يتوجه المرشح الرئاسي وزير الدفاع المستقيل عبد الفتاح
السيسي، بحديث عاطفي إلى
المصريين ويطالبهم بصوت مؤثر، بأن يتقشفوا من أجل مصر، ويخاطب فيهم حسهم الوطني قائلا إن "مصر أعطتكم الكثير، وهي الآن في محنة ويجب أن تضحوا قليلا من أجلها".
لكن المصريين يرون أفعال الرجل تناقض أقواله، فبينما كان السيسي يطالب المصريين بالذهاب إلى أعمالهم سيرا على الأقدام لتوفير النقود، ظهر مستقلا دراجة هوائية تبلغ قيمتها نحو 40 ألف جنيه، وهو ما يعادل راتب موظف بسيط لأكثر من ثلاث سنوات.
قصر فخم
وقبل أن يتمكن مؤيدو الانقلاب من تبرير هذا الموقف، بدأ السيسي في استقبال مؤيديه في قصر فخم، اتخذه مقرا لحملته الانتخابية، ويقع في أحد أرقى أحياء القاهرة الجديدة.
ولاحظ المصريون أن القصر يتميز بالبذخ والبهرجة الزائدة التي لا تتناسب مع مرشح رئاسي في بلد فقير مثل مصر، حتى أن مؤيدي السيسي استفزتهم هذه المشاهد ووجهوا انتقادات علنية له.
من بين هؤلاء، الإعلامي عمرو أديب، أحد أشد مؤيدي الانقلاب، الذي انتقد الرفاهية المبالغ فيها والتي يحيط السيسي بها نفسه.
وقدم أديب نصيحة، في إحدى حلقات برنامجه على قناة "اليوم" للسيسي، بعدم استفزاز المصريين الذين يقبع نحو 40% منهم تحت خط الفقر، قائلا: "لو سمحت قلل الفخفخة شوية، الناس مش لاقية تاكل، خفف الوطء يا سيسي".
وأضاف: "السيسي مرشح نفسه لشعب فقير، ويطالب الناس بالتقشف، لكنه يستفزهم بصور مقر حملته الانتحابية التي تظهر ارتفاعا مبالغا فيه في مستوى المعيشة، وأنصحه بالتواضع".
وفي أول حوار تلفزيوني له، قدم السيسي حلا، رآه كثيرون ساذجا، لمشكلة انقطاع الكهرباء التي يعاني منها كل المصريين، حيث تعهد باستبدال اللمبات العادية في كل المنازل بأخرى موفرة للطاقة، لكن نشطاء ردوا عليه بصورة له من اجتماع عقده قبل يومين مع عدد من الإعلاميين ظهر فيها سقف القاعة التي ضمت الاجتماع وتزينه "ثريات" عملاقة لا تعمل بلمبات موفرة.
وقالت صحيفة "الوطن" إن القصر الذي اتخذه السيسي مقرا لحملته الانتخابية لا يعلم أحد من هو مالكه الحقيقي، لكن كثيرين يعتقدون إنه مملوك للمخابرات الحربية التي تولى السيسي رئاستها لعدة سنوات قبل أن يختاره الرئيس محمد مرسي وزيرا للدفاع.
وتتولى قوات الجيش تأمين المقر وإغلاق الشوارع المؤدية إليه، فيما تتولى شركة حراسة خاصة تنظيم دخول وخروج المترددين على المقر.
ويشرف على إدارة مقر الحملة الانتخابية اللواء عباس كامل مدير مكتب وزير الدفاع، ويتولى تنسيق المقابلات العميد أحمد محمد علي المتحدث باسم القوات المسلحة، في انتهاك صارخ لأبسط مبادئ حياد الدولة، بحسب مراقبين.
وفي حديث تلفزيوني له، قال الإعلامي إبراهيم عيسى، إنه أجرى أول مقابلة تلفزيونية للسيسي في أحد الفنادق التابعة للقوات المسلحة، ولم يهتم عيسى أو حتى حملة السيسي بتوضيح كيف تم تجهيز هذا الأستوديو الضخم، الذي استضاف اللقاء التلفزيوني داخل فندق تابع للجيش، أو من هي الجهة التي تحملت تلك التكاليف الباهظة.
ونعم التقشف
وفي أول حوار تلفزيوني له، وبينما كان الرجل يطالب المصريين بتأجيل مطالبهم الفئوية بتحسين مستوى معيشتهم، والصبر عامين على حالهم البائس، مرددا جملته الشهيرة "مفيش، أنا لو معايا هاديك، لكن مفيش"، لاحظ المشاهدون أن السيسي ظهر مرتديا ساعة يد ماركة "أوميجا" التي قال إنه رآها في أحد أحلامه، وأول تلك الرؤية بأنه سيحكم مصر ويصل إلى العالمية، ويقارب ثمن تلك الساعة الأربعين ألف جنيه.
وعلق عمرو عبد الهادي البرلماني السابق، والمتحدث باسم جبهة الضمير على ذلك ساخرا بقوله: "السيسي يدعو الشعب للتقشف وهو يرتدي ساعة ثمنها 37 ألف جنيه، ونعم التقشف".
واستفزت دعوة السيسي للمصريين بالتقشف، وزير الإسكان الأسبق حسب الله الكفراوي، أحد مؤيدي الانقلاب، وقال في حديث تلفزيوني الأسبوع الماضي: "إن النظام الحالي يدعو المواطنين للتقشف، بينما إهدار المال العام مستمر دون حساب".
وهاجم الكفراوي النظام قائلا: "بدل ما تقول للناس شدوا الحزام، وتقشفوا 3 سنين، شد أنت الحزام الأول ياروح أمك بدل ما أنت مرحرح".
ثروات هائلة
ونشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لأحد الأندية الاجتماعية التابعة للقوات المسلحة، افتتحه السيسي قبل استقالته من وزارة الدفاع بأيام، ويظهر فيه
البذخ والرفاهية الكبيرة التي أعدت لضباط الجيش وعائلاتهم وتكلفت عشرات الملايين من الجنيهات.
وعلق أحد النشطاء على الصور بقوله: "نادي الجلاء لضباط القوات المسلحة، ده علشان الضباط يروحوا يتقشفوا هناك".
ويقول مراقبون: "إن السيسي وكبار قادة الجيش والمسؤولين ورجال الأعمال المؤيدين له يمتلكون ثروات هائلة، لكنهم لا يقدمون القدوة للشعب في التقشف، كما يطالبونه".
وكتب الناشط تامر أبو عرب مقالا في صحيفة "المصري اليوم"، حول هذا الموضوع قال فيه: "يطالب السيسي المصريين بالتقشف وترشيد الإنفاق الشخصي، لكننا لا نعرف رواتب وزير الدفاع وقيادات القوات المسلحة التي تقدر بالملايين".
وتابع: "انتشرت صورة للمشير يجلس إلى جانب وزير الداخلية وكبار المسؤولين على مائدة طعام يكفي ثمنه لذهاب 10 طلاب إلى جامعاتهم، بوسيلة مواصلات محترمة لعام كامل دون حاجة للسير على الأقدام، من ير التقشف حلا فليبدأ بنفسه أو ليصمت".