حذّر رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة، المستشار مجدي العجاتي، من أن إصدار قانوني الحد الأقصى للأجور، وشهادات استثمار قناة السويس، بدون عرضهما على قسم التشريع في المجلس؛ يؤدي لشبهة عدم دستورية القانونين.
وقال العجاتي -وهو رئيس لجنة الأمن القومي بلجنة الإصلاح التشريعي التي أنشأها الجنرال عبد الفتاح
السيسي الذي وصل إلى الحكم من خلال انقلاب عسكري- إن "هذين التشريعين هما فقط اللذان لم يعرضا على قسم التشريع، وأرجح أن السبب هو حاجة الحكومة لإصدارهما بسرعة فائقة، علما بأن القسم يعمل بسرعة أيضا، وقد أخطرت رئيس الوزراء بهذا الأمر، وأوضحت له أنه قد يؤدي لصدور حكم بعدم دستوريتهما، ووعد بعرضهما على القسم، إلا أنهما لم يردا حتى الآن".
وأضاف -في حوار مع جريدة "الشروق" الأحد- أن إخضاع العقار المسكون للضريبة مهدد بعدم الدستورية، موضحا أن الحكومة لم تأخذ بمقترح المجلس بإعفاء المسكن الخاص من الضريبة العقارية.
وأضاف أن الحكومة أرادت إعفاء المسكن الذى يشغله المالك، ولا تزيد قيمته الإيجارية على 24 ألف جنيه في العام، في حين اقترح
مجلس الدولة إعفاء عقار مسكون لكل مواطن بغض النظر عن قيمته، لأن العقارات المسكونة لا تدر دخلا لشاغليها، إلا أن الحكومة لم تأخذ بذلك المقترح، تخوفا من قلة الإيرادات خلال هذه المرحلة.
وتابع: "رأيي ورأي أغلبية القسم، أنه يترتب على عدم العرض بطلان التشريعات، لأن الدستور نص صراحة على ذلك، وسبق للمحكمة الدستورية أن أصدرت أحكاما ببطلان
قوانين عدة لعدم عرضها على مجلس الشورى، الذي كان دستور 1971 ينص على وجوب العرض عليه قبل الإصدار".
وشدد العجاتي على أن عرض مشروعات القوانين على قسم التشريع بمجلس الدولة من شأنه ضمان صدورها متفقة مع الدستور، ومتفقة أيضا مع التشريعات السابقة، بحيث نضمن خلوها من أي عيوب، فضلا عن الصياغة اللغوية الواضحة والدقيقة التي تؤدي إلى سهولة التطبيق دون التعرض لمشكلات في تطبيق النص القانوني.
وأضاف أن الإحصائيات المقارنة للوضع التشريعي في
مصر قبل دستور 2014 وبعده وبمراجعة أحكام المحكمة الدستورية العليا، تؤكد جميعا أن كل التشريعات التي راجعها مجلس الدولة رُفض الطعن فيها بعدم الدستورية، وفي المقابل فجميع التشريعات التي قضى بعدم دستوريتها لم تعرض على القسم، وفق تعبيره.
وكان السيسي أصدر في تموز/ يوليو الماضي قرارا بقانون بخصوص الحد الأقصى للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، وذلك دون عرضه على قسم التشريعات بمجلس الدولة.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أصدر السيسي قرارا بتعديلات جديدة على قانون الضريبة العقارية، تبين منها عدم الأخذ بملاحظات اقترحها قسم التشريع بمجلس الدولة على مشروع القانون خلال مراجعته في نيسان/ أبريل 2014.
كما أن السيسي أصدر في أيلول/ سبتمبر الماضي قرارا بقانون بخصوص شهادات استثمار تنمية وتطوير قناة السويس، دون أن يقوم بعرضه أيضا على القسم.
وفي حواره مع جريدة "الشروق"، أشار العجاتي إلى أنه من الجائز إرسال القوانين بعد إصدارها لقسم التشريع في مجلس الدولة؛ مستدلا بأن القسم قام بإدخال تعديلات على قانون الانتخابات بعد إصداره، وأخذت بها الحكومة، مؤكدا أنه لم يُفتح تحقيق جنائي واحد في وقائع الفساد التي كشفها القضاء الإداري في أحكام الخصخصة.
وفي سياق متصل، ذكرت تقارير صحفية أن تصريحات العجاتي، أثارت ارتباكا الحكومة، مشيرة إلى أن الحكومة تدرس حاليا كيفية مواجهة الآثار المترتبة على الحكم ببطلان القانونين، إذا ما تم إقامة دعوى قضائية في هذا الشأن.
وفي الوقت نفسه، تقدم عادل حلمي المحامي، بشكل مفاجئ، وعقب نشر حوار العجاتي بجريدة "الشروق"، ببلاغ إلى النائب العام، مطالبا بالتحقيق فيما نشرته إحدى الصحف حول اتهام المستشار العجاتي، بوضع يده على أراض ملك للقوات المسلحة، وحصوله على أحكام قضائية بالتعويض، وذلك حفاظا على سمعة القضاء، بحسب البلاغ، الذي حمل رقم 19722 عرائض النائب العام.
ويُذكر أن عدم تنفيذ ملاحظات القسم على التشريعات، أمر تكرر في عهد كل من الرئيس المؤقت عدلي منصور، وقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، سواء بالنسبة لقانون تنظيم الجامعات السابق أو قانون الضريبة العقارية الذى صدر مؤخرا، أو غيرهما من التشريعات والقوانين.
ويلزم الدستور -الذي جاء به الانقلاب في عام 2014- في المادة 190 منه، الحكومة بعرض مشروعات القوانين على قسم التشريع بمجلس الدولة.