روبرت فيسك: أنظمة عربية دكتاتورية تتوحد ضد القاعدة

قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك إنه "لأول مرة في التاريخ الحديث يبدو أن "الحرب على القاعدة تشنها الآن أنظمة الشرق الأوسط، وليس المستثمرون الأجانب". 

ومعلوم أن لفيسك موقفه السلبي من ثورة سوريا، وهو يبدو أقرب لموقف النظام، وإن اعتبر نفسه حياديا في مجمل المواقف حيال أزمات المنطقة التي اشتهر بتغطيتها منذ عقود.

ويضيف في مقاله اليوم الاثنين بصحيفة "إندبندنت" قائلا: "مؤكد أن الأمريكيين لا يزالون يسحقون ناشطي القاعدة، ويستهدفون الأبرياء وهم يحتفلون بالزفاف في باكستان، لكن الجنرال السيسي في مصر والرئيس بشار الأسد في سورية، ورئيس الوزراء نوري المالكي في العراق، والرئيس حسن روحاني في إيران، وحتى الرئيس "الضعيف" ميشال سليمان في لبنان، هم الذين يقاتلون "الإرهابيين" .."

 ويضيف فيسك: هذه الحرب تظهر كيف "أصبح الرجال الأشرار أقوياء بطريقة جعلت الديكتاتوريين المعادين لبعضهم البعض يتجمعون معا لقتال عدو أمريكا.

وهذه هي "الوحدة العربية" كما لم نرها من قبل. الدولة العثمانية عادت للحياة ولكن راقب ما سيحدث".

ويضيف فيسك، جون كيري، الذي يعتبر أكثر وزراء الخارجية إثارة للضحك في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية، والذي وعد بهجمات جوية على سورية، يقول اليوم إن الولايات المتحدة ستقدم الدعم للمعارضة العلمانية التي تقاتل ضد الأسد، والتي تواجه أيضا المتمردين الإسلاميين الذي يقاتلونه، مع أن الولايات المتحدة تريد الإطاحة بـ"إحزر: بشار الأسد"!


وعن السعودية يقول "في الوقت نفسه يواصل السعوديون ضخ الأموال لسورية لمساعدة الجماعة المرتبطة بالقاعدة؛ الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) التي يقاتلها الجيش الحر العلماني وبشار الأسد، في الوقت الذي يواصل السعوديون ضخ المليارات لجيش السيسي في مصر، والذي يخوض اليوم في سيناء حربا مشابهة مرتبطة بـ "إرهاب القاعدة".

 وعن لبنان يقول "في الأسبوع الماضي زعمت السلطات (اللبنانية) أنها القت القبض على ماجد الماجد، الذي يعتبر "المطلوب رقم واحد" من القاعدة في السعودية. وكل ما أكدوه حول هذا الإعتقال المثير للدهشة هو استخدامهم الحمض النووي (دي أن إي) لتأكيد هويته. وجاء اعتقاله بعد أسبوع من تحميل حزب الله السعودية المسؤولية عن الحادث "الإرهابي"، وضرب السفارة الإيرانية في بيروت، والذي تبعه اغتيال سياسي سنّي بارز، ثم بعد ذلك تفجير في الضاحية الجنوبية التي يسيطرعليها حزب الله الأسبوع الماضي". 

واللافت أنه "لم يمض وقت طويل على اغتيال الوزير السابق محمد شطح حتى وعد الأمريكيون بتمويل الجيش اللبناني. كيف يمكن إذن تجنب جرِّ الجيش اللبناني إلى الحرب "ضد الإرهاب". وبعد اعتقال الماجد؟ هناك الكثير من المعجزات في الشرق الأوسط كما تعرف، فالجيش اللبناني لم يؤكد اعتقال الماجد وهويته فقط، بل ووفاته أثناء الاعتقال!".

ومع ذلك فالدعم العسكري الأمريكي للجيش اللبناني سيمضي بوفاة الماجد "بنفس الطريقة التي تقدم من خلالها الولايات المتحدة الصواريخ والطائرات للديكتاتور الشيعي الصغير، الرئيس المالكي في العراق إن واصل ضربه لمتمردي القاعدة في محافظة الأنبار. التاريخ، طبعا يعيد نفسه في الفلوجة والرمادي؛ المدينتان اللتان احتلتا بشكل مستمر وأعيد احتلالهما واحتلتا للمرة الثالثة من قبل الأمريكيين أثناء الاحتلال غير المشروع عام 2003".

 ويذكّر الكاتب بمعركة الفلوجة عام 2004، والتي "زعم المارينز فيها أنهم سحقوا القاعدة في الفلوجة، وبعد ذلك سلموها للشرطة البعثية، ثم بعد ذلك دمّر الأمريكيون المدينة على رأس القاعدة بعد بضعة أشهر- لن نتحدث هنا عن استخدام الأمريكيين للفسفور الأبيض أثناء قصفهم للمدينة، ولا حالات الولادة المشوهة التي ظهرت بعد خمس سنوات-، والآن مرة أخرى يقوم الجيش الذي يتسيّده الشيعة بمحاربة رجال القبائل السنّة في الفلوجة، والذين يقولون إنهم يقاتلون جماعات القاعدة، مثلما يؤكد الجيش السوري الحر أنه يقاتل جماعات القاعدة في سورية".

ويتحدث فيسك عن مؤتمر "جنيف-2" وحديث كيري عن دور إيران فيه قائلا "في الوقت نفسه يقول كيري- الذي لم يوجه دعوة للإيرانيين للمشاركة في "جنيف-2" إن الإيرانيين يمكنهم لعب دور مهم -على الهامش-  في الوقت الذي تقول فيه جماعات المعارضة السورية الرئيسية إنها لن تشارك في المؤتمر السويسري.

 بعبارة أخرى؛ فـ"جنيف-2" بطة ميتة" مثل المسار الفلسطيني- الإسرائيلي الذي لا يزال كيري متفائلا بشأنه، وهي إشارة أخرى إلى أن هذه البطة في طريقها إلى الموت".

ويختم بالقول "من يتذكر اليوم اليقظة العربية أو الربيع العربي كما يحلو لبعض زملائي تسميته؟ حسنا، علينا النظر إلى بعض البيانات المشؤومة الصادرة عن "داعش" نهاية الأسبوع، والتي أعلنت فيها المسؤولية عن تفجير السيارة في بيروت، والذي قتل فيه أربعة مدنيين، واعترفت أنها تقاتل على جبهات ثلاث في العراق وسورية ولبنان.

 وعليه نحن أمام وحدة أنظمة عربية في النهاية. أما بالنسبة للأمريكيين فأفترض أنهم يدعمون الجيش الحر الذي يقاتل القاعدة التي تقاتل الأسد الذي تريد واشنطن الإطاحة به"!!

 وأخيرا يقول فيسك إن الإخوان المسلمين تم تصنيفهم كجماعة إرهابية من قبل السيسي الذي يتلقى الدعم "من نفس الدولة التي تدعم الإرهاب" الإسلامي في سورية والعراق ولبنان. فالسعودية هي المفتاح لكل هذا الهراء، مع أن أحدا لا يقول ذلك، فهي لا تزال حليفة وصديقة "معتدلة" لأمريكا.