كتاب عربي 21

إبراهيم العرجاني يعترف

يرى الكاتب أن العرجاني "واجهة لنظام مجرم يتعامل مع قطاع غزة بهدف التربح من دماء الفلسطينيين"- إكس
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أمس تقريرا مطولا عن معاناة الفلسطينيين للخروج من غزة عبر بوابة رفح المصرية، ولكن اللافت أن التقرير احتوى على المقابلة الصحفية الأولى في الإعلام الغربي للحاج إبراهيم العرجاني، فخر السيناوية.

طيلة الشهور الماضية عملتُ على عدد من التحقيقات الصحفية حول نشاط العرجاني المشبوه عند بوابة معبر رفح، وهو ما وثقته مجموعة من المنصات والتقارير الصحفية العربية والغربية، والتي أثبتت أن العرجاني عبر شركة هلا للخدمات السياحية يتلقى ملايين الدولارات من أموال الفلسطينيين للسماح لهم بالعبور من غزة إلى الأراضي المصرية.

في كل مرة كنا نثبت بالأدلة تورط العرجاني ومن ورائه أجهزة سيادية في الدولة في بيزنس المعبر والتربح من دماء الفلسطينيين؛ كانت أبواق النظام المصري تسارع للنأي بالنفس والهجوم علينا، ولتبرئة ساحة العرجاني من تهمة التربح من أموال الفلسطينيين، ثم طرح سؤال: هل يعقل أن أهل غزة لديهم هذا الكم الهائل من الأموال وهم تحت حصار امتد لمدة ستة عشر عاما؟

نشاط العرجاني المشبوه عند بوابة معبر رفح، وهو ما وثقته مجموعة من المنصات والتقارير الصحفية العربية والغربية، والتي أثبتت أن العرجاني عبر شركة هلا للخدمات السياحية يتلقى ملايين الدولارات من أموال الفلسطينيين للسماح لهم بالعبور من غزة إلى الأراضي المصرية

في مقابلته مع نيويورك تايمز، في مكتب وضع فيه كالعادة صورته بجوار صورة السيسي، اعترف إبراهيم العرجاني بثلاثة اعترافات مثيرة للانتباه:

الاعتراف الأول كان بخصوص شركة هلا للخدمات السياحية، حيث أقر العرجاني بأنه أحد الشركاء في شركة هلا وأن هناك جهات أخرى تمتلك أسهما في الشركة، وهذا تحديدا ما تحدثنا به أكثر من مرة عبر طرح أسئلة حول الجهة التي أسست شركة هلا بالأساس، وما علاقتها بمحمود، نجل عبد الفتاح السيسي، وكيف حصلت الشركة على هذا الكم من الامتيازات الخاصة في منطقة حدودية تمس الأمن القومي المصري.

العرجاني باعترافه هذا أكد ما قاله مصطفى بكري، المتحدث باسم اتحاد القبائل العربية؛ الكيان الجديد الذي يترأسه العرجاني أيضا، عندما قال في مقابلة تلفزيونية مع إعلامية الشركة المتحدة قصواء الخلالي إن إبراهيم العرجاني لا يملك من أسهم شركة هلا إلا 49 في المئة فقط والبقية تمتلكها "جهات أخرى" على حد قوله.

الاعتراف الثاني الذي أدلى به العرجاني كان بخصوص الأموال التي يتحصل عليها عبر شركة هلا من جيوب الفلسطينيين، حيث اعترف بأن شركة هلا تحصل على 2500 دولار نظير عبور الشخص الواحد من معبر رفح، وهو مبلغ مقابل خدمات وصفها هو بالخدمات المميزة للانتقال من غزة إلى مطار القاهرة مباشرة.

المشكلة في اعتراف العرجاني هنا أنه كشف كذب تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، كما كشف تدليس بيانات رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان بأنه لا أموال يتم الحصول عليها إطلاقا من الفلسطينيين.

العرجاني اعترف على نفسه وورط من خلفه من جهات سيادية باعترافه الثاني، وكشف زيف وعبث دفاع اللجان الالكترونية عنه طيلة الأشهر الماضية.

الاعتراف الثالث وهو أخطرها كان بخصوص ما جرى بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر حيث اعترف إبراهيم العرجاني بأنه اضطر إلى رفع أسعار تعريفة العبور من غزة إلى مصر عبر شركته (هلا) إلى حد كبير، وذلك بسبب ما أسماه العرجاني بالضغط المتزايد والكبير على طلب العبور من غزة إلى مصر.

اعترافات العرجاني الثلاثة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك بأن الرجل ما هو إلا سمسار للمعبر وواجهة لأجهزة سيادية يديرها محمود عبد الفتاح السيسي؛ كانت تتحكم بشكل كامل في معبر رفح قبل سيطرة الاحتلال عليه في السابع من أيار/ مايو الماضي

العرجاني لم يحدد هذه الزيادة بضعف واحد أو ضعفين أو أكثر، بل قال إنها ارتفعت إلى حد كبير، وإذا كان العرجاني في اعترافه الثاني قال إن تأشيرة العبور الأساسية قبل السابع من أكتوبر كانت 2500 دولار، فهذا يعطينا تأكيدا إضافيا واعترافا ضمنيا بالأرقام التي ذهبت إليها تقارير سكاي نيوز البريطانية وميدل إيست آي والتايمز حول تلقي العرجاني وشركته أموالا تصل إلى مئات الملايين من الدولارات في فترة وجيزة.

اعترافات العرجاني الثلاثة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك بأن الرجل ما هو إلا سمسار للمعبر وواجهة لأجهزة سيادية يديرها محمود عبد الفتاح السيسي؛ كانت تتحكم بشكل كامل في معبر رفح قبل سيطرة الاحتلال عليه في السابع من أيار/ مايو الماضي.

إبراهيم العرجاني ما هو إلا مجرم أو واجهة لنظام مجرم يتعامل مع قطاع غزة بهدف التربح من دماء الفلسطينيين، وبناء ثروة كبيرة من معاناة شعب يعاني الأمرّين من الإبادة الجماعية والمجاعة ولم يجد في النظام المصري ورجاله أمثال إبراهيم العرجاني إلا جيرة السوء ونذالة تجار الدم.

x.com/osgaweesh