أثارت زيارة الرئيس
المصري، عبد الفتاح
السيسي، إلى
الجزائر، الأربعاء 25 حزيران/ يونيو، ردود فعل غاضبة لدى قطاع واسع من الجزائريين.
وأصدرت أحزاب سياسية، بيانات تنديد بزيارة الرئيس المصري، واصفة إياه بـ"
الانقلابي" وتوجهت إلى النظام الجزائري برفضها أن "تطأ انقلابي ضد الشرعية أرض الشهداء".
وحل الجنرال عبد الفتاح السيسي بالجزائر، الأربعاء 25 حزيران/ يونيو، وقال للصحفيين بمطار الجزائر الدولي، أن زيارته للجزائر تهدف إلى "اطلاق تفاهم حقيقي و رؤية مشتركة للمصالح و القضايا و التحديات المشتركة بين مصر والجزائر والمنطقة".
وأوضح السيسي الذي وصل سدة الحكم بمصر بموجب انتخابات الرئاسة في أيار/ مايو الماضي بعد أن عزل الجيش محمد مرسي أول رئيس منتخب للبلاد، أن بين الجزائر ومصر "علاقات وموضوعات استراتيجية مشتركة وقضايا كثيرة تحتاج من الجزائر و مصر العمل سويا".
وهذه أول زيارة للسيسي خارج مصر منذ أن تولى الرئاسة بالبلاد، بينما كان حظي يوم 29 أيار/ مايو، بأول تهنئة تصله بمناسبة انتخابه رئيسا وكانت من الرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة الذي كان فاز قبل أسابيع قليلة بولاية رابعة بالجزائر بموجب انتخابات الرئاسة 14 نيسان/ أبريل.
ولم تفوت أحزاب سياسية بالجزائر، زيارة السيسي، دون التنديد بها، والتنديد أيضا بالنظام الجزائري لاستقباله رمز ما تسميه "الانقلاب بمصر".
وقالت "حركة مجتمع السلم" الجزائرية القريبة من الإخوان المسلمين، إنها "تلقت بأسف شديد خبر زيارة السيسي المسؤول الأول عن الانقلاب على الرئيس المنتخب في مصر الشقيقة" .
ونددت الحركة ببيان باستقبال الرئاسة بالجزائر لعبد الفتاح السيسي وقالت: "تستغرب الحركة استقبال جزائر الشهداء لهذه الشخصية و ما تمثله من توجه محلي و إقليمي، خاصة و أن الاتحاد الإفريقي و على رأسه الجزائر أدان الانقلاب، و أن النظام المصري أصبح شبه معزول دوليا بسبب ممارساته الاستبدادية و اللاديمقراطية و آخرها الحكم على الصحفيين بأحكام سجن تصل لـ 10 سنوات".
واعتبرت الحركة المعارضة أن "هذا الاستقبال و هذه الزيارة لا تشرف الشعب الجزائري و تطرح المزيد من الأسئلة حول مصداقية الدبلوماسية الجزائر إقليميا ودوليا".
وقال محمد دخوش، الخبير بالشؤون السياسية في تصريح لـ"عربي21"، الأربعاء " إن توقيت الزيارة الأولى للسيسي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجزائر قد ستساهم بقوة في قرار إلغاء تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي على خلفية الانقلاب العسكري ضد الرئيس مرسي في يوليو الماضي".
و عن أهداف الزيارة قال دخوش" لا ننسى أن المنطقة العربية تمر بمرحلة حرجة ودقيقة في تاريخها، فسوريا تعيش حربا أهلية وأحداث العراق بعد انهيار الجيش العراقي أمام المسلحين من داعش وقدامى البعثيين ثم تقدم الأكراد في عدة نقاط حساسة تشير إلى تشكل بوادر تفكك العراق وتنامي النزعة الاستقلالية".
كما أكد لـ"عربي21" أنه من جانب ليبيا " فإنها تعيش فشلا وانفلاتا أمنيا كبيرا وضعفا شديدا في ممارسة طرابلس سيطرتها وضبطها للوضع السياسي الأمني وهي بهذا الحال تشكل بؤرة تهديد كبرى على الجزائر ومصر بحكم الحدود الطويلة التي تربط الدول الثلاث".
ويعتبر دخوش أن "الوضع الداخلي المصري غير المستقر و هشاشة الاقتصاد المصري الذي سيشكل عاملا مهما في تقوية السخط الشعبي ضد حكومة السيسي في حال فشله في إيجاد حلول للأزمة التي يمر بها وعلى رأسها أزمة الطاقة وهنا يأتي الدور على الجزائر لتمد نظام السيسي بشحنات من الغاز، وكل هذا يبرهن أن الجنرال السيسي بحاجة إلى حلفاء إقليميين أقوياء يساعدونه على فرض الاستقرار في بلاده، و هو ما وجده في السعودية والجزائر".
ولا يختلف المحلل السياسي توفيق بوقاعدة عما ذكره دخوش حيث قال لـ"عربي21" الأربعاء، إن "أول هدف من الزيارة هو طلب مساعدة الجزائر في إعادة مصر للمسرح الدولي وفك الخناق المفروض عليها من طرف الدول الأفريقية تحديدا".
ويرى بوقاعدة أن مصر"تريد الدخول من البوابة الجزائرية إدراكا منها بأهمية الجزائر كفاعل محوري في القارة"، وتابع أن "الهدف الثاني مرتبط بامتداد ت الجزائر للغاز لمصر حيث يريد السيسي إقناع السلطة الجزائرية بامتدادات أكبر لمصر مقابل السعر الرمزي المتفق عليه في عهد مبارك".
وتحدث السيسي بمطار الجزائر، أيضا عما يسميه إرهابا وقال إنها "ظاهرة تمثل مشكلة تحتاج إلى تنسيق المواقف و العمل لمجابهتها سويا".
وفي هذا الشق قال بوقاعدة أن "الهدف الثالث في تقديري هو محاولة ربط المقاربة المصرية في محاربة جماعة الإخوان بالمقارنة الجزائرية لمحاربة الإرهاب".
وتابع "الهدف الأخير هو سعي مصر للحصول على استثمارات لشركاتها وأنها الاقتصاد والبورصة المصرية التي تعرف تراجع كبير من يوم إلى آخر".
وردا عن سؤال حول ما تجنيه الجزائر بالمقابل، قال بوقاعدة: "الجزائر ليست لها مصالح كبيرة في العلاقات مع مصر ما عدا الملف الأمني المتعلق بالأوضاع في ليبيا فهي تسعى للتنسيق مع مصر لمحاصرة التهديدات الآتية من هذا البلد".
وشجبت حركة "النهضة" الجزائرية، بدورها، زيارة السيسي، وقالت ببيان، الأربعاء، إنه "مع ذكرى حلول شهر رمضان المبارك وتزامنها بذكرى احتفال الشعب الجزائري باستقلاله ونيل حريته ، يتفاجأ الرأي العام الجزائري بدعوة رأس الانقلاب المصري الذي انقلب على إرادة شعبه ومؤسساته الشرعية وتسبب في قتل ألاف الأرواح البريئة وهتك الأعراض التي عاشتها البشرية قاطبة بألم شديد".
ورأت الحركة أن "دعوة رئيس الجمهورية لهذا الشخص لزيارة الجزائر أرض المليون شهيد يعتبر بمثابة تحدي واستفزاز لمشاعر الشعب الجزائري" .
وجاء ببيان الحركة، أيضا أن "إقدام السلطة الجزائرية على استقبال هذا الشخص فوق أرض الجزائر باسم مؤسسات الدولة الجزائرية هو طعن في قيم الثورة التحريرية المباركة وتملص من المواقف الثابتة للدولة الجزائرية في مناصرة قيم الإنسانية قضايا الشعوب العادلة" .
وأغرق جزائريون، مواقع التواصل الاجتماعي، بحملات تنديد بزيارة السيسي.
وكتب فاتح القرت، البرلماني السابق بالجزائر بحسابه على "الفيس بوك، يقول " الجزائر من كعبة الثوار إلى مأوى الانقلابين".
وقال انه "في سنة 1973، قاد الجنرال بينوشي انقلابا دمويا ضد الرئيس المنتخب الدكتور سلفادور أليندي، وكان موقف الجزائر آنذاك، رفض الاعتراف بنظام الانقلاب، وعدم الاعتراف بشرعية بينوشي وعدم استقباله ولا ممثليه، وقادت الجزائر حملة دبلوماسية وإعلامية ضد نظام بينوشي".
وتابع"تصرفت الجزائر هكذا مع انقلاب عسكر الشيلي ضد الثوار، كما كان تعامل الجزائر مماثلا مع ثوار نيكاراغوا ، ومع أتباع نيلسون مانديلا المقهورين من نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا، و?جل ذلك حازت الجزائر وصف (كعبة الثوار) عن جدارة".
لكن القرت تساءل بعد كل هذا "ما الذي تغير في الجزائر بعد 40 سنة لتصير مأوى لأفئدة الانقلابين ومطمعا لمشاريع الانقلابين؟".
أما عبد الفتاح حمداش، رئيس "جبهة الصحوة الإسلامية"، فكتب بحسابه على "الفيس بوك" متهكما "الجزائر تبيع الغاز للسيسي بنصف ثمنه .وسيسي يبيعه للكيان الصهيوني بنصف الثمن الذي اشتراه من الجزائر .فكم يربح الصهيوني من عملية الشراء؟ و كم يخسر الجزائري والمصري في عملية البيع؟".