ملفات وتقارير

حزب الله يكسر قواعد الاشتباك.. هل يشعل "فادي" الحرب الشاملة؟

حزب الله قصف حيفا والجليل واستهدف قاعدة ومطار رامات ديفيد- عربي21
فجر الأحد، دوت صافرات الإنذار في عدة مدن محتلة، أهمها حيفا وصولا للجولان المحتل، إيذانا بهجوم واسع النطاق شنه حزب الله اللبناني، واستهدف بحسب بيانه قاعدة جوية للاحتلال ومواقع في الجليل الأعلى، ضمن أربع موجات من القصف بعشرات الصواريخ.

ومنذ الأسبوع الماضي، دخل الاحتلال في حالة تأهب قصوى بانتظار رد الحزب على خرق قواعد الاشتباك بعملية تفجير أجهزة الاتصال، ثم غارة الجمعة التي استهدفت قادة وحدة الرضوان، القوة الأبرز لدى حزب الله.

ومع التحذيرات الدولية المتوالية من اندلاع حرب شاملة، يرسم رد حزب الله إطارا جديدا للمعركة، ويفتح الباب أمام خيارات عديدة تقدرها مجريات الأحداث خلال الساعات أو الأيام القادمة.


اتساع دائرة النار
مثل هجوم الأحد تصعيدا من قبل حزب الله لهجماته الصاروخية على الشمال المحتل والجولان السوري المحتل بإطلاق عشرات الصواريخ في أربع موجات خلال ساعات، حيث استهدف بعضها قاعدة رامات ديفيد الجوية.



وأعلن حزب الله تنفيذه ردا أوليا على تفجيرات أجهزة الاتصال يومي الثلاثاء والأربعاء الأسبوع الماضي في لبنان.

كما قال الحزب في بيانين متعاقبين، إن "المقاومة استهدفت قاعدة رامات ديفيد جنوب شرق حيفا بعشرات الصواريخ من طراز فادي 1 وفادي 2، مرتين خلال ساعات ردا على اعتداءات الاحتلال الأخيرة في لبنان".

وأضاف في بيان ثالث: "قامت المقاومة الإسلامية بِقصف مُجمعات الصناعات العسكرية ‏لشركة رفائيل المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة زوفولون شمال ‏مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2 والكاتيوشا".

في المقابل، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن "دفاعاته الجوية رصدت إطلاق 10 قذائف صاروخية من لبنان باتجاه الشمال، وتم اعتراض معظمها".

وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن ثلاثة إسرائيليين أصيبوا إثر سقوط صواريخ في بلدة كريات بيالك شمال الأراضي المحتلة.

كما قررت الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي توسيع نطاق الطوارئ، لتشمل كل المناطق من حيفا إلى حدود لبنان، بعد الضربة الصاروخية الأخيرة لحزب الله.

وذكرت القناة 14 الإسرائيلية، أن مدى رشقة صواريخ حزب الله يجعل مئات آلاف السكان في نطاق الاستهداف.

وانقطعت الكهرباء في منطقة العفولة في فلسطين المحتلة، كما اندلعت حرائق في منطقة الناصرة، كما انتشرت مشاهد لهروب المستوطنين إلى الملاجئ عقب الرشقة الصاروخية التي أطلقت من لبنان باتجاه شمال فلسطين المحتلة.



ويقول الكاتب والباحث السياسي محمد الخفاجي، إن "ما جرى فجر الأحد هو باكورة رد حزب الله على عمليات الاغتيال الأخيرة، خصوصا أن الضربة وصلت حيفا وما بعد حيفا تحقيقا لتهديدات حسن نصر الله السابقة".

وأضاف في حديث لـ "عربي21"، أن هذا رغم بعد مداه إلى أنه رد تقليدي، لذا فإن حزب الله لا بد له من رد نوعي على ما تكبده ما خسائر ثقيلة خلال الأيام الماضية، مشيرا إلى أن المقاومة اللبنانية عندما أدخلت حيفا في نطاق الاستهداف، فإن ذلك يعني أن هدف نتنياهو بإعادة مهجري الشمال قد فشل، بل عليه أن يتسعد لموجة نزوح جديدة".

كما بين الخفاجي، أن نطاق الرد ممكن أن يتسع ليشمل ساحات المحور في العراق واليمن، خصوصا بعد تصريحات قيس الخزعلي زعيم حركة العصائب بأنه يدعم الحزب بكل ما يستطيع.

فادي 1 و2
في بيان حزب الله ذكر أنه استخدم صواريخ فادي1 وفادي2 في قصف القاعدة الجوية شرق حيفا.

وذكرت وسائل إعلام مقربة من حزب الله، أن الصواريخ المستخدمة في الهجوم هي من نوع خيبر M220 بمدى 80 كلم، و M302، ويصل مداه إلى 105 كلم، وقد دخلت إلى العمل لأول مرة خلال الحرب.

وأطلق حزب الله اسم "فادي" على الصاروخ على اسم "فادي حسن الطويل" الذي اغتاله الاحتلال عام 1987، وهو شقيق وسام حسن الطويل القيادي البارز في الحزب، والذي نعاه في كانون الأول/ يناير الماضي.

وأضافت نقلا عن مصادر ميدانية، أن "الصواريخ التي أطلقت هي من إحدى منشآت عماد التي هي بالعشرات، ولا تتأثر بكل غارات الاحتلال".

ويعد "خيبر-1"، صاروخ مدفعي غير موجه، جرى تطويره وتصنيعه في سوريا، وتذكر التقارير أنه يعتمد بشكل كبير على نظام Wei Shi1 الصيني.

ويصل مدى صاروخ "خيبر-1" إلى 100 كيلومتر، ويحمل حمولة تصل إلى 150 كجم. وتعتبر صواريخ خيبر مجهزة عادة برؤوس حربية كبيرة مضادة للأفراد. 

ويبلغ طول الصاروخ 6.3 م، وقطر جسمه 0.302 م، ووزن الإطلاق حوالي 750 كغم، كما يتميز قاذف الصاروخ بطبقتين تتكون كل منهما من ثلاثة أنابيب إطلاق؟

وأطلق "خيبر -1" لأول مرة من حزب الله في 28 تموز/ يوليو 2006.




وحول الضربة الإسرائيلية، يقول الخفاجي، إن استهداف قادة وحدة الرضوان ليس ضمن سقف المعركة، خصوصا أنها تعتبر القوات الخاصة لحزب الله، حيث أسست على يد أقوى شخصية عسكرية وأمنية بتاريخ الحزب، وهو عماد مغنية، الذي وصفه سليماني بأنه ثاني أكبر خسارة بعد وفاة الخميني.

وأشار إلى أن الضربة كانت مفاجئة وغير مسبوقة، وتعتبر الأكبر في تاريخ الحزب، إلا أن الحاضنة الشعبية للمقاومة في لبنان سبق أن دخلت معارك دامية؛ لذا فإن الهجمات ليست بالأمر المثير للذعر على عكس دولة الاحتلال.

قاعدة رامات ديفيد
تعتبر قاعدة رامات ديفيد الجوية التي استهدفتها صواريخ حزب الله من أهم القواعد التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وهي التي سبق أن نشر حزب الله مشاهد تفصيلية لها في فيديو مسيرات الهدهد منذ أشهر.



وتعد القاعدة التي أنشأتها بريطانيا عام 1942 شمالي فلسطين إبان عهد الانتداب، من أهم القواعد العسكرية للاحتلال، لا سيما أنها الأكبر في المنطقة الشمالية، وواحدة من 3 قواعد جوية رئيسية في الأراضي المحتلة، كما تتميز بموقع إستراتيجي بالقرب من خطوط المواجهة الإسرائيلية مع لبنان وسوريا والضفة الغربية.

وشاركت في جميع حروب دولة الاحتلال وبالعديد من العمليات والأنشطة العسكرية والحربية، بما في ذلك حرب 1967 وحرب أكتوبر 1973 والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وحرب تموز 2006 وكل الحروب على غزة.

وتقع رامات ديفيد الجوية في سهل مرج بن عامر أو ما يسمى "سهل زرعين" وسط شمال إسرائيل، في مثلث جغرافي بين جنوب شرق حيفا وجنين وطبريا، وبالقرب من الخط الأخضر الفاصل بين الضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام 1948.

وتتضمن منظومة دفاع جوية متطورة، على رأسها منظومة الدفاع الجوي الأمريكية "باتريوت إم آي إم-104" التي صنعتها دولة الاحتلال محليا تحت اسم "ياهولوم"، وهي ذات قدرات عالية إلى متوسطة وذات فعالية في إسقاط الطائرات والصواريخ الباليستية.


نذر الحرب الشاملة
وبالنظر إلى رد حزب الله غير المألوف لا يبدو أن الأوضاع قد تذهب للتهدئة، خصوصا أن نتنياهو كان واضحا بعزمه على اتساع الحرب وتصعيده المفاجئ في لبنان.

ونقلت القناة 12 الإسرائيلية، عن مصادر أمنية قولها، إن "إسرائيل مستعدة للمضي قدما حتى النهاية، ولا خيار آخر لإعادة السكان في الشمال".

وأضافت، أن "إسرائيل وحزب الله يقتربان من حافة الحرب، والمؤسسة الأمنية تستعد لرد قوي"، مبينة أن "هناك إغلاقا كاملا لمنطقة شواطئ بحيرة طبريا بسبب التطورات الأمنية".

من جانبه، قال موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي، إن حزب الله أطلق صواريخ متوسطة المدى نحو مناطق جنوب حيفا، موسعا بشكل أكبر من نطاق هجماته.

ونقل الموقع عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن من الممكن أن تخرج الأمور عن السيطرة بسهولة لتؤدي إلى حرب شاملة.

وقبيل الهجوم، طلبت وزارة الخارجية الأمريكية من مواطنيها مغادرة لبنان فورا ما دامت هناك رحلات تجارية.

وحذرت الوزارة في بيان من أنه إذا تطورت الأمور نحو الأسوأ في لبنان، فلن تكون هناك رحلات جوية تجارية.

بدوره، لا يرى الخفاجي أن المنطقة ذاهبة لحرب شاملة، عازيا ذلك إلى عدم رغبة حزب الله في الجبهة المفتوحة، وهو قد اختار حرب الاستنزاف بدلا من المواجهة الشاملة، لا سيما أن حروب الاستنزاف يكون أثرها على الحزب أقل من المعركة الشاملة، وعلى النقيض فهي تقلق الاحتلال بشكل أكبر، وتهدد السكان والعسكريين على حد سواء.

وبين في حديثه لـ "عربي21"، أن "دولة مثل الكيان لن تقدر على دفع تكاليف حرب استنزاف طويلة مع أي من ساحات محور المقاومة، لذا تطمح لضربة تبدأ بعملية جراحية كما جرى الأسبوع الماضي، ثم حرب خاطفة في الجنوب، وهذا لن يحصل".

وأوضح الخفاجي، أنه "إذا أٍراد نتنياهو الحرب الشاملة، فعليه جلب الولايات المتحدة التي تسعى بكل جهدها للتهدئة، خصوصا قبيل الانتخابات الرئاسية القادمة".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع