منذ انطلاق الثورة
السورية، ومع بدء تدفق
اللاجئين السوريين إلى دول الجوار، بدأت أطراف عديدة العمل على التأثير على هؤلاء اللاجئين، من خلال ربط السلة الإغاثية التي تقدمها بعض الجهات بجرعة دينية أو فكرية.
توزعت العشرات من المدارس السورية في دول اللجوء، وقدمت الكثير إلى الأطفال السوريين الذين كانوا سيبقون دون
تعليم لولا هذه الجهود التي يعترف بها الجميع، إلا أن المدارس تلك بدأت تصنف بحسب اتجاه القائمين عليها، وهذا التصنيف لم ينبع من فراغ، بل عرفه الأهالي ولمسوه من خلال الأفكار التي بدأ يأتي بها الأطفال من المدرسة إلى البيت، فمن طفل يحرم الغناء إلى آخر في الصف الخامس يؤمن بالمادة والقوانين والمسببات وينكر كل الروحانيات التي سمع بها، هذا علاوة على شكوى عائلات لاجئة من نشاط بعض المنظمات المسيحية.
تقول أم سالم، وهي والدة لثلاثة أطفال في حديث خاص لـ"عربي21": "لقد اختلف سلوك ابني الأكبر وهو في الصف الخامس، إذ بدأ يصف الناس وفق تصنيفات جديدة لم تكن تطرح في بيتنا، والجميع لديه إما مسلمون أو كفار، بينما الله سبحانه وتعالى هو الذي سيقوم بحرق من تم تصنيفهم من قبله على أنهم كفار. لقد تغير سلوك الطفل، ورغم سعادتي بأنه حفظ شيئاً من القرآن الكريم، إلا أنني أفكر بنقله إلى مدرسة أخرى، نحن نرغب بمدرسة تعلم أبناءنا المناهج فقط، أما التربية فنحن من سنربي أبناءنا بالشكل الذي يقنعنا ونراه صائباً".
وعن منظمات الإغاثة التي انتشرت بكثرة، فقد أصبحت بحسب الأهالي مؤسسات استثمارية لأصحابها.
يقول مالك من ريف إدلب، وهو أب لخمسة أطفال، إن "كل منظمة تقوم بمساعدة من ينتمون لمنهجها أو حزبها السياسي وتحرم البقية من
المساعدات. عليك أن تكون من الصنف الذي يرونه هم أنه على حق وعدا ذلك فأنت لن تحلم ولو بسلة غذائية في السنة".
منيرة تتردد وطفلاها على مقر لإحدى منظمات المجتمع المدني في تركيا، ليمارس الأطفال بعض النشاطات الترفيهية، فوجئت في آخر زيارة لهذه المنظمة أن هنالك عدة أشخاص جلبوا بعض المساعدات "أرز، معجون بندورة، بيجامات" وقبل تقديمها للأسر الموجودة، حاضروا بجميع الموجودين محاضرة دينية عن الديانة المسيحية وكيف أنها أفضل من الإسلام.
تقول منيرة: "مع حبي واحترامي للديانة المسيحية والذين يدينون بها، لكن من الإهانة لي بصفتي مسلمة أن يتم الشرح لي كيف أن المسيحية أفضل من الإسلام، ومن التمادي أن يقول لنا المحاضر لديكم في دينكم القصاص، دائما تتحدون بالقصاص وتكرهون بعضكم، بينما نحن لدينا أن من يضربنا على الخد الأيمن يجب أن ندير له الخد الأيسر، ورغم ذلك استمعنا له بكل احترام رغم أننا نستطيع أن نرفض الاستماع".
وتتساءل: "ترى هل يعتقد أنه ببعض الأرز ومعجون البندورة قد نغير ديننا؟ إن اعتقد ذلك فهو غبي جداً، كنا سنخضع للنظام ونحافظ على الحصول على الأرز وغيره. من وقف في جه نظام إجرامي كنظام بشار الأسد لن يغير دينه مقابل بعض الطعام. كان بإمكانه أن يتحدث عن ديانته التي نحترمها ونقدسها فقط، وأن لا يأتي بأمثلة جهد في استخراجها وتفسيرها كما يرى حتى يحاول إقناعنا بترك ديننا كونه دين سيئ من وجهة نظره".
والأغرب في هذه الحادثة البسيطة أن صاحبة العلاقة حدثتنا عن الفصل الأخير منها، إذ إنها فتحت كيس المساعدات وبيجامات الأطفال في البيت لتجد بداخله نشرات تبشيرية تتعلق بالديانة المسيحية، حيث وضعها من أتوا بالمساعدات بين الأشياء عل الأطفال وأهلهم يقومون بقراءتها والاقتناع بها.
تقول منيرة: "هؤلاء كاذبون لم يأتوا لمساعدتنا، ولا لتقديم الأرز والبيجامات لنا كوننا من اللاجئين السوريين، بل قدموا لغاية أخرى مختلفة تماماً. ويبدو أن كل صاحب دكان بدأ بمحاولة جعلنا سلعة في دكانه متناسين أننا تركنا كل شيء، وقدمنا كل التضحيات في سبيل الحفاظ على كرامتنا"، حسب قولها.