ملفات وتقارير

الجزائر تزيل تمثالا للقائد البربري كسيلة بعد يوم من تنصيبه.. القصة الكاملة

تمثال كسيلة العميل المرتد وصية لأحفاد البطل القومي بوعلام صلصال كي يبنوا له صنما مماثلا مكان الجامع الأعظم في جزائر الاستحلال.. (فيسبوك)
وضعت السلطات الجزائرية حدا للجدل الذي اشتد في اليومين الأخيرين، وقامت بإزالة تمثال القائد الأمازيغي أكسل، بعد يوم واحد فقط من تثبيته في ولاية خنشلة في الشرق الشمالي الجزائري، وبالتحديد في منطقة الأوراس.



وبدأ مشروع إقامة تمثال القائد الأمازيغي أكسيل، بطلب تم توجيهه من إحدى الجمعيات التابعة لوزارة السياحة بهدف تركيب تمثال حصان وفارس في المحور الشرقي لبلدية بوحمامة في ولاية خنشلة، دون الإشارة إلى المقصود بالحصان والتمثال، إلى أن تم الكشف عنه حين تثبيته قبل أيام.



كتب محفوظ يوغرطة البجاوي في تعليق على صورة النحات عبد الرزاق بوسكار مصمم تمثال أكسل قائلا: "النحات عبد الرزاق بوسكار، مصمم تمثال القائد الأمازيغي العظيم أكسل، يستحق الإشادة على عمله الفني الذي جسد ببراعة شخصية تاريخية تمثل الحرية والكرامة والمقاومة".

وأشار إلى أنه و"من خلال هذا التمثال، أعاد النحات إحياء قصة قائد عظيم دافع بشجاعة عن أرضه وشعبه ضد الغزاة، ليبقى رمزا خالدا في ذاكرة الجزائريين".

وأضاف: "يُعد هذا العمل الفني تكريما للأصالة، ويعكس رسالة قوية مفادها أن الهوية والتاريخ يجب أن يكونا جزءا لا يتجزأ من روح الأجيال القادمة. إن تصميم التمثال لم يكن مجرد عملية نحت، بل كان استحضارا لتاريخ مليء بالنضال والتضحيات".

وأنهى محفوظ تعليقه بالقول: "كلمة شكر واعتزاز للفنان عبد الرزاق بوسكار الذي نقل للعالم جزءا من إرث الجزائر الخالد، وأثبت أن الفن يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية".



بينما رأت مي نور ميسون، أن التمثال عبارة عن تجسيد لرغبة استعمارية، وقالت في تعليقها على الصورة والتمثال: "المهم أنت اسمك محفوظ وهو عبد الرزاق، يكثر خير الغزاة الذي أحسنوا لكم الأسماء.. التاريخ هو من يتحدث وليس النقوش على الصخور لأغراض ندرك جيدا مغزاها... إنه فعل لم يفعله أجدادكم ولا آباؤكم ولو رأوا فيه ما رأيتم لكان الأولى من يمجدوه ويذكروه لكن الاستعمار الفرنسي فشل في كل شيء إلا في زرع الفرقة فأعتقد انه قد بدأ ينجح فيها لكن الكارثة بأيدي الجيل الذي عاصره والذي جاء بعده..".

وأضافت: "لما تُصرون على أكسيل دون غيره نظن كاين يوبا ويوغرطا ووووولكن الله غالب إلا المريض الحاقد فأعجز من يداويه.. لله المشتكى من قبل ومن بعد.. والله راكم تخلطوا في حاجة مش مليحة الحذر ثم الحذر حتى (لا تصبحوا على ما فعلتم نادمين) وإياكم والاصطياد في المياه العكرة فقد جربتموها ولم تفلحوا".

أما المغرد إلياس إيليا، فكتب معلقا على ذات الصورة والتمثال: "بشرى.. لقد تم هدم الصنم الذي بناه الوثنيون في خنشلة من طرف الشرفاء الأحرار، احتفاء بالخائن كسيلة قاتل الفاتح العظيم عقبة بن نافع رضي الله عنه".

أما بلال جو، فكتب معلقا على الصورة والتمثال: "بينما الدول تتسابق في تطوير ذاتها، وتحقيق إنجازات وأرقام عالمية، ما زلنا نحن نقبع في بؤر التخلف والصراع الإيديولوجي، قبل أسبوع فقط السعودية تُشدن أطول ميترو بالعالم في الرياض، في حين الصين تتباهى بتحقيقها لفائض تجاري بقدر تريليون دولار.. للمعلومة تدشين تمثال كسيلة بخنشلة ليس مفاده التفاخر بالتاريخ ولا الثقافة المحلية، بل نكاية في الإسلام وحرب غير مباشرة على رموز الفتح الإسلامي، ولو أرادوا غير ذلك لدشنوا تماثيل لملوك بربر عظماء بعد الإسلام أحق بذلك"، وفق تعبيره.



من جهته، كتب الدكتور أحمد بن نعمان الكاتب والباحث في التاريخ الجزائري معلقا على حدث تمثال إكسل قائلا: "تمثال كسيلة العميل المرتد وصية لأحفاد "البطل القومي" بوعلام صلصال كي يبنوا له صنما مماثلا مكان الجامع الأعظم في جزائر بعد غياب الرجال!؟ "..
 
وأضاف: "ما يجري الآن في بربرستان في الجزائر هو نفسه ما جرى في كردستان.. والرسام الذي رسم صورة لنفسه في تمثال إكسل، ولما تم تنصيب التمثال تمت العودة إلى التصريح الأول ببناء التمثال، فلم يجدوا فيه اسم إكسل، ولذلك تمت إزالته لوأد الفتنة"، وفق تعبيره.

وكسيلة هو شخصية تاريخية بارزة من الأمازيغ (البربر)، عاش في شمال أفريقيا في القرن السابع الميلادي خلال فترة الفتوحات الإسلامية. كان زعيمًا أمازيغيًا وقائدًا عسكريًا قويًا في منطقة المغرب الأوسط (الجزائر الحالية). اشتهر بدوره المحوري في الأحداث المتعلقة بالفتوحات الإسلامية ورده على التوسع الإسلامي في المنطقة.

ويُعتقد أن اسمه الحقيقي كان "أكسيل" (Axel) بمعنى "النمر" في اللغة الأمازيغية، وهو ينتمي إلى قبيلة الأوربة الأمازيغية، التي كانت من أبرز القبائل في منطقة المغرب الأوسط خلال تلك الفترة. وكان زعيمًا محنكًا وشخصية محورية في تنظيم المقاومة الأمازيغية ضد القوات الإسلامية.

في البداية، أظهر كسيلة بعض التعاون مع المسلمين الذين دخلوا المنطقة بقيادة القائد العربي عقبة بن نافع. ويُقال إنه أسلم لفترة قصيرة، وربما كان ذلك جزءًا من سياسة تكتيكية للتعامل مع الوضع الجديد.

وبعد عودة عقبة بن نافع من توسعاته في المنطقة، حدثت توترات بينه وبين كسيلة. وفي معركة شهيرة قرب منطقة تهودة (بالجزائر الحالية)، تحالف كسيلة مع بعض القبائل الأخرى، وتمكن من هزيمة عقبة بن نافع وقتله في عام 683 ميلادية.

بعد انتصاره، أصبح كسيلة قائدًا على جزء كبير من شمال أفريقيا، وأسس حكمًا في مدينة القيروان (في تونس الحالية). حكمه كان قصير الأجل، لكنه شكّل تحديًا كبيرًا للمسلمين في المنطقة. وبعد بضع سنوات من حكمه، جُرّد من السلطة نتيجة تقدم الجيوش الإسلامية مجددًا بقيادة زهير بن قيس البلوي، وقُتل في معركة عام 688 ميلادية، لتنتهي بذلك مرحلة قيادته.