يومًا بعد يوم تثبت الحكومة الاتحادية
الألمانية أنها حكومة منحطة يقودها وزراء من سلالة شيطانية فاشية نازية لم يتعلموا
شيئًا من عهود الإبادة والمذابح التي ارتكبها آباؤهم بحق عرقيات مختلفة داخل وخارج
الأراضي الألمانية.
بالأمس خرجت علينا وزيرة الخارجية الألمانية
بتصريحات أمام مجلس النواب (البوندستاغ) وكأنها تتحدث بلسان جدها جوبلز وزير
الدعاية في الحقبة النازية، تبرر فيها المذابح التي ترتكبها حكومة نتنياهو في قطاع
غزة بإلقاء أطنان من القنابل على المدنيين عشوائيًا على مدار أكثر من عام، الأمر
الذي أدى إلى القضاء على كل مظاهر الحياة.
لم تكتف وزيرة الخارجية وحكومتها بتبرير
الإبادة وتزويد إسرائيل بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة ودعمها سياسيا على كل
المستويات وتحديها لكل الدعوات لوقف تصدير الأسلحة، حيث أعلن المستشار الألماني أن
حكومته ستستمر بتزويد إسرائيل بكافة أنواع الأسلحة اللازمة، بل خطت خطوة أخرى
للدفاع عن مرتكبي هذه الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية.
طوال عقود من الاحتلال ثبت بالدليل القاطع أن الجهاز القضائي في الكيان ما هو إلا أداة في منظومة فاشية مسخر لشرعنة القرارات التي يصدرها المستوى السياسي والأمني والعسكري، ولم يمتلك أي إرادة في التحقيق في الجرائم التي ترتكب يوميًا في حق الفلسطينيين.
ففي السابع من أكتوبر نشرت المحكمة الجنائية
الدولية تعديلًا لمطالعة دولة ألمانيا فيما يعرف بـ”طلب صديق المحكمة”، تطعن فيه
في طلب مذكرات إلقاء القبض على نتنياهو وجالانت الذي تقدم به مدعي عام المحكمة إلى
الغرفة التمهيدية في مايو الماضي. وجاء في المطالعة أن المدعي العام لم يراعِ
المادتين 17 و18 من اتفاقية روما التي تعتبر اختصاص المحكمة مكملاً للاختصاص
الوطني.
ليس مفهومًا كيف قبلت المحكمة تسجيل هذا
التعديل في وقت متأخر، حيث كان آخر موعد لتقديم المطالعات في السادس من أغسطس
الماضي، علاوة على أن المحكمة حددت أن المطالعات تتمحور حول نقطة في اتفاقية أوسلو
وهي أن السلطة
الفلسطينية لا تملك اختصاصًا قضائيًا في مواجهة الإسرائيليين،
وبالتالي فهي لا تستطيع إحالة الجرائم المرتكبة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
كان يتوجب على المحكمة رفض تسجيل هذا
التعديل لانقضاء المدة وأن تبت منذ وقت طويل في طلب المدعي العام، لكنها تلكأت
وتباطأت مما أثار العديد من علامات الاستفهام حول سلوك القضاة وتوجهاتهم في ضوء
التهديدات والضغوطات التي تتعرض لها المحكمة.
المطالعات التي قُدمت في حينها شددت على أن
القضاة ما كان ينبغي لهم فتح الباب أمام “طلب صديق المحكمة” كون الطعن المطروح
ابتداءً من قبل الحكومة البريطانية والذي سحبته لاحقًا لا يحتاج إلى تفسيرات
وشروح، وأن القضاة من تلقاء أنفسهم يجب الرد عليه، فاتفاقيات أوسلو وما جاءت به
تخالف بشكل فج القواعد الآمرة في القانون الدولي الإنساني وعلى رأسها حق الشعب
الفلسطيني بتقرير المصير.
التعديل الذي احتواه طلب ألمانيا والذي
ارتكز على أن إسرائيل تمتلك جهازًا قضائيًا مستقلاً قادرًا على التحقيق في الجرائم
المرتكبة وأنها لم تُعطَ الفرصة لذلك وفقًا للقاعدة المعمول بها في المحكمة بأن
اختصاص المحكمة الجنائية الدولية مكمل للاختصاص الوطني، مثير للسخرية وفيه الكثير
من الاستخفاف بالعقول والحقائق على الأرض.
طوال عقود من الاحتلال ثبت بالدليل القاطع
أن الجهاز القضائي في الكيان ما هو إلا أداة في منظومة فاشية مسخر لشرعنة القرارات
التي يصدرها المستوى السياسي والأمني والعسكري، ولم يمتلك أي إرادة في التحقيق في
الجرائم التي ترتكب يوميًا في حق الفلسطينيين.
اي إنسان يتمتع بالحدود الدنيا من المعرفة
يدرك أن هذا الكيان طوال أكثر من 75 عاما ارتكب أفظع الجرائم ولم يحقق بواحدة منها
وهو أن حقق في عدد محدود بعد مماطلة فإن ما يصدر من أحكام لا يرق إلى مستوى
الجريمة، بل بعضها يرق إلى الاستهتار والإمعان في إذلال الضحايا كما حدث في
المحاكمة الشكلية لمرتكبي مجزرة كفر قاسم في خمسينات القرن الماضي حيث حكم على
بعضهم بأحكام مخففة وفرضت غرامة على قائد الوحدة بقيمة قرش واحد فعرفت بمحاكمة
"القرش".
كل المذابح التي ترتكب اليوم في قطاع غزة
وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة ترتكب بقرارات من حكومة الاحتلال فمن يجرؤ على
فتح تحقيق مع نتنياهو أو غالانت او بن غفير؟ وهل من يدمر بلدا كاملا ويقتل ويجرح
أكثر من 140 ألف إنسان معتبرًا اياهم حيوانات بشرية ويستخدم التوراة والتلمود
فتاوى الحاخامات للفتك بهم، يملك ذرة ضمير لتفترض الحكومة الألمانية أنه مهتم بفتح
تحقيقات لتحقيق العدالة؟ أكثر من هذا الحكومة الألمانية وصلت في دمويتها لتدفع في
مطالعتها أن حكومة الاحتلال منخرطة ومنشغله في أعمال عسكرية يجب إعطائها مزيد من الوقت
لفتح تحقيقات ريثما تنتهي من مهمتها!
القضاء في كيان إحلالي عنصري فاشي غير ذي
صلة بالعدالة، وهذا أمر مفروغ منه وواضح لقضاة المحكمة الجنائية الدولية. لكن
اندفاع الحكومة الألمانية في إثارة دفوع من هذا النوع لتعطيل العدالة وتكريس
الإفلات من العقاب يثير تساؤلات حول دوافع قادة هذه الحكومة.
ليس الدافع فقط العقدة التي تسببت بها
الحقبة النازية، إنما أيضًا أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لديها ملفات
للمسؤولين في الحكومة الألمانية تبتزّهم متى وكيف تشاء، تجعلهم لا يتنفسون ولو
بكلمة واحدة فيها تعاطف مع الضحايا في قطاع غزة، وإن فعلوا ذلك فستخرج هذه الملفات
للعلن.
وأبرز مثال على ذلك وزيرة الخارجية
الألمانية تلفظت بخجل قبل أشهر بضرورة احترام إسرائيل للقانون الدولي الإنساني
فبرز فجأة تقرير في صحيفة "Zeitgeschehen" بعنوان "الجنس مقابل المال"
ومضمونه ان وزيرة الخارجية تدفع المال لرجل أفريقي لممارسة الجنس عندما تقوم
برحلات خارجية الأمر الذي نفته وزيرة الخارجية بشدة متهمة روسيا أنها وراء هذه
الدعاية السوداء.
لكن من يعمل بالدعاية السوداء يواجه بدعاية
أخرى فمن يدري ربما هذا ما يفسر خروجها الوقح امام البرلمان الألماني بتصريحات
تبرر فيها الجرائم التي ترتكبها حكومة الاحتلال بحق المدنيين ندما على صحوة ضميرها
في لحظة ما وخوفا من ملفات اخرى ثقيلة هُددت بها إن خرجت للعلن قد تطيح بها، وهذا ينطبق على رئيس الحكومة وغيره
فالاستخبارات الإسرائيلية تملك ملفات أقلها صلة القرابة بين هؤلاء ونازيين شاركوا
في الجرائم في عهد هتلر.
الحكومة الألمانية طوال أكثر من عام وهي تعلن جهارًا نهارًا دعمها للإبادة الجماعية في قطاع غزة، ولم تجد من يتصدى لها من أكثر من 53 دولة عربية وإسلامية، ولم نسمع حتى أن استدعي سفير لألمانيا في إحدى هذه الدول للاحتجاج على تصريحات وزيرة الخارجية.
التجسس وجمع المعلومات عن حياة الساسة
الشخصية حول العالم ممارسه عاديه لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وهو روتين تمت
المصادقة منذ زمن طويل، حتى لو كان أقرب الحلفاء لمحاولة السيطرة عليهم وأحدث مثال
على ذلك التجسس على المدعية العامة السابقة والحالي للمحكمة الجنائية الدولية وجمع
معلومات خاصه عن عوائلهم كما قام المنحط نتنياهو في زرع جهاز تنصت في حمام بوريس
جونسون رئيس الوزراء البريطاني السابق الذي يصف نفسه بأنه صهيوني ولا يترك مناسبة
دون أن يقدم فيها كل الدعم لهذا الكيان.
الحكومة الألمانية طوال أكثر من عام وهي
تعلن جهارًا نهارًا دعمها للإبادة الجماعية في قطاع غزة، ولم تجد من يتصدى لها من
أكثر من 53 دولة عربية وإسلامية، ولم نسمع حتى أن استدعي سفير لألمانيا في إحدى
هذه الدول للاحتجاج على تصريحات وزيرة الخارجية.
التحرك الوحيد ضد ألمانيا جاء من بعيد عندما
تقدمت نيكاراغوا بدعوى أمام محكمة العدل الدولية في آذار الماضي متهمة إياها
بالاشتراك في الإبادة الجماعية طالبة فرض تدابير احترازية ضدها، إلا أن المحكمة
رفضت فرض تدابير احترازية مرجئة الحكم في موضوع الدعوى لأشهر قادمة.
وزيرة خارجية ألمانيا محقة في عربدتها
واستحلال دمنا، فهي تنتمي إلى منظومة الغطرسة التي تحكم العالم، تشعر بالزهو أمام
ضعفنا وهواننا. فمشكلتنا ليست معها، مشكلتنا أننا أمة انحطت إلى الدرك الأسفل من
الضعف والذل، يقودها حثالة من المطبعين والخونة والجبناء، فأصبحنا لقمة سائغة على
موائد حفنة من شذاذ الآفاق يتحكمون بمصائرنا جعلوا منا إرهابيين وحيوانات بشرية لا
نستحق الحياة.