قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في
بريطانيا، إن
اعتقال السلطات
اللبنانية للشاعر
المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل
العلامة الراحل يوسف القرضاوي، بعد عبوره من سوريا إلى لبنان يشكل انتهاكًا خطيرًا
لالتزامات لبنان الدولية، محذرة من أن تسليمه إلى مصر يعرضه لخطر جسيم على حياته
وسلامته، في ظل سجل مصر الحافل بالتعذيب والمحاكمات الجائرة ضد المعارضين
السياسيين.
وأوضحت المنظمة أن القرضاوي تم توقيفه السبت
28 ديسمبر/ كانون الأول الجاري من قبل
الأمن العام اللبناني، بناءً على مذكرة تعاون أمني بين لبنان ومصر، رغم أنه لم
يرتكب أي جرم يبرر اعتقاله، حيث صدر بحقه حكم غيابي بالسجن خمس سنوات من محكمة
مصرية معروفة بتسييسها القضايا، واستخدامها القضاء كأداة للتنكيل بالمعارضين.
وأشارت المنظمة إلى أن السلطات المصرية سبق أن استخدمت الاتفاقيات الأمنية مع دول أخرى لتسليم معارضين سياسيين، وهو ما يعكس
انهيار منظومة العدالة في مصر، حيث إنها تُمارس التعذيب بشكل ممنهج، ويتم انتزاع
الاعترافات تحت الإكراه، وسط غياب تام للرقابة القضائية المستقلة.
وحذرت المنظمة من أن تسليم القرضاوي إلى
السلطات المصرية يشكل خرقًا واضحًا للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية مناهضة
التعذيب التي تحظر تسليم أي شخص إلى دولة قد يتعرض فيها لخطر التعذيب. ولفتت إلى
أن السلطات اللبنانية تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة عن أي انتهاك قد يتعرض له
القرضاوي في حال تسليمه لمصر.
ودعت المنظمة السلطات اللبنانية إلى الإفراج
الفوري عن القرضاوي، ووقف التعاون الأمني مع النظام المصري، معتبرة أن الاستمرار
في مثل هذه الاتفاقيات في ظل انهيار القضاء المصري يُعرّض سمعة لبنان الدولية
للخطر، ويجعله شريكًا في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وشددت المنظمة على أن استمرار الحكومة اللبنانية
في التعاون الأمني مع أنظمة مستبدة مثل النظام المصري لا يضر فقط بسمعة لبنان، بل
يهدد أيضًا بتصنيف لبنان كدولة تفتقر إلى احترام القانون وحقوق الإنسان، ما يعمّق
الأزمات التي يعاني منها البلد على مختلف المستويات.
إن احترام وتنفيذ القوانين والمواثيق
الدولية ليس خياراً خاضعا لصفقات سياسيه تحكمها المصالح المتبادله، بل ضرورة
حتميه تعبر عن الالتزام بحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون ما يعزز الثقة
بمؤسسات الدوله السيادية على المستويين الداخلي والدولي.
وطالبت المنظمة المجتمع الدولي، بما في ذلك
الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، بالضغط على السلطات اللبنانية لعدم
تسليم القرضاوي، وضمان احترام التزاماتها الدولية. كما أنها دعت السلطات التركية والدول
المعنية إلى تكثيف جهودها لمنع أي محاولة لترحيله إلى مصر، والعمل على إطلاق سراحه
فورًا.
وأكدت المنظمة أن قضية عبد الرحمن القرضاوي
هي نموذج آخر للسياسات العابرة للحدود التي تسعى من خلالها الأنظمة القمعية لتصفية
معارضيها في الخارج. وشددت على أن لبنان، الذي طالما شكل ملاذًا للمضطهدين، عليه
أن يلتزم بمبادئ حقوق الإنسان، وألا يتورط في تسليم مواطنين لنظام معروف بوحشيته
وانتهاكاته الجسيمة.
وأوقفت السلطات اللبنانية الشاعر والناشط
المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، يوم السبت 28
ديسمبر 2024، لدى وصوله من سوريا عبر معبر المصنع الحدودي. جاء هذا التوقيف بناءً
على مذكرة صادرة عن السلطات المصرية، حيث يواجه عبد الرحمن اتهامات بالتحريض ونشر
أخبار كاذبة تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد.
عبد الرحمن القرضاوي، البالغ من العمر 54
عامًا، كان ناشطًا معارضًا لنظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وواصل معارضته
للنظام الحالي بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي. في وقت سابق، أصدرت محكمة جنح
الدقي حكمًا بحبسه لمدة ثلاث سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة، كما أنه صدر حكم آخر بالسجن
المشدد لمدة ثلاث سنوات في قضية "إهانة القضاء".
في زيارته الأخيرة إلى سوريا، شارك عبد
الرحمن في احتفالات بمناسبة الثورة السورية وسقوط نظام بشار الأسد، ونشر مقطع
فيديو من المسجد الأموي في دمشق، حيث أعرب عن أمله في "النصر" في
البلدان العربية الأخرى التي شهدت انتفاضات، بما في ذلك مصر. هذا الفيديو أثار
استياءً واسعًا، ووُصف بأنه "مهين" في وسائل الإعلام المصرية.
حاليًا، ينتظر القضاء اللبناني تسلم ملف
الاسترداد من السلطات المصرية للنظر في إمكانية تسليمه إلى مصر. بعد تلقي الملف،
سيقرر القضاء اللبناني ما إذا كانت شروط التسليم متوافرة، وفي حال الموافقة، فإنه سيتم
رفع التوصية إلى الحكومة اللبنانية لاتخاذ القرار النهائي.
اقرأ أيضا: دعوات لوقفة تضامنية أمام قصر العدل في بيروت تضامنا مع الشاعر عبد الرحمن القرضاوي