نشرت صحيفة "
هآرتس" تقريرًا يسلط الضوء على الفيلم الوثائقي "ملفات بيبي" للمخرجة أليكسيس بلوم، والذي يعرض لقطات حصرية للتحقيقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو وعائلته، موضحًا
الفساد والفضائح القانونية التي تحيط بنتنياهو ومدى تأثيرها على مؤسسات ومستقبل "إسرائيل".
وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الحرب التي خاضتها "إسرائيل" على مدار السنة الماضية طغت على المحاكمة الجنائية الجارية ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتهم فساد، كما أخمدت أيضًا الاحتجاجات الجماهيرية ضد مساعي رئيس الوزراء لتقويض استقلالية القضاء الإسرائيلي.
إلا أن العرض العالمي الأول لفيلم "ملفات بيبي" في مهرجان الأفلام الوثائقية بنيويورك أعاد -وفقا للصحيفة- التذكير بوصول المجتمع الإسرائيلي إلى نقطة الانهيار، والتي بلغت ذروتها بانزلاق المنطقة إلى
الفوضى بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وأوضحت الصحيفة أن فيلم "ملفات بيبي" يعرض بعض اللقطات الحصرية المسربة من تحقيقات الشرطة مع رئيس الوزراء، بالتزامن مع الادعاءات الأخيرة حول سوء السلوك في مكتب نتنياهو، معتبرة أنه يقدم نظرة مرعبة من وراء الكواليس على نتنياهو ودائرته المقربة، ويُظهر تآكل مؤسسات الحكم في "إسرائيل".
ويكشف الفيلم الآليات التي وضعها نتنياهو وحلفاؤه للحفاظ على السلطة والسيطرة على مؤسسات الحكم، كما يقدم مشهدًا خاليا من المساحيق لرئيس الوزراء جالسًا في مكتبه، يجيب على الأسئلة بنبرته الجهورية المألوفة، في موقف الدفاع وليس الهجوم.
وأضافت الصحيفة أن الفيلم يربط أيضًا بشكل معقد بين صعود نتنياهو إلى السلطة ومشاكله القانونية اللاحقة، من منظور أولئك الذين عملوا معه وخدموا تحت قيادته وأرّخوا لمشواره السياسي.
وذكرت الصحيفة أن من بين هذه الشخصيات المقربة من نتنياهو التي ظهرت في الفيلم، الملياردير الراحل شيلدون أديلسون وزوجته ميريام، وهي من كبار المتبرعين لترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
كما يظهر أيضًا المنتج الهوليوودي أرنون ميلتشان ومساعدته السابقة هداس كلاين، وإيريس وشاؤول إلوفيتش، وهما زوجان متهمان في إحدى قضايا الفساد بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وقد برر هؤلاء أفعالهم مثلما يعرضه الفيلم بتنفيذ أوامر نتنياهو للبقاء قريبا من كرسي السلطة.
وحسب الصحيفة، فإن نتنياهو ظهر في الفيلم بصورة مختلفة عن تلك التي يظهر بها عادة أصحاب النفوذ، فقد بدا فاقدا لرباطة جأشه، وفي إحدى اللقطات كان يضرب الطاولة ويدّعي أنه لا يتذكر شيئا، وفي أخرى كان يصرخ في وجه المحققين الإسرائيليين "يا له من كاذب" باللغة الإنجليزية.
وأضافت الصحيفة أن الفيلم صوّر زوجة رئيس الوزراء سارة، على أنها الأكثر تأثيرا عليه، وأنها شخصية متقلبة؛ حيث كانت كثيرًا ما تصرخ وتلوّح بيدها وتقلل من شأن المحققين، بينما شبّه ابنهما يائير المحققين بضباط "الغستابو".
وتقودنا لقطات الاستجواب في الفيلم إلى المحاكمة نفسها، والتي بدأت في المحكمة المركزية بالقدس في أيار/ مايو 2020، ولا تزال مستمرة بوتيرة بطيئة. كما نشهد أيضًا رد الفعل العنيف وغير المسبوق ضد حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة عبر الاحتجاجات الجماهيرية التي ميزت الأشهر التسعة الأولى من سنة 2023.
يعرض الفيلم بعدها أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر وما أعقبها من مشاهد مروعة في غزة، ثم يتحوّل المشهد إلى نتنياهو وهو يخاطب الكونغرس الأمريكي في تموز/ يوليو الماضي بتصريحات عن "النصر الكامل". بعدها يصبح الخيط السردي للفيلم واضحًا ويجعل القصة مؤثرة بشكل مأساوي ووثيقة الصلة بالأحداث، وفقا للصحيفة.
واعتبرت الصحيفة أن الفيلم الوثائقي كان يمكن أن يصبح قصة جريمة مكتملة، لولا أن محاكمة نتنياهو مازالت متواصلة ولا أحد يعرف موعد نهايتها.
وقد رفضت محكمة القدس مؤخرًا طلب رئيس الوزراء بتأجيل موعد شهادته لمدة شهرين ونصف، وجاء قرار المحكمة في أعقاب مناشدات من عائلات الرهائن بعدم تأخير شهادته، معتبرين أن إدلاءه بشهادته قد يدفعه إلى اتخاذ قرارات مدفوعة بالمصلحة الوطنية وليس مصالحه الشخصية.
ووفقا للصحيفة، لا يكشف الفيلم فقط شبكة نتنياهو المتشابكة بين دوائر الإعلام والسياسة والمال، بل يُظهر أيضًا العلاقة المدمرة بين السعي للبقاء في السلطة والاستعداد لتعريض الشعب الإسرائيلي لخطر تفكيك مؤسسات الدولة.
ويقول الصحفي رفيف دروكر، وهو أحد منتجي الفيلم الوثائقي: "لم يحاول التستر على ذلك، لقد حاول تفكيك النظام بأكمله".