حسمت حركة
النهضة صباح السبت موقفها بعدم دعم مرشح بعينه في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 23 من الشهر الجاري، داعية أبناءها وناخبيها وكل
التونسيين إلى المشاركة بكثافة وفاعلية في هذه الانتخابات.
جاء ذلك على لسان رئيس مجلس شورى الحركة فتحي العيادي، الذي أكد أن الحركة ستترك لأنصارها حرية اختيار الرئيس المقبل عبر صناديق الاقتراع.
قرار الحركة الذي جاء متأخراً، بحسب مراقبين، علل تأخره رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس الوطني التأسيسي، القيادي الصحبي عتيق، بأنّ "النهضة" كانت تجري سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع المرشحين الرئيسيين، وتبحث عن تعاقدات مع كل الاطراف، الأمر الذي يأخذ وقتاً للوصول إلى نتائج سبر الآراء.
حرّية الاختيار أو تحديد المرشّح
وكشف عتيق لـ"عربي 21" عن رأيين بارزين تم نقاشهما في اجتماع مجلس شورى حركة النهضة، فالرأي الأول ذهب إلى ضرورة اختيار المرشّح الذي سيحظى بدعم حركة النهضة منذ الدور الاول، والانخراط معه في السباق الانتخابي بالثقل السياسي الذي يضمن له الفوز منذ الدور الأول أو المرور إلى الدور الثاني.
بينما ذهب الرأي الثاني إلى ضرورة ترك حرّية المبادرة والاختيار عند التصويت لقواعد الحركة وأنصارها، وعدم البتّ في الموضوع في ما يتعلّق بالدور الاول من الانتخابات الرئاسية، لكن يتمّ تحديد موقف واضح واختيار الشخصية التي ستدعمها الحركة في الدور الثاني، ويبدو أن هذا هو ما استقر عليه رأي الحركة.
رسالة إيجابية
وحول أسباب عدم دفع حركة النهضة بمرشّح في الانتخابات الرئاسية؛ أكد الصحبي عتيق أن حزبه "كان ولا يزال ضد تغوّل أي طرف وهيمنته على المشهد السياسي، لذلك كان لا بدّ -منذ البداية- من انتهاج سبيل التوافق الوطني، وهو ما جعلنا لا نقدّم أيّ مرشّح للرئاسية".
وأضاف: "النهضة أرادت أن تبعث برسالة إيجابية للشعب التونسي ولشركائها السياسيين بأنها لا ترغب في الهيمنة على كل المنافسات، لذلك طرحت فكرة الرئيس التوافقي على أغلب القوى السياسية".
وأشار إلى أنّ من يطرح فكرة "الرئيس التوافقي" يناقض نفسه حين يرشح رئيساً، و"يُفقد مبادرته قيمتها الأخلاقية، ويكون ما يطرحه من رؤى في هذا السياق غير مقبول من الطبقة السياسية".
ونوّه عتيق بموقف حركة النهضة حين تقدّم محمد الفريخة، رجل الأعمال ورئيس قائمتها في محافظة صفاقس، بملف ترشّحه للرئاسة، حيث اعتبرت الحركة في تصريحات إعلامية أنّ ترشّحه يعنيه شخصياً، كما أنّه سيخوض السباق الرئاسي بصفته مستقلاً وليس باعتباره رئيس إحدى قائماتها.
ويؤكد الفريخة في تصريحاته الإعلامية، أنه مرشح مستقل، إلا أنه يقول إن العديد من أنصار حركة النهضة يساندون ترشحه للرئاسة.
توازنات سياسية
من جانبه؛ قال أستاذ القانون الدستوري والمحلّل السياسي د. قيس سعيّد، إن عدم ترشيح النهضة أياً من قياداتها للانتخابات الرئاسية "لا يتعلق بوضع قانوني، وإنما باختيار سياسي في ظلّ قراءة للتوازنات السياسية قبل الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 اكتوبر/ تشرين الأوّل".
وأضاف سعيّد لـ"عربي 21" أنّ حركة النهضة كانت تنتظر نتائج أفضل ممّا حقّقته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لذلك طرحت فكرة الرئيس التوافقي منذ الاتفاق على إجراء البرلمانية قبل الرئاسية، ثمّ الاعلان عن مواعيدها.
ولفت إلى أنّ مركز الثقل في السلطة التنفيذية هو قصر الحكومة وليس قصر قرطاج، لذلك كان من بين الرسائل التي وجّهتها النهضة من خلال اقتراح الرئيس التوافقي ان يكون تشكيل الحكومة لحزب الأغلبية، ويكون ساكن قصر قرطاج من غير الاغلبية.
وأضاف: "إثر الاعلان عن النتائج الأوّلية للانتخابات البرلمانية؛ أصبح هدف النهضة إيجاد توازن بين رأسي السلطة التنفيذية، على اعتبار أن حزب
نداء تونس الذي تصدّر النتائج معني بتشكيل الحكومة، وليس النهضة".
ويتنافس في الانتخابات الرئاسية 25 مرشّحاً، بعد انسحاب عبد الرحيم الزواري الوزير السابق في نظام بن علي، ومحمد الحامدي رئيس حزب التحالف الديمقراطي.
ويُعد الرئيس الحالي المنصف
المرزوقي، ورئيس حركة نداء تونس الباجي قائد
السبسي؛ أبرز المرشحين للفوز بمنصب الرئاسة.
وبحسب الدستور التونسي الجديد؛ لا يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحيات كثيرة، ومن أبرز مهامه رسم السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي، وحلّ مجلس نواب الشعب، والمصادقة على المعاهدات.