صحافة دولية

ما هو دور "BBC" في تلفيق صحيفة "جويش كرونيكل" تقارير عن غزة؟

تتهم بي بي سي بالانحياز إلى الاحتلال الإسرائيلي في إبادته الجماعية في غزة - الأناضول
نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا قال فيه إن مسؤولا بارزا في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قاد مجموعة لإنقاذ جويش كرونيكل الصحيفة اليهودية الأقدم في العالم والتي تنشر في بريطانيا، يواجه ردة فعل سلبية بسبب نشر الصحيفة تقارير مزيفة عن العدوان الإسرائيلي في غزة.

وفي التقرير الذي أعده سايمون هوبر وأوسكار ريكيت٬ قالا فيه إن بي بي سي تواجه أسئلة حول الصلات بين عضو في مجلس إدارتها وجويش كرونيكل بعد أن أجبرت على سحب سلسلة من التقارير التي احتوت على تصريحات مزيفة لمسؤولين إسرائيليين.

ويعد روبي غيب، العضو في لجنة معايير التحرير المؤثرة والتي تستعد لإجراء مراجعة لتغطية بي بي سي لحرب غزة، قاد مجموعة أنقذت الصحيفة من الإفلاس في عام 2020 وظل المدير الوحيد للشركة التي تملك جويش كرونيكل، حتى الشهر الماضي.

وفي هذه الأثناء ألغت الصحيفة وبدون سابق إنذار، مناسبة لمناقشة الفضيحة كان من المقرر أن يشارك فيها أمس الأربعاء كل من الكاتبة ميلاني فيليبس المتطرفة٬ والوزير المحافظ المتطرف مايكل غوف٬ إلى جانب أحد كبار مسؤولي بي بي سي التنفيذيين نظرا لأن مشاركته تقوم على "رأي سيء".

 ويضيف الكاتبان أن دور غيب في بي بي سي بات محلا للتدقيق والتساؤلات بعد نشر "جويش كرونيكل" سلسلة تقارير أعدها صحفي مستقل اسمه إيلون بيري والتي شملت على معلومات يفترض أنها قائمة على وثيقة اكتشفت في غزة وتحتوي كما زعم على خطط زعيم حركة حماس يحيى السنوار والهروب مع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى خارج القطاع.

 وبعد اعتراف الجيش الإسرائيلي أنه لا يعلم بهذه الوثيقة في وقت بدأت فيه صحف إسرائيلية تطرح أسئلة حول مصداقية بيري ومسيرته الصحفية والأكاديمية، قرر عدد من المعلقين البارزين في الصحيفة ومن بينهم، جوناثان فريدلاند، المعلق أيضا في "الغارديان" التوقف عن الكتابة للصحيفة.

وفي رسالة وجهها فريدلاند إلى محرر الصحيفة جيك واليس سيمونز ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي٬ قال فيها إن الحادث جلب "عارا كبيرا" على الصحيفة٬ وأشار فيها إلى أن غياب الشفافية حول من يملك الصحيفة خلقت قضايا محاسبة. وقال إن الصحيفة التي ظهرت عام 1841 "انحرفت عن التقاليد التي بنت عليها سمعتها كأقدم صحيفة يهودية في العالم".

وأضاف أن قرار جويش كرونيكل أو جي سي كما تعرف باتوا يقرأون الصحيفة بأنها حزبية وأداة أيديولوجية وتقدم الأحكام السياسية على الصحافية. وردت الصحيفة بسحب تقارير بيري وقالت في بيان إنها أوقفت التعاون معه.

ولكن مع تفجر القضية، تساءل رئيس تحرير صحيفة "الغارديان" السابق ألان روزبريدجر والذي سبق أن حقق في ملكية صحيفة جي سي عن استمرار غيب في موقعه بلجنة معايير التحرير في بي بي سي.

وفي تصريحات لإذاعة أل بي سي قال روزبريدجر: "لا أستطيع أن أتصور كيف يمكنه الجلوس في تلك اللجنة وتصوير نفسه كمنارة للحيادية، والجلوس للحكم على صحافيي بي بي سي".

وردد هذا الموقف كريس دويل من مجلس التفاهم البريطاني – العربي (كابو) حيث أخبر موقع ميدل إيست آي: "إن مشاركة أحد مسؤولي بي بي سي البارزين في الاستحواذ على جي سي يثير أسئلة حول حياديته".

وقال دويل إن صحيفة جي سي دفعت في ظل محررها الحالي سيمونز وسلفه جوناثان بولارد باتجاه "أجندة يمينية متطرفة للغاية"، وهو ما يمثل انحرافا حادا عن تاريخ الصحيفة التي عكست المواقف المختلفة لليهود البريطانيين من فلسطين وإسرائيل.

وعندما سئل إن كان من المناسب استمرار غيب في منصبه بلجنة معايير التحرير ببي بي سي أجاب "قطعا لا".
وقال مجلس مسلمي بريطانيا (أم سي بي) الأربعاء، إنه بعث برسالة إلى "بي بي سي" للتعبير عن "قلقه العميق" إزاء دور غيب، ودعا المؤسسة إلى النظر فيما إذا كان من المناسب له البقاء في لجنة معايير التحرير.

وكتبت زارا محمد الأمينة العامة لأم سي بي رسالة إلى سمير شاه، رئيس بي بي سي جاء فيها: "نعتقد ان سير روبي غيب لا يمكنه الحكم بموضوعية على حيادية بي بي سي في موضوع حساس كالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني في حين يظل دوره في أفضل الأحوال غامضا في صحيفة أظهرت تحيزا واضحا ضد الفلسطينيين وداعما بالكامل في أسوأ الأحوال".

واتصل موقع ميدل إيست آي بغيب للحصول على تعليق منه، ولكنه لم يرد في وقت نشر المقال. وقال متحدث باسم بي بي سي إن غيب استقال كمدير لجي سي في آب/أغسطس الماضي.

وكان غيب قد قاد في نيسان/أبريل 2020 مجموعة أنقذت جي سي من الإفلاس. وظل منذ ذلك الحين وحتى آب/أغسطس الماضي المدير الوحيد لجويش كرونيكل ميديا ليمتد التي استحوذت على الصحيفة.

وفي تموز/يوليو الماضي قالت الصحيفة إن غيب سيغادرها وسيحول جزءا من أسهمه إلى هيكل خيري تنقل فيه ملكية الصحيفة إلى صندوق ائتماني. ويبدو أنه استقال في آب/أغسطس الماضي وبعد تعيين مديرين جديدين وهما إيان أوستن، النائب العمالي السابق وعضو مجلس اللوردات ويعرف أيضا بلورد أوستن اوف دادلي، إلى جانب جوناثان كاندل، الشريك السابق في الشركة القانونية كيركلاند أند إليس.

لكن غيب لا يزال المدير الوحيد لشركة اخرى مرتبطة على ما يبدو بجويش كرونيكل واسمها جي سي ميديا أند كالتشر بريزفيشن إنيشيتف سي أي سي. وتصف وثائق التسجيل التي قدمتها الشركة بأنها "منظمة استشارية مستقلة" تقدم "الاستشارات لصحيفة جي سي فيما يتعلق بالحياد والاستقلال". وطلب الموقع من غيب الإجابة على سؤال حول استشارة الصحيفة له بشأن سحب تقارير بيري، ولكن لم يتلق جوابا منه.

وكجزء من دوره في مجلس إدارة بي بي سي، عين غيب من جديد في لجنة المبادئ التوجيهية ومعايير التحرير المكونة من خمسة أعضاء، إلى جانب شاه، رئيس بي بي سي والمدير العام لبي بي سي تيم ديفي ونيكولاس سيروتا، وهو مدير مستقل بارز وديبورا تيرنيس، الرئيس التنفيذي لأخبار وشؤون الساعة بي بي سي.

وأشارت محاضر الاجتماع الأخير للجنة في أيار/مايو الماضي، والذي حضره غيب، إلى أنه تمت مناقشة "ملخص للشكاوى المتعلقة بالشرق الأوسط"، مع "عدد من الأخطاء التحريرية" التي أدت إلى تقديم شكاوى.
وسجل المحضر أيضا أن اللجنة "ناقشت تقرير محكمة العدل الدولية بشأن الصراع في الشرق الأوسط ولماذا أساءت المؤسسات الإعلامية تفسير الحكم".

وفي جلسة مساءلة أمام لجنة الاتصالات والإعلام الرقمي بمجلس اللوردات الأسبوع الماضي، قال شاه إن اللجنة ناقشت تغطية الحرب في غزة عدة مرات. كما أخبر أعضاء المجلس أن تقارير بي بي سي عن الصراع في الشرق الأوسط قد تكون على الأرجح موضوع مراجعة موضوعية، وهي العملية التي يتم من خلالها التدقيق في تغطية بي بي سي للمجالات الرئيسية للمناقشة العامة لضمان الحياد.

وقال: "أعتقد بالتأكيد أن الصراع في الشرق الأوسط هو أحد المجالات التي يجب أن نتعامل بها بشكل ونخضع طريقة تغطيتنا لها لتحليل منهجي عميق ".

وقد كان تعيين غيب بداية في مجلس إدارة بي بي سي عام 2021 من قبل حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون مثيرا للجدل بسبب عمله السابق كمدير للاتصالات لسلف جونسون، تيريزا ماي.

وحث حزب العمال في عام 2022 هيئة بي بي سي على المطالبة باستقالة غيب بعد أن ورد أنه تدخل لمعارضة تعيين صحفي في أحد برامج المؤسسة المهمة نيوزنايت.

ووصفته المذيعة السابقة البارزة لبرنامج نيوز نايت إميلي ميتليس بأنه "عميل نشط للمحافظين"، وهي تعليقات رفضها المدير العام لبي بي سي في حينه ريتشارد شارب بأنها "غير صحيحة مطلقا".

إلا أن غيب عين من جديد في مجلس بي بي سي بآذار/مارس في عملية أشرف عليها مفوض التعيينات العامة-الذي يترأسه الآن ويليام شوكروس الذي ذكرت صحيفة جي سي أنه كان جزءا من المجموعة التي قادها غيب التي اشترت الصحيفة عام 2020.

ويفهم موقع ميدل إيست آي أن مفوض التعيينات العامة لم يستشر في إعادة تعيين غيب بظل الحكومة المحافظة السابقة وأنه لا يستشار بشكل روتيني بشأن قرارات التعيين. وقال متحدث باسم بي بي سي: "لقد مر روبي غيب بعملية [تدقيق] قادتها الحكومة وتم الكشف عنها بالكامل".

وفي الوقت نفسه، جرى تأجيل مناسبة كان من المقرر عقدها في جويش كرونيكل حول "اليهود والإعلام" والتي كان سيشارك فيها مدير محتوى الأخبار في بي بي سي، ريتشارد بيرجيس الذي كان سيتحدث بندوة حوار حول " التحيز الإسرائيلي في الصحافة البريطانية".

وكان من المقرر أن يظهر بيرجيس في الفعالية إلى جانب الصحافية فيليبس، والوزير المحافظ السابق غوف، والصحافي ديفيد آرونوفيتش، ورئيس تحرير سكاي نيوز جوناثان ليفي. وأخبر أرونوفيتش الموقع الثلاثاء بأنه سيشارك في الندوة رغم أنه كان واحدا من خمسة كتاب استقالوا من الصحيفة. وقال: "فكرت بأن دعوتي ستلغى لكن هذا لم يحدث حتى الآن" و"أنا أتحدث عن الحدث وليس عن المنظم، لا أستطيع أن أخبرك بمدى أهمية أن يسمع المجتمع أصواتا مختلفة الآن".

وأكد مصدر مقرب من غوف أن النائب السابق لم يلغ مشاركته. ولكن بحلول صباح الأربعاء، تم إدراج الحدث على الإنترنت على أنه "مؤجل". ولم ترد بي بي سي على أسئلة من الموقع حول مشاركة بيرجيس. مع أن موقع ميدل إيست آي يفهم أن مشاركته كانت محل نقاش على مجموعة واتساب لعاملين في بي بي سي والذين يحاولون الكشف عما يرونه إشكاليات في التغطية المؤيدة لإسرائيل في الحرب على غزة.

وقال أحد أعضاء المجموعة: "من الجنون أن يفكر بيرجيس في الظهور هناك". وأضافوا: "وهذا أمر جنوني الآن"، في إشارة إلى الفضيحة التي تعيشها جي سي.
وعلق دويل من كابو قائلا إن مشاركة بيرجيس بالمناسبة تقوم "على نصيحة سيئة"، مضيفا أن "هذا الصراع هو أحد أكثر القضايا المثيرة للجدل التي تتعامل معها بي بي سي. يجب عليهم توخي الحذر الشديد عندما يتعلق بذلك الأمر".