أعلنت السلطات الأوكرانية الاثنين أن أمرا صدر باعتقال الرئيس الهارب فيكتور يانوكوفيتش بتهمة القتل الجماعي، وذلك بعد أن عزله البرلمان اثر احتجاجات عنيفة في الشوارع قتل خلالها المتظاهرون برصاص قناصة الشرطة.
وفي حين قال الجيران المتنافسون شرقي وغربي الجمهورية السوفيتية السابقة إن فراع السلطة في
كييف يجب ألا يؤدي إلى تفكك البلاد، قال القائم بأعمال الرئيس أوليكسندر تيرتشينوف إن الزعماء الجدد للبلاد يريدون علاقات مع
روسيا على "أساس جديد من المساواة وحسن الجوار يعترف بالخيار الأوروبي لأوكرانيا ويأخذه في اعتباره."
وستسافر كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي الى
اوكرانيا الاثنين؛ لمناقشة إجراءات دعم الاقتصاد المتعثر الذي قالت وزارة المالية إنه يحتاج إلى معونات خارجية قدرها 35 مليار دولار خلال العامين المقبلين.
وقال ارسين أفاكوف القائم بأعمال وزير الداخلية إن يانوكوفيتش (63 عاما) المدعوم من روسيا والذي فر من كييف بطائرة هليكوبتر الجمعة ما يزال هاربا، بعدما توجه في بادئ الأمر إلى معقل الدعم له في الشرق؛ حيث منع من مغادرة البلاد ثم اتجه جنوبا إلى منطقة القرم.
وقال أفاكوف إن يانوكوفيتش غادر مقر اقامة خاصا في بالاكلافا بمنطقة القرم التي يتحدث سكانها الروسية إلى وجهة غير معلومة، مستقلا سيارة برفقة أحد معاونيه وبعض الحراس.
وهذه نهاية سياسية مخزية ليانوكوفيتش الذي تخلى عنه علنا بعض من أقرب حلفائه السابقين، وجُرد من مقر إقامته الفخم خارج كييف، وشهد عودة ألد أعدائه رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو الى الساحة السياسية.
واستدعت روسيا سفيرها لدى أوكرانيا للتشاور أمس الأحد، واتهمت المعارضة بأنها ضربت عرض الحائط باتفاق انتقالي مع الرئيس الذي تدعمه.
ولم تذكر تفاصيل إلى ما اذا كانت هذه التحركات قد حدثت بالفعل. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن حرس الحدود الأوكراني قوله انه لا توجد علامة على أي تحركات للقوات الروسية قرب الحدود.
وفي ميدان الاستقلال بوسط كييف مهد الانتفاضة لا تزال الحواجز المقامة من الأثاث القديم وإطارات السيارات كما هي وتصاعد الدخان من النيران التي أشعلت بغرض التدفئة وسط الخيام التي يشغلها أشخاص مصصمون على البقاء حتى اجراء الانتخابات في مايو ايار.
وكان هناك بضع مئات في الميدان وبدا عليهم التعب والحزن على مقتل 82 شخصا الاسبوع الماضي لكنهم شعروا ايضا بالانتصار بعد احتجاجات استمرت ثلاثة اشهر.
وعرضت شاشة تلفزيونية كبيرة بجوار المنصة صورا للقتلى. وقال جريجوري كوزنيتسوف (53 عاما) "الوقت ليس وقت احتفال. نحن لا نزال في حرب. سنظل هنا ما دمنا مضطرين لذلك."
وكانت جالينا كرافتشوك وهي امرأة في منتصف العمر من كييف تحمل زهرة قرنفل. وقالت: "نحن نتطلع إلى أوروبا الآن. لدينا أمل. نريد أن ننضم إلى أوروبا."
واستدعت روسيا سفيرها لدى أوكرانيا للتشاور بشأن "الوضع المتدهور" في كييف.
وبعد يوم من فرار يانوكوفيتش عين البرلمان رئيسه الجديد تيرتشينوف رئيسا انتقاليا للبلاد. ويخطط تيرتشينوف وهو حليف لتيموشينكو أن تؤدي حكومته اليمين بحلول غد الثلاثاء والتي يمكن أن تدير الأمور لحين إجراء انتخابات رئاسية في 25 مايو أيار.
ومع سيطرة المحتجين المؤيدن للغرب على كييف وتصميمهم على محاسبة زعمائهم السابقين سارع النواب بتمرير قرارات لتعزيز سلطتهم وإظهار رفضهم للفساد المتفشي وتقديم المسؤولين الذين أمروا الشرطة بإطلاق النار في ميدان الاستقلال للعدالة.
وأي كان من سيتولى المسؤولية فإنه سيواجه تحديا ضخما ليكون على مستوى التوقعات الشعبية وسيجد اقتصادا يمر بأزمة عميقة وسيواجه أقساط ديون حكومية تصل إلى نحو ستة مليارات دولار في الفترة المتبقية من العام.
وقالت وزارة المالية إنها تحتاج مساعدات خارجية بقيمة 35 مليار دولار على مدى العامين المقبلين ودعت لعقد مؤتمر للمانحين يضم ممثلين للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي.
وانخفضت العملة المحلية الهريفنيا 3.8 في المئة اليوم بعد الاحداث المتلاحقة في مطلع الأسبوع قبل أن تنتعش قليلا. وتراجعت تكلفة التأمين على الديون الأوكرانية بدعم من آمال بحصول البلاد على مساعدات لتجنب التخلف عن سداد الديون بينما سجلت السندات السيادية المقومة بالدولار مكاسب في ظل توقعات بأن تركز الحكومة الجديدة على الاقتصاد.
إلى ذلك، قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف الاثنين إن روسيا لديها شكوكا كبيرة بشأن شرعية الذين يتولون السلطة في أوكرانيا بعد الاطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش منتقدا الدول الغربية لاعترافها بمسؤولين قال إنهم أتوا إلى السلطة عن طريق "تمرد مسلح".
وفي بعض من أقوى التصريحات الروسية المنددة بالإطاحة بالزعيم المدعوم من موسكو أوضح ميدفيديف انه ليس مستعدا بعد للحوار مع الشخصية المعارضة السابقة التي عينها البرلمان قائما بأعمال الرئيس.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن ميدفيديف توضيحه سبب استدعاء السفير الروسي في أوكرانيا "لا نفهم ما الذي يدور هناك. يوجد تهديد حقيقي لمصالحنا ولحياة مواطنينا."
وأضاف "بالمعنى الدقيق للكلمة لا يوجد أحد يمكن التحدث إليه هناك. توجد شكوك كبيرة بشأن شرعية قطاعات كاملة من هيئات السلطة التي تعمل الان هناك."
ووصف ميدفيديف بعض نشطاء المعارضة المشاركة في احتجاجات الشوارع التي أدت إلى الإطاحة بيانوكوفيتش بأنهم "رجال يرتدون أقنعة سوداء يحملون الكلاشنيكوف يمزقون كييف."
ونقلت وكالة الإعلام الروسية التي تديرها الدولة عنه قوله "سيكون من الصعب علينا العمل مع حكومة من هذا القبيل. بعض شركائنا الخارجيين يفكرون بصورة مختلفة...يبدو لي خروجا عن المألوف إطلاق صفة المشروعية على ما هو بالاساس نتيجة لتمرد مسلح.