تسببت إصابة الرئيس الأمريكي جو
بايدن بفيروس كوفيد-19 بازدياد الشكوك حول قدراته الجسدية والعقلية، في وقت يواجه فيه ضغوطا متصاعدة في حملته الانتخابية من أجل الانسحاب من السباق الانتخابي، حسب تقرير لصحيفة "
لاكروا" الفرنسية.
وتساءلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، هل سيضع كوفيد-19 نهاية لحملة جو بايدن؟، مشيرة إلى أن إصابة الرئيس الأمريكي بهذا الفيروس تعد ضربة قاسية تأتي في وقت أصبح فيه بقاؤه السياسي على المحك بعد الأداء الكارثي، خلال مناظرته مع دونالد
ترامب، ما أثار موجة من التساؤلات حول قدراته البدنية والعقلية، ليس من قبل المانحين للحزب فحسب، بل كبار السياسيين الديمقراطيين، الذين يحثونه على التنحي.
المؤتمر الديمقراطي
ونقلت الصحيفة عن راي لا راجا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماساتشوستس بمدينة أمهيرست الأمريكية، قوله إن "الأشخاص المهمين اليوم هم القادة
الديمقراطيون، أشخاص مثل شومر أو بيلوسي أو جيفريز الذين يستمعون إلى أعضاء الحزب ويحاولون استطلاع رأيهم لمعرفة ما إذا كانوا يعتقدون أن بايدن لا يزال قادرا على إنقاذ الموقف أم لا".
ومع ذلك، فإنهم يظهرون علامات نفاد الصبر مع اقتراب المؤتمر الديمقراطي، في 19 آب /أغسطس في شيكاغو، حيث يجب أن يُعتمد المرشح رسميا للانتخابات الرئاسية في 5 تشرين الثاني/نوفمبر في مواجهة دونالد ترامب.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية أنه خلال مقابلات منفصلة جرت بين جو بايدن وزعيم الأغلبية الديمقراطية القوية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وكذلك مع زعيم نواب حزبه المنتخبين في مجلس النواب حكيم جيفريز، كان المسؤولان المنتخبان قد أعربا عن "مخاوف في صفوفهم بشأن احتمال أن يحرمهما بايدن من الأغلبية".
وأفادت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، التي لا تزال تتمتع بنفوذ كبير، بأن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه يمكن أن يضر بفرص الديمقراطيين في الفوز بمجلس النواب في تشرين الثاني /نوفمبر والرئاسة. وإلى جانب هذه الأرقام، دعا نحو عشرين سياسيا ديمقراطيا إلى "تمرير الشعلة".
مبالغ ضخمة
إلى جانب الثقل السياسي، فإن الفوز بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يتم أيضا عن طريق الأموال الصعبة: أموال المانحين الكبار. ويشير راي لا راجا، إلى أن "لديهم سلطة أكبر بكثير" فيما يتعلق بالانتخابات.
ومع ذلك، منذ المناظرة التلفزيونية الفاشلة التي أجراها الرئيس الأمريكي ضد ترامب، أصيب مؤيدوه الماليون بالذعر. وجاءت رياح التمرد أولا من هوليوود: كان ريد هاستينغز، المؤسس المشارك لنتفليكس أحد أكبر المانحين للديمقراطيين، والذي ساهم بأكثر من 20 مليون دولار (18 مليون يورو) للحزب في السنوات الأخيرة، من أوائل الذين تخلوا عن الرئيس، تلته أبيجيل ديزني، ابنة أخت والت، ثم الممثل جورج كلوني، وفقا للتقرير.
وأضافت الصحيفة، أنه في 12 تموز /يوليو، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الجهات المانحة لواحدة من أكبر لجان العمل السياسي الكبرى، وهي لجان الدعم المستقلة ذات النفوذ الشديد، والمخول لها بجمع مبلغ غير محدود من الأموال خلال الحملة الانتخابية ــ قررت تجميد 90 مليون دولار (82.3 مليون يورو) من التبرعات طالما أن جو بايدن يرفض الانسحاب، ويلفت راي لا راجا إلى أنه يعتبر "مبلغًا كبيرًا"، على الرغم من أن بايدن لا يزال بعيدًا عن استنزاف احتياطياته.
تأثير الدومينو
وبحسب الصحيفة؛ يرى عالم السياسة جاكوب نيهيسل، الأستاذ في جامعة بوفالو، أن "المشكلة الحقيقية هي الإشارة التي يرسلها تجميد التبرعات هذا إلى مانحين رئيسيين آخرين". ومن جانبه، يؤكد راي لا راجا أن "الخطر يكمن في حدوث تأثير الدومينو".
ومن جانب آخر، يبين دان شينور، الأستاذ في كلية أنينبيرغ للاتصالات بجامعة جنوب كاليفورنيا، أن هذا الضغط من جانب المانحين الكبار يمثل "ظاهرة غير مسبوقة في تاريخنا الحديث. لقد حاول كبار المانحين دائما التأثير على القرارات السياسية. لكنهم لم يذهبوا قط إلى حد مطالبة أي مرشح بالانسحاب من السباق الرئاسي".
في المقابل؛ بدأت لجان العمل السياسي الكبرى تكتسب نفوذا متزايدا بعد حكم المحكمة العليا المثير للجدل في قضية "مواطنون متحدون ضد لجنة الانتخابات الفيدرالية" في سنة 2010. ومن خلال اعتبار أن المساهمة في الحملة كانت شكلًا من أشكال حرية التعبير؛ حيث سمح هذا الحكم بوضع حد للقيود المفروضة على المبالغ التي تفرضها لجنة الانتخابات الفيدرالية على التبرعات السياسية.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن بايدن اختار حتى الآن المقاومة، مكررا مرارا وتكرارا أنه في حالة جيدة. لكن يوم الأربعاء الموافق 17 تموز /يوليو، في لاس فيغاس، بدا أكثر تشددا وأبطأ قليلا من اليوم السابق، عندما ألقى خطابا حماسيا أمام مجموعة وطنية للدفاع عن الحقوق المدنية. وعندما صعد لاحقا ببطء وحذر على الدرج المؤدي إلى طائرة "إير فورس ون"، لم يستطع إلا أن يقول: "حسنا، أشعر أنني بحالة جيدة".