قالت داريا سولوفيفا في مقالها الأخير بالصحيفة الالكترونية الأمريكية "انترناشونال بيزنيس تايمز": "إن سيطرة
الجيش المصري على مشروع تنمية قناة
السويس لم تتوقف سوى بعد تولي الرئيس محمد
مرسي للحكم في يونيو 2012 ".
وأضافت عبر مقالها "ولكن مع عودة الجيش للسيطرة على النظام السياسي بعد انقلاب يوليو، استعاد الجيش سيطرته على
الاقتصاد المصري بما في ذلك محور قناة السويس".
وتبين قائلة "إنه على الرغم من سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري لعقود، إلا أنه الآن يتمتع بسيطرة لاحدود لها بشكل غير مسبوق".
وفي حوار أجرته الصحيفة مع أستاذ العلوم السياسية بجامعة كينجز كوليدج بلندن روبرت سبرنجبورج، قال فيه "إن الجيش المصري الآن يسيطر على كل شيء، ويعين أفراده في مختلف الوظائف بالدولة، ويستحوذ على جميع العقود التجارية الخاصة بالدولة، ويمثل الشركات المصرية بالخارج أمام الشركات العالمية".
وحسب قول سبرنجبورج "فإن الجيش المصري الآن، هو المسئول عن استراتيجية التنمية للدولة بأكملها".
وتشير الصحيفة إلى أن أبرز مثال على ما سبق ذكره هو "مشروع تنمية قناة السويس، التي يعبر من خلالها 8 بالمائة من التجارة العالمية، والمشروع المزمع إتمامه في غضون عقدين، سوف يشمل توسعة الميناء وتشييد مطار جديد ومنطقة صناعية جديدة، بتكلفة تقدر بحوالي 8.6 مليار دولار، سيذهب أغلبها لمقاولين باطن أجانب".
وتكمل الصحيفة موضحة أن هذا المشروع يهدف إلى "استيعاب الزيادة في حجم التجارة التي تمر عبر القناة، ومن ضمن المقاولين الأجانب المتعاقدين بالفعل مع المشروع شركة إماراتية تسمى Dubai Ports World، وهي شركة عالمية متخصصة في إدارة الموانيء البحرية، وهي الآن بانتظار الفوز في مناقصة الرصيف الثاني لميناء العين السخنة، الذي تنتوي الشركة استثمار 600 مليون دولار فيه، وسوف يحتوي على 500,000 متر مربع لتخزين حاويات السفن بتكلفة تبلغ 200 مليون دولار".
من جهته، قام اللواء محمد رفعت رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس، بتوقيع عقد مع شركة تيدا الصينية لتطوير ستة كيلومترات مربعة في العين السخنة، وقد بنت الشركات الصينية بالفعل مصانع البتروكيماويات والسيارات والغزل والنسيج على طول قناة السويس.
وبالنسبة لحكومة مرسي، فإن التنافس من أجل السيطرة على مشروع قناة السويس كان سيشكل تهديدا لمشروع، يعد بمثابة كنز بالنسبة للمؤسسة العسكرية، فمنذ عزل مرسي فرضت حكومة العسكر سيطرتها كاملة على عملية تقديم العطاءات، وقامت باختيار 14 شركة، وسوف تعلن عن الفائز في شهر أكتوبر القادم، فيما يعتبر الجيش المقاول الرئيسي للتنمية الاقتصادية في منطقة القناة.
وتوضح الصحيفة أن سيطرة الجيش على القناة هو "جزء من استراتيجية أوسع، تهدف إلى جعل الجيش بمثابة المحرك الرئيسي للاقتصاد المصري، والجيش بالفعل يقوم بتصنيع مجموعة واسعة من المنتجات والأصول، من النفط إلى سيارات فيات، وأجهزة التلفزيون وحاضنات الأطفال، ويمتلك العقارات والأراضي الواسعة في جميع أنحاء مصر، ويعمل كمقاول في مشاريع بناء الطرق".
وتلفت الصحيفة إلى أنه "مع خروج الإخوان المسلمين من الحكم، وانعدام الرقابة الشعبية على أنشطة الجيش، أصبح لضباط الجيش حرية التصرف في الاقتصاد المصري، وبالطبع مشروع القناة هو حلم بالنسبة للضباط، حيث من المتوقع أن تصل أرباح القناة إلى 5.5 مليار دولار هذا العام، وفقا لتصريح لمهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس".
وتتابع الصحيفة "أن المحللين يعتقدون أن عودة الجيش لقيادة البلاد جاءت كرد فعل على شعور الضباط بتهديد مصالحهم الاقتصادية، من قبل حكومة محمد مرسي، بينما يرى أحد المحللين في حوار مع الصحيفة ذاته، أن تخوف الجيش من فقدان السيطرة على المنطقة الاستراتيجية لقناة السويس دفعهم لعزل مرسي".
من ناحيته، يرى سبرنجبورج الخبير في شئون الشرق الأوسط، أن الاخوان المسلمين "كانوا سيعززوا من قوتهم الاقتصادية، من خلال مشروع القناة، وبالتالي كان الجيش سيفقد سيطرته على أكبر مشروع تنموي ستشهده مصر على مدار العقدين القادمين".
وتؤكد الصحيفة أن من أولويات الجيش، قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أن يعيد فرض سيطرته على مشروع تنمية قناة السويس.
وفي الوقت نفسه، يقوم الجيش بالسيطرة على مشاريع الإسكان الضخمة بمساعدة حلفائه الخليجيين، ومثال على ذلك توقيع الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي، في مارس الماضي، عقد بقيمة 40 مليار دولار مع شركة أرابتك الإماراتية، لبناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل.
ويقول سبرنجبورج في حواره مع الصحيفة: "للمرة الأولى منذ عهد عبد الناصر، ومنذ تولي الجيش لشئون الحكم في مصر في 1952، يسيطر الجيش الآن على كل شيء، وهذا أمر غير مسبوق، فالجيش يعمل بدون أي قيود".