مع قرب عودة انعقاد
الكنيست الإسرائيلي الأسبوع المقبل ضمن فترته الشتوية، فإن إحدى الخطوات الأولى المخطط لها للائتلاف الحكومي، هي الترويج لمشروع قانون عضو الائتلاف سيمحا روثمان، الذي سيحرم السلطة
الفلسطينية من الحق في المثول أمام المحكمة العليا، في محاولة منه مرة أخرى لـ"قصّ" أجنحتها.
ورغم أن هذه المرة قد يسعى روثمان لتقويض التزامات الاحتلال، سيؤدي ذلك إلى مزيد من الخلاف مع مؤسسات القانون الدولي.
وقال مراسل الشؤون القانونية في موقع "
زمن إسرائيل" يوفال يوعاز؛ إن "ما سيقدم عليه الائتلاف الحكومي قريبا من افتعال أزمة دبلوماسية دولية، وكأن الدولة لا تعاني من مشاكل في الوقت الراهن، ففي بداية الأسبوع المقبل ستنتهي أطول عطلة صيفية في تاريخ الكنيست، وسيعود الضجيج المدمر لأعضاء الائتلاف إلى قوته القصوى".
وأضاف يوعاز في تقرير ترجمته "عربي21"، أن ذلك سيتم من خلال "التحضير لإطلاق طوفان من مشاريع القوانين، واقتراحات النظام، والخطب الصاخبة، والمشاجرات في اللجان البرلمانية، والترويج الذاتي لأعضاء الكنيست، مع مساعدة الحكومة على إخفاء المناقشة النقدية لتحركاتها، وهذا كله في أحسن الأحوال".
وبين أنه "في أسوأ الأحوال، فإن مشاريع القوانين المتطرفة التي من شأنها أن تلحق أضرارا جسيمة بمصالح الدولة ستظل تحظى بدراسة جدية، وأحد هذه المقترحات هو مشروع قانون نيابة عن رئيس لجنة الدستور، عضو الكنيست سيمحا روثمان، لحرمان
السلطة الفلسطينية من حقها في تقديم التماسات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وهو اقتراح ينبع، في أحسن الأحوال، من جهل مروع، وفي الحالة الأكثر احتمالا من الخبث".
وأشار إلى أن "مشروع القانون المذكور، من شأنه تخريب مصالح إسرائيل لدوافع سياسية وحزبية ضيقة، شبيه بمشروع قانون آخر قدمه روثمان ذاته بشأن إنكار سبب المعقولية في الالتماسات المقدمة إلى المحكمة العليا بشأن قرارات الحكومة، الذي أصبح قانونا، وتم إلغاؤه بحكم تاريخي، لكن مشروع القانون الحالي يسعى لإضافة بند لقانون القضاء الأساسي، مما يقلل من السلطة التقديرية للمحكمة، ويضيف الاقتراح بندا فرعيا من القانون الأساسي، الذي يخول المحكمة العليا التصرف وفقا لذلك".
وذكر أن "مشروع القانون المقترح جاء فيه أن المحكمة لن تحتاج إلى طلب بموجب هذه المادة، إذا كان مقدم الطلب فيها يدفع مكافأة للعمليات المسلحة المعادية، كما هو محدد في قانون تعويض ضحايا الإرهاب (التعويض مثلا، أو طرف ينوب عنه، بسبب عمل معاد لصالح من ارتكبه، أو من ينوب عنه، بما في ذلك مجموعة من الأشخاص، سواء كانوا نقابيين أو غير نقابيين، وكذلك السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير الفلسطينية، أو أي شخص".
وأشار إلى أن "مشروع القانون المذكور يشكل تهديدا جسيما لم يعرف النظام القضائي مثله بعد، يهدف على ما يبدو للتأثير عليه وعلى أحكامه، كما أن هذا السلوك المشين وصفة مجربة ومختبرة للضرر القاتل على النظام السياسي، وتعبير عن عجز الحكومة وفسادها المستمر، وحنينها للماضي، ومثل هذه الإهانة لن تمرّ؛ لأنها تعني رشّ المزيد من السم باتجاه المحكمة العليا".
وقدمت المحامية سوزان زوهار، التي تمثل السلطة الفلسطينية، إجابة جيدة بالقول؛ إن "القانون لا يتحدث إلى طرفي المعادلة، بل يحرم السلطة الفلسطينية فقط من الأموال التي يحق لها الحصول عليها بموجب اتفاق أوسلو، وفي الوقت نفسه، تواصل المحاكم المدنية في إسرائيل النظر في المطالبات المالية ضد السلطة الفلسطينية؛ والحكم في قضيتها يظهر كمتهم أمام المحاكم المدنية، التي تحكم في التزامها بتعويض ضحايا العمليات المسلحة؛ ولا يقترح سوى حرمانها من حق المثول أمام المحكمة العليا".
وأوضحت أن "روثمان يلعب مرة أخرى ضمن محاولات قصّ أجنحة المحكمة العليا، في إطار الانقلاب على النظام الذي يجري الترويج له، ولكن هذه المرة في طريقهم لإلحاق ضرر جسيم بالسياسة الإسرائيلية الهادفة لحرمان السلطة الفلسطينية من حق المثول أمام المحكمة العليا، مما يقوّض التزامات إسرائيل بموجب اتفاقيات أوسلو، التي تواصل الالتزام بها بإخلاص، رغم الخطاب المعاكس من جانب السياسيين منذ عام واحد فقط، حيث مدد الكنيست خمس سنوات أخرى قانون سريان أنظمة الطوارئ".
وتواصل الحكومة الإسرائيلية من جانبها تنفيذ إجراءات "المساعدة القانونية المتبادلة مع آليات السلطة الفلسطينية، لضمان الاستمرارية في تطبيق القانون في مختلف مناطق الضفة الغربية".
وكشفت أن "حرمان السلطة الفلسطينية من حقها في الوقوف أمام المحكمة العليا، قد يؤدي أيضا لتقليص حق الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية في الوقوف أمامها، مما سيؤدي لمزيد من تشابك إسرائيل أمام مؤسسات القانون الدولي؛ لأنه منذ العام 1967، أبواب المحكمة العليا مفتوحة أمام كل فلسطيني، وهذا أحد العناصر الأساسية التي تعطي الشرعية للاحتلال المستمر للأراضي، وانتهاك حق الوقوف أمامها يعني انتهاك مبدأ التكامل".