نشرت صحيفة "
الغارديان" البريطانية، تقريرا، أعدّه جوناثان غويير، قال فيه إن: "مسؤولي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو أس إيد) قد حضروا اجتماعات في
قاعدة سيدي تيمان، التي شهدت انتهاكات "فظيعة" للمعتقلين
الفلسطينيين".
وأوضح التقرير، الذي ترجمته "عربي21" أن "المسؤولين الرسميين في الوكالة، حضروا اجتماعات يومية في القاعدة العسكرية سيئة السمعة التي استشرى فيها تعذيب الفلسطينيين".
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بدء ما يُسمّى بـ"عمليات الإغاثة الإنسانية الإسرائيلية في القاعدة العسكرية، في 29 تموز/ يوليو وبحضور أمريكي منتظم".
وبحسب المصادر نفسها، قد "كلّفت الوكالة بإيصال المساعدات الإنسانية الضرورية إلى
غزة. فيما تم استخدام قاعدة سيدي تيمان، كمركز احتجاز مؤقت للمعتقلين من غزة بعد عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023".
وفي السياق نفسه، قالت منظمات حقوق الإنسان والمعتقلين الفلسطينيين الذين أفرج عنهم من القاعدة إنهم تعرضوا لانتهاكات فظيعة وتعذيب، أثناء وجودهم فيها. وفي تموز/ يوليو قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي بدمج عدة آليات مختلفة وموكلة بعمليات المساعدات في غزة، في هيئة واحدة، وهو "مجلس التنسيق المشترك" أو "جي سي بي" ومقره في سيدي تيمان، مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة وعدد من المنظمات غير الحكومية الدولية.
إلى ذلك، اطّلعت
الصحيفة على وثيقة داخلية تابعة لـ"يو أس إيد" تشير إلى الموقع الحالي لسيدي تيمان، خارج مدينة بئر السبع في جنوب الاحتلال الإسرائيلي. وفي الوثيقة، يرتبط اسم القاعدة بمدخلها على موقع ويكيبيديا، والذي يعرض صور السجناء الفلسطينيين معصوبي الأعين ويشرح تفاصيل سوء معاملتهم.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، لصحيفة "الغارديان"، إن "اثنين من مسؤولي يو أس إيد يسافران إلى سيدي تيمان يوميا لحضور اجتماعات جي سي بي مع المسؤولين الإسرائيليين والأمم المتحدة".
وقال مسؤول أمريكي: "لا أستطيع النوم في الليل لمعرفتي بأن [التعذيب] مستمر، وهذا نوع من التعذيب النفسي بجعل شخص يعمل هناك". فيما أكّد جيش الاحتلال الإسرائيلي مكان "جي سي بي" ولكنه لم يرد على الأسئلة بخصوص السجن. وليس من الواضح ماذا رأى المسؤولون الأمريكيون من الجزء الذي يحتجز فيه الفلسطينيون.
كذلك، ذكر موقع "جويش إنسايدر" أن "الفرقة التي تشرف على دخول المساعدات الإنسانية وعمل منظمات الإغاثة تعمل من خلال عدد من الكرفانات الموجودة داخل القاعدة". وقال متحدث باسم "يو أس إيد" إن "الوكالة، تعمل عن قرب للتأكد من وجود حوار فعال بين الشركاء في الجهود الإنسانية والحكومة الإسرائيلية وتحسين الأمن والكفاءة وفعالية تحرك المساعدات الإنسانية إلى غزة وفي أنحائها".
وأضاف المتحدث الذي رد على الصحيفة برسالة إلكترونية: "نظرا للاعتبارات الأمنية فإننا لا نعلق على مكان وجود طاقمنا". بينما وصفت منظمات حقوق إنسان وأشخاص على معرفة بالأوضاع استخدام العنف الشديد من قبل الجنود والحراس في السجن، بما في ذلك الاغتصاب والضرب وإجبار المعتقلين المضربين عن الطعام على تناوله.
وبحسب
التقرير ذاته، قال طبيب إسرائيلي يعمل في القاعدة إن "العديد من السجناء بترت أطرافهم، بشكل روتيني، نتيجة تقييدهم لمدد طويلة في أيديهم وأرجلهم".
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في أيار/ مايو تقريرا قالت فيه: "إن 4,000 فلسطيني احتجزوا بالقاعدة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ومات منهم 35 سجينا على الأقل، إما في السجن أو المستشفيات".
ونقلت الصحيفة، عن المحامي خالد محاجنة، الذي يزور القاعدة بشكل منتظم أن "الوضع مثير للرعب الكبير وأكثر من أي شيء سمعناه عن أبو غريب وغوانتانامو". وفي دعوى قضائية تتعلق بسيدي تيمان، أبلغت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، محكمة العدل العليا، أن 24 سجينا ما زالوا هناك وأن الظروف ستتحسن قريبا وبعد افتتاح جناح جديد.
وقال المدير التنفيذي للجنة العامة لمناهضة التعذيب في دولة الاحتلال الإسرائيلي، تال شتاينر، لصحيفة "الغارديان": "ليس لدينا ما يشير إلى أن الظروف المعيشية في المخيم قد تحسنت بالفعل، حيث لم يتمكن محامينا بعد من الوصول إلى المخيم لتقييم ذلك".
من جهتها، ذكرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بيتسليم" أن "سيدي تيمان هي جزء من شبكة مراكز اعتقال ينتشر فيها التعذيب منذ العام الماضي. وتحقق إسرائيل مع 10 من جنود الجيش الإسرائيلي وجنود الاحتياط في السجن، بتهمة العنف الجنسي، بعد نقل أحد السجناء إلى المستشفى في حالة حرجة". فيما أثارت التحقيقات ما وصف بـ"هجمات عنيفة لليمين المتطرف على قاعدتين عسكريتين دعما للجنود قيد التحقيق. ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، مزاعم الاعتداء الجنسي بأنها "فظيعة" وقال إن المتورطين: يجب أن يحاسبوا".
وفي السابق نسقت دولة الاحتلال الإسرائيلي، العمليات الإنسانية، من موقع 61 بقاعدة هاتزور الجوية في أشدود، شمال الاحتلال الإسرائيلي. وقبل نقل العملية بأسابيع إلى سيدي تيمان، زارت مديرة يو أس إيد، سامنثا باور موقع 61 وقالت: "أعتقد أن ما يحدث في هذه الغرفة مهم بشكل لا يصدق".
وقال مسؤولون أمريكيون إن "وحدة تنسيق أعمال الحكومة بالمناطق والتي تشرف على أعمال جي سي بي تعقد اجتماعات يومية في سيدي تيمان مع ممثلي الأمم المتحدة ويو أس إيد. وقال متحدث باسم الوحدة "إنها قاعدة كبيرة"".
أيضا، قالت المصادر إن "نقل مركز العمليات الإنسانية إلى سيدي تيمان هو سر مكتوم وأن وثائق يو أس إيد والمراسلات الداخلية تشير للمكان بأنه في بعير شيفا. وتؤكد ورقة معلومات عسكرية عملية "دمج جي سي بي" في نهاية تموز/ يوليو بدون ذكر اسم الموقع".
وجاء في الورقة: "يجتمع الأعضاء كل صباح لمناقشة الأنشطة المخططة لهذا اليوم بالتفصيل"، وجاء فيها أيضا: "تؤكد هذه الجهود التزام إسرائيل بالعمل والتعاون الوثيق مع الجهات الإنسانية الفاعلة وتحسين الآليات القائمة بشكل مستمر، حتى تتمكن الفرق الإنسانية من العمل بفعالية، وتصل المساعدات إلى المحتاجين".
إثر ذلك، المسؤولون الذين تحدثوا للغارديان قالوا إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قوّض التنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، خلال العام الماضي. ويعكس نقل مركز التنسيق المشترك إلى سيدي تيمان ذلك. فيما قال أحدهم للصحيفة الأمريكية: "يبدو الأمر وكأنه عملية ملاحقة".
وفي العقدين الماضيين برزت باور، وهي مديرة يو أس إيد كواحدة من أبرز المدافعين عن السياسة الخارجية الأمريكية التي تركز على حقوق الإنسان. لكنها تعرضت خلال العام الماضي، لانتقادات من موظفيها لعدم قدرتها على إقناع دولة الاحتلال الإسرائيلي السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة. ونسق موظفو الوكالة الأمريكية عددا من عرائض المعارضة ومجموعات الثرثرة على منصات التواصل الاجتماعي ونظموا وقفات احتجاجية أمام مكتب الوكالة في واشنطن لتأبين عمال الإغاثة الذين قتلوا في الحرب.
وفي سياق متصل، في آذار/ مارس بعث 76 موظفا رسالة إلى قيادة مكتب التحمل والبيئة والأمن الغذائي، التابع للوكالة، انتقدوا فيها "يو أس إيد، على صمتها أمام معاناة غزة". وفي رسالة أخرى منفصلة في كانون الثاني/ يناير كتب 128 مسؤولا إلى مسؤول الوكالة للصحة العالمية، أتول غواندي، دعوا فيها لـ"مزيد من المناصرة وحماية المدنيين وإنقاذ ما تبقى من النظام الصحي في غزة".
ورد غواندي، بالقول إن "قيادة يو أس إيد، تضغط على إسرائيل لإعادة المياه والغذاء والوقود والاتصالات والكهرباء في غزة والالتزام بالقانون الإنساني الدولي". لكن العاملين في يو أس إيد يشكّكون في فعالية جهودهم دون وقف دائم لإطلاق النار.