، وأقدم البعض على ترك السلاح، ذلك أننا ومنذ ثلاث شهور لم نتلق رواتبنا، وأصبحنا متروكين من قبل الجميع، وأصبح رمزنا الذي كان يرعب الجميع محط إذلال لنا، ومحطّ إحراج، فالجميع يؤكد لنا أن نجم قائدنا قد أفل، وأن غيابه إلى غير رجعة".
وعن الكيفيّة التي كان يقاتل بها سهيل الحسن، وما كان يميزها عن غيرها، يجيب (خ.ح): "أول ما فعله سهيل هو القضاء على ظاهرة السرقة و"التعفيش"، حيث قام بشنق خمسة من عناصر الدفاع الوطني في حماه كانوا يقومون بعمليات النهب وبيع المسروقات، ومن هنا بدأ أمل الموالين بظهور قائد قوي قد يخرجهم من مأزق تفشي الفساد بين صفوف المقاتلين.
وأضاف المقاتل أن هذا يأتي "إلى جانب الصلاحيات المطلقة التي كان يتمتع بها الرجل، فأوامره مطاعة ومن الجميع، ومن يخالفه سيلقى الموت المؤكّد، حتّى أنّه لم يردّ أبداً على دعوة بشار الأسد لترقيته لرتبة عميد، وهذا ما جعل منه الرجل رقم "1" في أذهان المقاتلين ولفترة طويلة".
وتابع "إضافةً لكل هذا، فقد كان الحجاج الإيرانيون ضبّاط الحرس الثوري الإيراني يخططون لجميع المعارك التي يخوضها، ومع كل الدعم اللوجستي المقدّم له، راح يحقق انتصارات زادت من شهرته، وروَّجت له بين جميع المقاتلين، بالإضافة إلى أنّ أي مقاتل في جيش النظام يستطيع الالتحاق مع قواتّ سهيل الحسن دون أي أدنى إجراءات ومن أيّ قطعة تابعة لهذا الجيش، ما جعل لديه قوّات ضخمة نسبيّاً كانت القوّة الضاربة لوقت قريب".
يتابع (خ.ح): "كنّا نتبع سياسة الأرض المحروقة، فلا شيء يعيش أو يتنفس خلفنا سوى بعض النساء والأطفال، بالإضافة إلى الصلاحيات المنوطة بالمقاتل بقتل كل ما يشتبه به، وهذا ما جعل المقاتلين في صفوف سهيل الحسن مقتنعين بأنّ قوّتهم وصلاحياتهم غير محدودة، هذا بالإضافة للكثير من المكافآت التي كان يغدقها على مقاتليه الذين يتلقون رواتب عالية في الأصل، من سيارات حديثة وإجازات طويلة نسبيّاً وصلاحيّات في جميع مؤسسات النظام المدنيّة والعسكريّة".
أمّا عن الحال الآن، يتحدّث (خ.ح) بكثير من الحسرة: "كل شيء اختفى، منذ نهاية الجولة التفاوضيّة بين إيران والولايات المتحدة في مسقط، سقط سهيل الحسن، وعدنا من درعا بعد أن وصلنا إليها في يومين، ووقتها كنّا مذهولين لما يحصل، إذ إنّ أحد ضبّاط الحرس الثوري الإيراني أخبرنا بأنّ سهيل الحسن إمّا سيتسلم الحكم أو سيختفي، وبالفعل اختفى منذ ذلك اليوم، واختفت معه رواتبنا وصلاحياتنا وكلّ شيء".