تنشغل الأوساط السياسية والشعبية في
لبنان بحديث متصاعد عن تقارب وشيك بين حزب الله الذي يتزعم فريق الثامن من آذار، وتيار
المستقبل الذي يشكل العمود الفقري لتيار الرابع عشر من آذار، لا سيما بعد مواقف صريحة صدرت عن رئيس الوزراء السابق، رئيس تيار المستقبل سعد
الحريري، وأمين عام حزب الله حسن نصرالله؛ باستعدادهما للشروع في حوار بين الطرفين.
وبينما يترقب اللبنانيون انعكاسات على الأرض لحوار مرتقب، أعلنت قوى سياسية ترحيبها بأي تقارب بين الطرفين، واستعدادها لدعمه، وبدأت خطوات عملية بإعلان ممثليها في جلسات الحوار.
يضاف إلى مواقف القوى السياسية؛ الموقف السعودي الذي وضعه مراقبون في إطار الضوء الأخضر لتيار المستقبل، وذلك على لسان سفير المملكة في بيروت علي عسيري الذي رحب بالتقارب، وقال في حديث تلفزيوني: "الحوار الذي من الممكن أن يبدأ بين تيار المستقبل وحزب الله أمر يخصّهما، وإن كان هذا الأمر فيه مصلحة لبنان فإننا نشجعه".
ملفات الحوار
الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين يقول في هذا السياق إن هناك "ثلاثة ملفات أساسية تشكل حقيقة الخلاف بين حزب الله وتيار المستقبل؛ هي المحكمة الدولية، وموضوع السلاح خارج سلطة الدولة، ولا سيما سلاح حزب الله، بالإضافة إلى ملف التدخل في سوريا وانخراط حزب الله في القتال هناك".
ويضيف الأمين لـ"عربي21" ملفاً رابعاً إلى الملفات الثلاثة، وهو المتعلق بمنصب رئاسة الجمهورية والخلاف بشأنه، "وهذا الملف ليس محصوراً بين حزب الله والمستقبل، فمختلف القوى السياسية تنخرط في انقسام سياسي حاد حول كيفية التعاطي معه".
ويجزم الأمين أن "الحديث الإيجابي عن الحوار والتقارب بين الطرفين؛ لا يرتبط بالملفات الثلاثة الأولى؛ بقدر ارتباطه بملف انتخاب رئيس الجمهورية".
وأوضح: "يبدو أن هناك محاولة من خلال البدء بالحوار حول الاستحقاق الرئاسي؛ للدخول إلى باقي الملفات العالقة"، مستدركاً: "ولكن هذه الملفات معقدة، وليس من السهل حلها".
ما ذهب إليه الأمين يشاركه فيه الكاتب والمحلل السياسي فيصل عبدالساتر، الذي أكد أن الاستحقاق الرئاسي سيكون الملف الأكثر احتداماً بين حزب الله والمستقبل.
وقال عبدالساتر لـ"عربي21" إن موقف الأمين العام لحزب الله
حسن نصر الله بترشيح ميشال عون لمنصب الرئاسة "ربما يكون هو أحد أهم الأمور التي قد تطرح من جانب تيار المستقبل"، مضيفاً أن إمكانية تغيير كل من حزب الله والمستقبل لموقفه؛ مرهونة بما سيطرح في الحوارات مستقبلاً.
عوامل خارجية
وبينما يرجع مراقبون سر السعي للحوار بين الطرفين؛ إلى الخلاف بشأن ملف منصب الرئاسة في المقام الأول؛ لا يخفي آخرون أن ثمة عوامل أدت إلى هذه النتيجة.
ولا ينفي الكاتب علي الأمين وجود "عوامل مساعدة" أدت للوصول إلى هذه الأجواء، موضحا أن "الطرفين الإقليميين
إيران والسعودية أرادا من خلال ملف رئاسة الجمهورية إيجاد عنصر للتسوية في الإقليم ووضعه على طاولة المفاوضات".
ويضيف الأمين أن "السعودية تبدو اليوم أكثر قبولاً لفكرة الحوار من أجل إنجاز استحقاق الرئاسة، وإن ثمة تقاطع بينها وبين إيران على هذه المسألة".
ويرى أن "الخلاف في ملفات أخرى سيبقى قائماً، لكن مصلحة الطرفين هو تحييد لبنان أزمات المنطقة ولو بالحدود الدنيا، فليس من مصلحة أي طرف إقليمي أن تكون هناك مواجهة سياسية أو عسكرية في لبنان".
أما الكاتب فيصل عبد الساتر؛ فيؤكد أن الحوار والتقارب جاء نتيجة جهود قام بها "العديد من الوسطاء وحاملي الرسائل"، والتي "لقيت تجاوباً في الإطار العملي لهذا الموضوع".
ويعبّر عبد الساتر عن أمله في أن يكون الحوار "هو الباب الأساسي لكل الأطراف اللبنانية المتخاصمة؛ في ظل الاستقطاب الحاد الذي طبع الحياة السياسية، ولم يصل فيه أي طرف إلى أي نتيجة، لا سيما بعد المستجدات التي حصلت إقليمياً ومحلياً"، مشيراً بأن ما حصل كان أيضاً نتيجة قناعة تشكلت لدى تيار المستقبل بأن "لا سبيل إلا اللقاء مع بقية الأطراف" بعد أن "راهن على رهانات خاطئة" على حد تعبيره.