ملفات وتقارير

"العرجاني" يوقع اتفاقيات مع نجل "حفتر".. استثمار أم تعاون أمني؟

مراقبون أكدوا أن هذه الخطوة تشير إلى سيطرة مصرية على ملف إعادة الإعمار في شرق ليبيا- إكس
طرحت الاتفاقات التي وقعها رئيس صندوق الاستقرار وإعادة إعمار ليبيا، بلقاسم نجل اللواء الليبي خليفة حفتر مع رئيس مجلس إدارة شركة أبناء سيناء، وعضو مجلس إدارة شركة "نيوم" المصرية إبراهيم العرجاني، بعض الأسئلة عن أهداف هذا التقارب وهذه الاتفاقات، وسر توقيتها، وما إذا كانت اتفاقات استثمارية أم بداية للتنسيق الأمني بينهما.

ووقعت شركات "العرجاني"، المقرب من نظام السيسي عدة اتفاقات بخصوص إعادة الإعمار في شرق ليبيا والتي يسيطر عليها حفتر وقواته، وسط تأكيدات من العرجاني أن "الشركات المصرية حققت إنجازا كبيرا في تنفيذ مشروعاتها في مدينة درنة".

وتعهد العرجاني بأن "الليببين سيرون الأوضاع بشكل مختلف تماما خلال 3 أشهر فقط"، مؤكدا أن "شركته وقعت 6 مشروعات جديدة في درنة، وأنها ستعمل على إنجاز المتفق عليه في وقت قياسي"، وفق مقطع مصور.

"سيطرة مصرية"
ووقّع المهندس نجل حفتر، والذي يتولى ملف الإعمار في الشرق الليبي، مع العرجاني عدة عقود في المشروعات المُخطط تنفيذها في درنة ومدن الجبل الأخضر.

كما وقّع ثلاثة عقود جديدة مع شركة "المقاولون العرب"، المصرية لتضاف إلى المشروعات التي تنفذها الشركة في مدينة درنة والمناطق المتضررة من إعصار "دانيال"، وتشمل العقود الجديدة تنفيذ كوبري وادي الحصين، ومشروع كوبري الخروبة، بينما المشروع الثالث هو طريق وادي الكوف السفلي".

مراقبون أكدوا أن هذه الخطوة تشير إلى سيطرة مصرية على ملف إعادة الإعمار في شرق ليبيا، وأن الأمر لن يكتفي بالتنسيق الاستثماري والاقتصادي، بل سيتم التنسيق مع العرجاني في الملف الأمني خاصة في المنافذ البرية بين البلدين "امساعد والسلوم"، لسيطرة ونفوذ العرجاني على هذه المناطق.



من جهته، أكد الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، رمضان بن طاهر أن "بلقاسم حفتر، الممثل عن قيادة الجيش والمكلف من البرلمان الليبي برئاسة صندوق إعادة إعمار ليبيا، يسعى إلى كسب مزيد من الدعم السياسي والأمني وتحسين علاقاته مع النظام المصري من خلال التعاون الاقتصادي مع الشركات المصرية، وهذا يساهم في تعزيز موقعهم في المشهد السياسي الليبي".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "مصر تسعى إلى لعب دور حيوي في جهود إعادة إعمار شرق ليبيا، وذلك ضمن سياستها الرامية إلى تعزيز نفوذها ومصالحها في الساحة الليبية، خاصة الجزء المتعلق باستقرار شرق ليبيا، بما يحقق أمنها القومي ويعزز من دورها الإقليمي"، وفق رأيه.

وتابع: "يمثل التعاون المشترك بين بلقاسم حفتر وشركات مصرية كبرى مثل أبناء سيناء والمقاولون العرب وغيرها، جزءًا من هذه الجهود لاعتبارات سياسية وأمنية واقتصادية مشتركة بين البلدين"، كما قال.

"صفقات غير نظيفة"
في حين، قال الناشط والصحفي من الجنوب الليبي، موسى تيهو ساي إن "هذه العقود هي عبارة عن صفقات سياسية وبراغماتية الهدف منها تكتيكي فقط لأسباب تتعلق بوضع كل طرف سياسيا مثلا الدبيبة يريد تغيير نظرة السلطات المصرية عليه وتخفيف ضغطها عليه وتطبيع العلاقات معها كما فعل مع الإمارات عندما عين "بن قدارة" على رأس مؤسسة النفط والعقود النفطية التي تلت ذلك.

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أنه "في الشرق الليبي ترى الشركات المصرية أن لديها الحق في الاستحواذ على ما يصل إلى 70 في المائة من المشاريع التنموية في شرق وجنوب البلاد، وكل هذه المشروعات تحتاج إلى شخص بعقلية العرجاني للقيام بها لأسباب عدة بما في ذلك إمكانية العمل في ظروف صعبة أمنيا وأيضا عقلية التاجر غير النظيف الذي يمكن أن يحول العقود إلى صفقات شخصية لا تختلف عن طريقة عمله مع الفلسطينيين"، وفق تقديره وقوله.



من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الليبي، علي الصلح إن "دخول الشركات المصرية ومشاركتها في عملية التنمية وإعادة بناء ما خلفته الكارثة البيئية، يُعد تطورا إيجابيا من الناحية الاقتصادية، حيث تحتاج عادة إلى فترة استرداد طويلة الأجل، وبتلك المشاركات المختلفة نقلل فترة البناء وعمليات التنمية".

وتابع قائلا: "على الصعيد الآخر يسهم هذا الأمر في تعظيم أرباح الشركات المصرية وعودة رأس المال والتحويلات لصالح الدولة المصرية ودعم اقتصادها بالعملات الأجنبية الناتجة عن عمليات التنمية في ليبيا، وفي ذات السياق فإن مثل هذه العمليات تحقق التوازن التنموي في المنطقة"، كما رأى وصرح لـ"عربي21".

من جهته، أكد الباحث التونسي في العلاقات الدولية البشير الجويني، أن "العلاقات المصرية الليبية ترتكز على ثلاثة عناصر رئيسية: أولها التواصل الجغرافي والاجتماعي وهو تاريخي ومفهوم، ثانيا المصالح الاقتصادية وهي مشروعة للجانبين سواء المصري من أجل تخفيف حدة البطالة وتحقيق الاستقرار خاصة لساكنة الشريط الحدودي أو الليبي الذي تعيش مجموعات كبيرة منه خاصة في المنطقة الشرقية عبر التجارة والخدمات مع مصر".

وأضاف لـ"عربي21": "أما ثالث هذه العناصر فهو الأمن القومي المشترك الذي يتهدد بعناصر متنوعة منها الهجرة غير النظامية وبعض الأنواع من التجارة في المواد الخطرة والممنوعة، وعليه فإن التعاون بين البلدين واقع تاريخي اقتصادي واستراتيجي يسمو عن التوظيف الجهوي أو المناطقي أو السياسي ويكون مع أجهزة الدولة المعتمدة بغض النظر عن حالة الانقسام التي تشهدها ليبيا"، حسب كلامه.

وتابع: "أما ملف الإعمار سواء في الشرق أو الغرب فهو وإن كان تنافسا محمودا على محاولة تقديم خدمات للليبيين فهو يبقى بعيدا عن التعريف العلمي الذي يعرفه بأنه إعادة البناء على المدى المتوسط والطويل والاستعادة المستدامة للبنى التحتية والخدمات وغيرها".

واستدرك قائلا: "ما نراه شرقا وغربا، رغم أهميته للسياق الليبي، لا يخرج عن الأسس العمرانية للتنمية المكانية ولا يلامس إعمار البلد الذي يبدأ بسلطة مدنية منتخبة لها الشرعية والمشروعية لبسط سلطانها على كل ليبيا"، وفق تقديراته.