لا شك أن
مصر بعد 3 يوليو تختلف كلياً وجذرياً عن مصر قبل ما يسمى بثورة 30 يوينو ، حيث الحرية بلا حدود لدرجة أن المعارض فى عهد الرئيس محمد مرسى على وجه الخصوص كان آمناً فى بيته وماله ومعاشه يسب ويلعن رأس النظام وحكومته وجماعته وهو على يقين تام بأنه فى أمانٍ بلا تهديد أو ترويع أو خوف من سلطة أو شرطة ستنكل به أوبأسرته أو تحاربه فى عمله ورزق أولاده ، لكن مصر الآن ومنذ 30 يونيو وما تبعه من انقلاب عسكرى مكتمل الأركان على الشرعية فى 3 يوليو الماضى تراجعت لقرنٍ مضى من العبودية والقمع والقهر الفكرى والمعنوى بات من الصعب التعاطى مع تلك الأساليب التى عفا عليها الزمن ونحن فى القرن الحادى والعشرين.
فى مصر ما بعد 3 يوليو لا استقرار ولا استثمار وبالتالى لا توجد رؤية اقتصادية شاملة لنظام لطالما بشّر مؤيديه بعصرٍ جديد من المن والسلوى والرخاء وتفجر ينابيع الخيرات والبركات اللهم إلا إذا كانت الشحاتة والتسول من 3 دول خليجية تُعد رؤية تأخذ من رصيد الإستقلال والكرامة الوطنية أكثر مما تعطى من مليارات الدولارات ، فى مصر بعد 3 يوليو مصر تحارب
الإرهاب على كل الشاشات الرسمية والخاصة ، هذا الإرهاب الذى حكم مصر عاماً كاملاً بالإرادة الشعبية وعبر صناديق الانتخابات الديمقراطية ، فكانت النتيجة أن السياحة صفر وبالتالى لا دولارات ولا عملة صعبة ولا يحزنون ففقدت مصر أهم مورد سريع للعملة الصعبة .
فى مصر ما بعد 3 يوليو نجدها دولةً كسيحة مشلولة تماماً اقتصادياً حيث شبح الإفلاس والتضخم ، واجتماعياً حيث التفكك الأسرى نتيجة الانقسام بين مؤيد ومعارض والتفسخ المجتمعى نتيجة للاستقطاب الحاد بين كل أطراف المجتمع، ودولياً حيث العزلة الدولية المفروضة على نظام انقلب على الديمقراطية فى عصرٍ ولت فيه الانقلابات العسكرية ، بينما كانت مصر قبل 3 يوليو دولةً عرجاء تقف على قدم واحدة رغم كل المعوقات وتواطؤ مؤسسات الدولة العميقة يأتيها السائحين من كل حدب وصوب وكذلك الإستثمارت والمشروعات الضخمة وتبادل الاتفاقيات والعلاقات الدولية.
فى مصر ما بعد 3 يوليو تسير فى اتجاهٍ واحد فقط ولونٍ واحد وطريقٍ واحد فلا صوت آخر أو معارض ، إما نعم للانقلاب وإجراءاته وسياساته والرقص على أنغام تسلم الأيادى أو القتل والسجن أو التشويه والتخوين والويل والثبور وعظائم الأمور.. ففى مصر بعد 3 يوليو تباً لثورة 25 يناير لأنها مؤامرة عالمية قادتها أمريكا على مصر ، بينما من يقوم بتشويه 25 يناير وثوارها هو نفسه من يدعو الشعب الآخر(شعب على الحجار) طبعاً للنزول والاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير فى التحرير فى مشهدٍ تراجيدى حيث من قامت ضدهم الثورة بالأساس هم من يتصدرون المشهد السياسى وانظروا إلى صور الزعيم مبارك تملأ الميدان ولافتة كبيرة مكتوب عليها نصاً ( ممنوع دخول الثوار) ذلك أن من يحكم الآن هو مبارك المعدّل.
فى مصر ما بعد 3 يوليو اكتشفنا أكبر ثلاثة كذبات فى التاريخ الحديث: الأولى : الجيش حمى الثورة.
الثانية : شيخ الأزهر ممثل الشريعة الإسلامية فى مصر.
الثالثة : المملكة العربية السعودية رمز الإسلام والمسلمين فى العالم.
فهل كتب الله علينا أن نعيش بين خيارين باتا عنواناً للمرحلة ، إما أن نرقص للجنرال فرحاً على أشلاء الشهداء ، أو القتل رفضاً للعبودية والقهر والظلم وطلباً للحرية وانتزاعاً للشرف والكرامة .. فهذه مصر الآن إلا من أبى إلا أن يحيا حياة الأحرار والمجد كل المجد للشهداء والأحرار.