ملفات وتقارير

ما دوافع الإعلان عن تشكيل "تحالف سياسي جديد" للأحزاب اليمنية؟

يسعى هذا التحالف وفق ما ورد في لائحته التنظيمية إلى "توحيد الجهود السياسية"- إكس
أعلنت 23 من الأحزاب والمكونات السياسية في مدينة عدن اليمنية، عن تشكيل تحالف سياسي جديد أسمته "التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية"، وسط أسئلة عدة عن دوافع هذه الخطوة.

وجاء الإعلان عن هذا التكتل بعد أشهر من لقاءات مكثفة بين تلك المكونات والقوى، في سياق المساعي لتكوين جبهة عريضة من القوى المؤيدة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

وقد أقيم حفل إشهار هذا الائتلاف في عدن، الثلاثاء، حيث اختير رئيس مجلس الشورى والقيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام، أحمد عبيد بن دغر، رئيسا له في دورته الحالية، وسط رفض من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

تجربة شاملة

وقال رئيس التكتل الوطني أحمد بن دغر في كلمته خلال حفل الإشهار، إن هذا الائتلاف "تدشين لتجربة تحالفية جامعة، ونريدها شاملة، وستكون إن شاء الله كذلك".

وأضاف رئيس مجلس الشورى اليمني: "نحن اليوم نطور تجربتنا التحالفية التي نشأت في خضم المعركة مع الحوثيين، وقد آلينا على أنفسنا الخوض في الصعب من واقعنا وننتقل ببرامجنا من مكون إلى آخر بأفق أوسع ورغبة حقيقية في التعاون والعمل المشترك، بعيدًا عن روح التعصب أو القفز على واقع تهددنا فيه المخاطر والمنزلقات".

وأشار إلى أن التحالف يمثل أوسع قاعدة وأكثر انفتاحا، وقد انضمت إليه سبعة مكونات سياسية، كلها تتمتع بحضور سياسي واجتماعي كبير، ومثلت الفارق في مسار التحالفات المناهضة لـ"الانقلاب".

وأكد بن دغر أن "قيام هذا التحالف السياسي الوطني العريض يعد خطوة مهمة تهيئ لمناقشات سياسية، وتهدف إلى تعزيز الاستراتيجيات القائمة على الإجماع الوطني والوصول إلى حوار يمني-يمني يفضي إلى حل شامل وعادل، ينهي الانقلاب ويستعيد الدولة، ويؤسس لعهد جديد".

ودعا "جميع القوى اليمنية إلى اللحاق بهذا الإطار الوطني الواسع المنفتح على كل مكون سياسي يرى في مواجهة الانقلاب الحوثي ورفض الإمامة في صيغتها الحديثة المخاتلة والمخادعة واجبا وطنيا".

"الانتقالي" يرفض
من جانبه، رفض المجلس الانتقالي المنادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله، والمدعوم من أبوظبي، الانضواء في هذا التحالف، وأعلن رفضه المشاركة في اجتماعات الأحزاب والقوى السياسية اليمنية المنعقدة في عدن.

وذكر بيان للمتحدث باسم المجلس، سالم العولقي، تأكيد المجلس أنه تابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه عدد من الأطراف لإعلانه، مشيراً إلى أنه لن يشارك في هذا التكتل أو الأنشطة المرتبطة به، وسيعلن لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التحالف الجديد.

دوافع التكتل
وفي السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، ناصر الطويل، أن دوافع الإعلان عن هذا التكتل تندرج في حاجة السلطة الشرعية إلى إطار غير رسمي، يضم المكونات والأحزاب لمواجهة التحديات التي تعترضها ويخفف من حالة التناقضات بين القوى والمكونات المنضوية في المجلس الرئاسي.

وقال الطويل في حديث خاص لـ"عربي21" إن "مجلس القيادة الرئاسي يقوم على مبدأ الشراكة الواسعة وقد ضم مختلف القوى والأطراف في إطاره، وجانب الشراكة لهذا المجلس يقتضي أن يكون هناك شراكة بين المكونات وإطار يجمع القوى الداعمة له".

وأشار الأكاديمي اليمني إلى أن هذا الكيان ليس جديدا، فقد تشكل إطار وتكتل للأحزاب والقوى السياسية الداعمة للسلطة الشرعية في عام 2019، أثناء فترة حكم الرئيس المنقولة صلاحياته عبدربه منصور هادي.

وقال إن "ثمة أطرافا تدفع نحو هذا الاتجاه، فرئيس مجلس القيادة الرئاسي هو واحد من الأطراف التي تدفع نحو إطار واحد للمكونات والأحزاب، إضافة إلى الجهود التي تبذل في لجنة التشاور والمصالحة الوطنية والتي تعزز هذا الأمر".

وبحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، فإن "الجهود الأكبر في تقديري ـ هي جهود حزب التجمع اليمني للإصلاح، لافتا إلى أن الحزب طرف أساسي يقف خلف هذا الكيان".

وتابع: "من الملاحظ أن لدى الإصلاح أولوية في تشكيل هذا التحالف، وهذا ما بدا واضحا في الخطابات التي يلقيها رئيس الحزب (محمد اليدومي) في السنوات الأخيرة خلال الذكرى السنوية لتأسيس الحزب.. هي غالبا تركز وتدعو لتشكيل مثل هذا التحالف السياسي".

وأوضح أن هذا التكتل "يأتي استجابة لحاجة المجلس الرئاسي أولا ولوجود أطراف فاعلة تدفع نحوه ثانيا، فضلا عن أن المعركة الحاسمة نحو استعادة الدولة من وجهة نظر الأطراف الرئيسية الداعمة للسلطة الشرعية وفي مقدمتها حزب الإصلاح تقتضي وجود مثل هذا الإطار".

وذكر أن "إعلان هذا التحالف من مدينة عدن، كونها العاصمة المؤقتة للبلاد، يحمل دلالات مهمة، لأن إعلانه من خارجها، سيكون بلا معنى، ولن يكون له قيمة تذكر".

أما اعتراض المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، فقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء إن هذا الموقف من الانتقالي يأتي، فيما الهيئات العليا في رئاسة هذا المجلس لديها توافق مع هذا الكيان، مرجعا موقفه الرافض المعلن إلى "حالة التعبئة السابقة للمجلس الانتقالي" والتي ربما منعه من الانخراط في إشهار هذا التحالف.

ولم يستبعد أن يلتحق المجلس الانتقالي في عضوية هذا التحالف بعد أن تهدأ خواطر ومشاعر تيار من أنصاره"، مشددا على أن هذا التحالف السياسي سيكون له معنى إذا ما كان الانتقالي عضوا فيه.

واستدرك قائلا: "لكن إذا استمر الانتقالي بعيدا عن هذا التحالف، فلن يكون ذا تأثير أو دور كبير في الحياة السياسية اليمنية".

ويسعى هذا التحالف السياسي وفق ما ورد في لائحته التنظيمية إلى "توحيد الجهود السياسية الوطنية، والعمل على معالجة القضايا الرئيسية التي تواجه اليمن"، و"استعادة الدولة اليمنية، وتوحيد القوى لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية ضمن إطار وطني، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية".