يصف الأسير المحرر شادي بلاونه في الذكرى الثالثة لصفقة وفاء الأحرار، حالة الأسرى قبيل إعلان التوصل لاتفاق التبادل مع الاحتلال الاسرائيلي عام 2011، ويقول: " كنا كل يوم نفكر في لحظة الإفراج، وننتظر تلك اللحظة بترقب شديد ما الذي يمكن أن يحدث؟!، لحظة تزيد نسبة الأمل وأخرى تنحدر بشدة كالكرة من على جبل.. نفكر في لقاء الأهل والاحباب؛ كيف يمكن أن يكون ذاك المشهد ؟!".
ويضيف في حديثه لـ"عربي21": " كنت أتساءل خلال فترة المفاوضات؛ هل سأغادر هذا السجن أم لا ؟.. ويتكرر ذات السؤال بأشكال مختلفة تزيد من التوتر بشكل كبير .. ولا جواب يلوح في الأفق".
في 25 حزيران/ يونيو 2006، أسرت فصائل مقاومة
فلسطينية الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، وفي 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، أطلقت إسرائيل سراح 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل إطلاق "حماس" سراح شاليط، في عملية أطلقت عليها اسم "
وفاء الأحرار"، فيما أسمتها إسرائيل بـ"إغلاق الزمن".
تشخيص الظل
شادي بلاونه يبلغ من العمر 32 عاما، أسير محرر من سكان طولكرم بالضفة الغربية المحتلة، أبعد إلى غزة بعد الإفراج عنه في صفقة وفاء الأحرار.
يشرح بلاونه تفاصيل الأيام التي سبقت الإفراج عنه قائلاً: "قبل أسبوع من إتمام الصفقة، طلبت إدارة السجن التحقيق معي، وطُرحت أسئلة غريبة، هدفها استقراء مواقفي المختلفة، ولم نعرف أننا مغادرين السجن إلا قبل يومين من موعد التنفيذ".
وكانت قوات الاحتلال قامت قبل ثمانية أشهر تقريبا باعتقال والدة شادي بلاونة، الذي وصل حكمه إلى 23 عاماَ، وقضى منها تسعة أعوام بين القضبان.
تبخرت المعاناة
ويضيف الأسير المحرر: "حين تأكدت أني ضمن المفرج عنهم؛ سعدت جدا بالخبر، ولكني حزنت لأجل الابعاد، فهُدم كل ما بني في وجداني من لحظة لقاء الأهل واحتضان أمي، وخشينا من غدر الاحتلال .. لكن ارتياحا كبيرا حدث لنا عند دخولنا الجانب المصري، وكانت " أجمل لحظة في حياتي كلها، تفوق الوصف .. عندما عانقت تراب الوطن الغالي".
لكن الإبعاد إلى قطاع غزة لم يمنع والدة بلاونة من تكرار محاولة السفر كي تلتقي بابنها الوحيد، حيث تمكنت من تحقيق ذلك بعد العديد من المحاولات، "انهمرت الدموع وتبخرت معاناة تسعة أعوام من الاعتقال في لحظة الالتقاء" يقول بلاونة، ويتساءل: "متى تتجدد تلك اللحظة؟.
"شاؤول ارون"
وحول اعتقال قوات الاحتلال لأمه رسمية بلاونه (56 عاما)، والتي تعاني من مرض السكر وضغط الدم، يقول بلاونه: " كانت صدمة كبيرة لنا".
ويوضح بلاونة: "وجه الاحتلال ثلاث تهم لوالدتي وهي: الانتماء لـ(حماس)، والاتصال بكيان معاد، ونقل أموال لجهات مجهولة "، ويضيف مستنكرا: "يعتبرون أبنها الوحيد كيانا معاديا؟".
ويؤكد الأسير المحرر أن الاحتلال يحاول " الانتقام من الأسرى المحررين"، من خلال " الاعتقالات واقتحام البيوت، وتهديد الأهل بتصفية أبنائهم"، ويبين أن "نجاح صفقة شاليط كان بمثابة دفعة قوية لتكرار عمليات الأسر".
ويختتم حديثه " أي صفقة لا تطلق سراح جميع النساء والأطفال من سجون الاحتلال فاشلة".
إنهاء معاناة الأسرى
من جانبه يؤكد فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لحقوق الإنسان في حديثه لـ"عربي21"، أن " الانتصار الأكبر الذي حققته المقاومة الفلسطينية خلال انتفاضتين سابقتين، كان صفقة وفاء الاحرار"، معرباً عن أمله "أن تسفر الصفقة الجديدة عن إنهاء معاناة الأسرى".
ويقول: "التجربة أثبتت أنه لا طريقة للإفراج عن الأسرى إلا من خلال صفقات المقاومة، لأن أكثر من 20 عاما، من المفاوضات لم تتمكن من فرض شرط على الاحتلال"، مؤكداً أن " المقاومة كانت هي صاحبة الكلمة الأولي واستطاعت أن تفرض شروطها على المحتل".
وشملت صفقة شاليط عام 2011، الافراج عن أسرى من الداخل الفلسطيني (الأراضي المحتلة عام 48) والقدس وكذلك من ذوي الاحكام العالية والمؤبدات، التي كان الاحتلال يعتبرها خطوطا حمراء.
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، أعلنت كتائب القسام أنها كبدت الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة، وتمكّنت من أسر جندي إسرائيلي، يدعى أرون شاؤول، خلال عملية نفذتها شرقي غزة.
وتتهم إسرائيل حركة حماس، باحتجاز جثة ضابط آخر، قُتل في اشتباك مسلح شرق مدينة رفح خلال الحرب، وهو ما لم تؤكده الحركة حتى الآن.