ملفات وتقارير

الاحتلال يبدد أحلام الطفل "وحيد الغلبان" في أن يصبح لاعب كرة قدم

تساءل الطفل وحيد الغلبان بصوت حزين: "ما ذنبنا فيما حصل؟ نحن أبرياء"- الأناضول
تبدد حلم الطفل الفلسطيني وحيد الغلبان (13 عاما) من قطاع غزة، في أن يصبح لاعب كرة قدم محترفا بعيد المنال، بعدما تعرض لإصابة شديدة بقصف إسرائيلي غيرت مجرى حياته.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، أُصيب الطفل "الغلبان"، فبترت قدمه ويده، فيما فقد إحدى عينيه، بشظايا صاروخ ألقته مقاتلات حربية صوب هدف بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، كان قريبا منه.

وهكذا تحولت أحلام الطفل الصغيرة من التألق في رياضة كرة القدم، إلى استكمال علاجه في الخارج وتركيب أطراف صناعية تعيد له الحياة من جديد في ظل نقص الإمكانيات في قطاع غزة.

ويعاني القطاع من نقص حاد في المستلزمات الطبية والأدوية والغذاء وحليب الأطفال، نتيجة الحرب والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.

وتغلق إسرائيل معابر القطاع خاصة معبر رفح الحدودي مع مصر الذي سيطرت عليه في 7 مايو/ أيار الماضي ودمرته، ما حال دون خروج آلاف الجرحى والمرضى من قطاع غزة لتلقي العلاج في الخارج.

12 ألف جريح بحاجة للسفر
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن 12 ألف جريح بحاجة إلى السفر للعلاج في الخارج.

وفي 11 يوليو/ تموز الماضي، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن "شظايا الأسلحة الإسرائيلية ساهمت في ارتفاع معدلات عمليات بتر الأعضاء لدى الفلسطينيين بشكل مثير للقلق منذ بدء الحرب على قطاع غزة".

ونقلت الصحيفة عن 6 أطباء أجانب عملوا في مستشفيين بغزة (الأوروبي والأقصى)، قولهم إن العديد من الوفيات وعمليات بتر الأطراف جاءت نتيجة إطلاق صواريخ وقذائف إسرائيلية مصممة لانتشار الشظايا، في مناطق مكتظة بالمدنيين".



وحولت الإصابة حياة الطفل "الغلبان" المليئة بالحيوية والحماسة إلى جزء من الماضي، بعدما بات يعجز عن المشي وحيدا، حيث بات يعتمد على كرسيه المتحرك للتنقل إلى مسافات بعيدة.

وبينما فقد الطفل إحدى عينيه، فإن عينه الثانية تحتاج إلى عمليات جراحية كي تبقى سليمة، وفق قول عائلته.

كما تعرضت يده لبتر يجعل من أداء أبسط الأنشطة اليومية "أمرا في غاية الصعوبة"، ما يفاقم من معاناته بعدما حُرم من استكمال حلمه في أن يصبح لاعب كرة قدم محترف، وفق ما قال للأناضول.

وداخل منزله بمدينة خانيونس، يحاول أصدقاء "الغلبان" مساعدته في التغلب على الضغوط النفسية التي دمرت طموحاته وآماله في الحياة، بعدما تعرض للبتر وفقد عينه.

وعن أمنياته التي بدلتها الحرب الإسرائيلية المتواصلة، قال الغلبان إنه يأمل أن يغادر قطاع غزة لتلقي العلاج اللازم من زرع أطراف اصطناعية تعيد له الحياة من جديد.

استعادة أحلامه وطموحاته
وتابع بأن تركيب هذه الأطراف من شأنه أن يمنحه فرصة لاستعادة أحلامه وطموحاته التي سلبتها الغارة الإسرائيلية.

واستكمل قائلا: "أتمنى العودة للعب كرة القدم مع أصدقائي والعودة لحياتي الطبيعية"، متسائلا بصوت حزين: "ما ذنبنا فيما حصل؟ نحن أبرياء".

وعن ظروف إصابته، قال الطفل إنه أصيب بقصف من طائرة إسرائيلية في أبريل الماضي، في أثناء ذهابه لتفقد منزله بمدينة خانيونس، بعدما سمع أنباء آنذاك عن انسحاب الجيش من المدينة.

وأضاف: "القصف أدى إلى بتر قدمي ويدي وقلع عيني، وإصابات في جسدي، حيث لا تزال شظايا عالقة في رئتي، فيما أصيب الكثيرون معي، حيث بترت أطراف لهم".

وفي 7 أبريل الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي انسحابه من خانيونس بعد 4 أشهر على إطلاق عملية برية فيها كانت تهدف إلى استعادة محتجزين إسرائيليين لدى حركة "حماس"، إلا أنه خرج من المدينة دون تحقيق أهدافه.



وأثرت العملية العسكرية الإسرائيلية في المدينة بشكل كبير، حيث خلفت دمارا واسعا في الطرق والمنازل والبنية التحتية.

وكان الفلسطينيون في مدينة خانيونس قد نزحوا من منازلهم خلال العملية البرية الإسرائيلية، إلى مناطق قريبة من مدينة رفح ومناطق الوسط في دير البلح في ذلك الوقت، حيث لجأوا للسكن في خيام وفي أماكن للنزوح مثل مراكز ومدارس ومستشفيات.

هويدا الغلبان، والدة الطفل، لا تتوانى عن تقديم الدعم النفسي لـ"وحيد"، في محاولة منها للتخفيف من وطأة الضغوط النفسية التي أثقلت كاهله بعد إصابته.

وتحاول الغلبان، وفق قولها، أن تستبدل بالطاقة السلبية لدى طفلها المُصاب "روحا إيجابية تمنحه الحياة مجددا".

وفي 3 سبتمبر/ أيلول الجاري، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إن أطفال غزة "بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.. لا يوجد مكان آمن للأطفال مع تفاقم الأزمة الإنسانية".

وتقول والدة الطفل للأناضول: "تعرض طفلي لقصف من العدو (الإسرائيلي) بعد (أنباء) انسحاب الجيش من خانيونس، حيث انتقلنا من رفح (المدينة التي نزحنا إليها) إلى موقع منزلنا في منطقة معن، وهناك تعرض للقصف الذي أدى لبتر في قدمه ويده وإصابة عينه".

وتأمل الغلبان أن تتم مساعدة طفلها بالسفر خارج القطاع لتلقي العلاج، ليعيش كباقي أطفال العالم، ويعود لمقعد الدراسة ولعب كرة القدم التي يحبها.

وفي يوليو/ تموز الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن "أطفال غزة يموتون ويعانون إصابات خطيرة وصدمات نفسية، ويشاهدون والديهم يُقتلون وتُدمر منازلهم" جراء الهجمات التي تشنها إسرائيل على القطاع.

وفي 21 يوليو الماضي، قالت الأونروا في منشور على حسابها عبر منصة إكس، إن "فرقها بغزة رغم التحديات المستمرة، تواصل تقديم دعم الصحة العقلية لأطفال القطاع الذين يواجهون الفواجع والصدمات كل يوم".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع