اعتقلت قوات شرطة
الاحتلال الإسرائيلي، جنديا شارك في معارك
غزة، بتهمة التصرفات العنيفة، وذلك بعد عودته من القطاع.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، قال محامي الجندي إن الشرطة تسرعت باعتقاله، لكنه أقر أنه يعاني من مشاكل عقلية، ويجب فحصه، وإنها ليست الحالة الأولى لجنود يعودون من غزة مصابين بصدمات نفسية، ولا يتلقون العلاج.
لاحقا، قررت السلطات الإفراج عن الجندي، بشرط الإقامة الجبرية مع والديه.
من جانبه، قال ممثل شرطة الاحتلال في جلسة تمديد الاعتقال، إنه خطير، وقد عاد من غزة وأصبح مدمن كحول، وعنيفا، ويلوح بالسكين، ويستخدم سلاحه الشخصي للتهديد بالانتحار، غير أن السلطات القضائية أفرجت عنه بشرط الإقامة الجبرية.
وقال تالي ريزنك، محامي الجندي المضطرب، بأن الدولة ترسل الجنود إلى الجحيم في غزة، ثم تتخلى عنهم، أو تعتقلهم.
وتابع: "كان يجب فحص صحته العقلية.. لم يفعلوا ذلك".
وأضاف: "نتحمل مسؤولية تجاه هؤلاء الجنود، لن نرسلهم للجحيم ثم نتخلى عنهم، ونعتقلهم، دون الحد الأدنى من الفحص النفسي".
واقتنعت القاضية ليمور رون بأقوال محامي الدفاع، وقررت أنه سيتم إطلاق سراح المشتبه به إلى الإقامة الجبرية تحت إشراف والديه، الذين تعهدوا في الجلسة بالإشراف عليه، وإبلاغ الشرطة بأي تغييرات.
وقالت القاضية عن الجندي: "هذا الشاب خدم لفترة طويلة في الاحتياط، ليس له سجل جنائي، ويعمل في مجال التكنولوجيا الفائقة، ويجب أخذ ظروف الحرب النفسية والظروف الشخصية له بعين الاعتبار".
في وقت سابق، سلطت المراسلة تاني غولدشتاين، من موقع "زمن إسرائيل" الضوء على ظاهرة تدهور الصحة النفسية للجنود، والتي تتجدد في كل عدوان يشنّه الاحتلال على الفلسطينيين، لكنها في هذه المرة تبدو أكثر خطورة، "فلا يزال آلاف الجنود والشرطة يتلقون الرعاية الصحية العقلية، ويعانون من صعوبات جمّة، ويتلقون معاملة مختلفة، بزعم أنهم مرّوا بأحداث صعبة للغاية، وانخرطوا في وقائع لم يكونوا مستعدين لها، وباتوا يشعرون بالعجز، والشعور بالذنب لعدم قدرتهم على إنقاذ بعض الإسرائيليين خلال السابع من أكتوبر".
وأضافت في تقرير مطول، ترجمته "عربي21" أن "أحداث السابع من أكتوبر كانت مختلفة عن أي حرب، فقد تُرك الإسرائيليون بمفردهم في الميدان، وأُجبروا على الاختباء والهرب، ووقعت فوضى عارمة لم يكن واضحا من يديرها، وبفضل التطورات في علم النفس والطب النفسي، يقوم
جيش الاحتلال بتشغيل فرق علاجية في الخطوط الأمامية في غزة تقدم علاجًا قصيرًا وموجهًا للجنود في الميدان، لمساعدتهم في تعبئة الموارد والقوات، ودراسة الحالات التي تثير المخاوف من تدهورها، ثم يتم إرسال الجنود ممن هم في وضع أكثر صعوبة لمراكز إعادة التأهيل، حيث يتلقون المزيد من الرعاية العقلية المتعمقة".
وأشارت إلى أنه "منذ السابع من أكتوبر، تمت معالجة ثلاثة آلاف جندي وشرطي ممن يعانون من إصابات عقلية، فقط بسبب انخراطهم في الأحداث، حيث تعرضوا لإصابات وصدمات نفسية، ويشعرون بالذنب والفشل والضعف، ولعل إطالة أمد الحرب يزيد من الصعوبات أمام علاجهم، خاصة جنود الاحتياط الذين يعانون من صعوبة إعادة التكيف مع الحياة المدنية العائلية، ما يجعلهم يدخلون في حالات اكتئاب حادة مجددا، وفق توصيف هداس شهرباني- سيدون، مدير قسم الصحة العقلية في جمعية "إخوة وأخوات إسرائيل لمساعدة ضحايا الحرب".
وقالت: "بدأنا للتو في رؤية نقاط الضعف العقلية للحرب، دون أن يلوح أي ضوء في الأفق، خاصة أنها لدى الجنود غير مرئية، بل تبقى معهم، فهناك جنود شموا رائحة احتراق أصدقائهم، ولم يعودوا قادرين على شم رائحة اللحم، وتظهر العديد من نقاط الضعف بعد العودة للمنزل".
واسترسلت: "يشعر الكثيرون بأن الحياة المدنية لا قيمة لها، لأنهم يغادرون منطقة يوجد فيها خطر وجودي في غزة، ثم يجدون فجأة صعوبة بالتحدث مع زوجاتهم وأطفالهم وأولياء أمورهم وأصدقائهم، ولذلك سيستغرق الأمر وقتًا حتى يتأقلموا مع الوضع، وقد يكون هناك تفاقم في العنف المنزلي، لأن العدوان لا يستمر في ساحة المعركة فقط".
اضطراب ما بعد الصدمة
وكشفت أن "وزارة الحرب تنفق موارد كبيرة جدًا في علاج الجنود المصابين عقليًا، وتقديم الدعم الطبي والعقلي والمالي الفوري لهم، وذكر قسم إعادة التأهيل في الجيش أنه قدّم المساعدة لقرابة سبعة آلاف جندي وفرد أمن، يعاني ثلثهم تقريبًا من ردود فعل عقلية، وأطلق تطبيق "دليل اضطراب ما بعد الصدمة"، وتم توجيه الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية إلى تسعة مواقع تأهيلية؛ بما فيها النجارة والسيراميك وصياغة الذهب والتصوير الفوتوغرافي بالكمبيوتر والموسيقى بإشراف مجموعات علاجية ووحدات الطوارئ".
وقدر منتدى منظمات علم النفس أن "الخدمة العامة تفتقر لخمسة آلاف وظيفة للأخصائيين النفسيين التربويين، وقد اضطر 60 في المئة من الجنود المصابين بأمراض عقلية للانتظار بين شهر وثلاثة أشهر للحصول على طبيب نفساني في الخدمة العامة، ما أثار الموضوع خلال مناقشة أخيرة للجنة الصحة في الكنيست".