أطلق ناشطون وشخصيات عربية في
بريطانيا "نداء" لدعم حملتي "الصوت
العربي"
و"الصوت المسلم" في
الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في الرابع من
تموز/ يوليو القادم، داعين إلى انتخاب ودعم المرشح الذي تزكّيه الحملتان "لضمان
تحقيق تمثيل فعّال ومؤثر".
وكانت حملة "الصوت المسلم"
قد حددت حتى الآن 90 دائرة انتخابية تتجاوز فيها نسبة الناخبين
المسلمين 10 في
المئة من مجموع الناخبين، حيث تم أو سيتم اختيار مرشح لدعمه في كل دائرة. وبين
هؤلاء
المرشحين مستقلون أو من ينتمون للأحزاب الصغيرة.
وحددت الحملة التي تدعمها حملة
"الصوت العربي" ثلاثة معايير لتأييد أي مرشح، وهي موقفه بشأن دعم وقف
إطلاق النار في غزة، ودعم قضايا المسلمين، والتمتع بالشعبية في الدائرة الانتخابية
التي ينتمي إليها.
وقررت الحملة أخيرا عدم دعم
أي مرشح من حزب العمال بغض النظر عن مواقفهم، مع التزام الحياد في 12 منطقة لمرشحين
عماليين كان يُتوقع أن يتم دعمهم.
من جانبه، دعا "النداء" الذي وقعته الشخصيات
العربية في بريطانيا "جميع المرشحين من الأصدقاء الذين لم يُعتمدوا في الحملة
للانسحاب الفوري لمصلحة المرشحين المعتمدين؛ وذلك لتجنب تشتيت الأصوات"، وحث "جميع
الناخبين على تبني
الحملات الانتخابية للمرشحين المعتمدين والتضامن معهم" إلى
جانب "التأكيد على ضرورة ممارسة حق الانتخاب، سواء بالحضور الشخصي أو عبر
الطرق الأخرى التي يتيحها القانون البريطاني"، كما حذر من أن "عدم
ممارسة حق الانتخاب يعني دعم المرشح الأكثر سوءًا بطريقة غير مباشرة".
وبينما أشار النداء إلى "أولوية
تبني وقف الإبادة في غزة"، إلا أنه أكد أن هذا "لا يعني بالضرورة إهمال القضايا
المحلية"، متحدثا عن الـ"توازن بين الاهتمام بالقضايا الدولية والمحلية".
وأعادت الانتخابات المحلية التي
جرت في بريطانيا الشهر الماضي؛ النقاش حول مدى تأثير أصوات المسلمين والعرب في الانتخابات،
خصوصا أن البلاد على أبواب انتخابات عامة.
وفي العادة، فإن غالبية المسلمين
في بريطانيا يصوتون لحزب العمال، لكن موقف الحزب بقيادة كير ستارمر المؤيد لإسرائيل
بشدة، بما في ذلك تأييده قطع إمدادات الماء والغذاء والكهرباء عن سكان غزة، والرافض
للدعوة لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وهو موقف حكومة المحافظين أيضا، أثار
غضب شرائح واسعة من ناخبي الحزب، خصوصا المسلمين.
ورغم أن حزب العمال حقق تقدما
في الانتخابات المحلية الأخيرة مقابل تراجع المحافظين، فإن الحزب واجه تحديا في المناطق
التي تزيد نسبة المسلمين فيها على 20 في المئة، حيث شهد تراجعا بنحو 21 في المئة من
الأصوات مقارنة بنتائج انتخابات 2021.
وقالت النائبة البارزة إيلي ريفز،
وهي نائبة منسق حملة حزب العمال، إن حزبها يحتاج إلى إعادة بناء الثقة مع الناخبين
المسلمين، وسط رد فعل "عنيف" وواضح ضد موقفه من غزة. كما أقرت بأن حزبها
بحاجة إلى الكثير من العمل قبل الانتخابات العامة المقبلة.
الجالية العربية
وفي هذا السياق، يقول رئيس
جمعية المحامين العرب في بريطانيا صباح المختار، وهو أحد الموقعين على النداء: "ما
قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ليس كما بعده.. في السنين الماضية الجالية العربية
في غالب الأحيان كانت لا تشارك في العمل السياسي، لا تنتخب، أغلبها لا يسجلون لغرض
الانتخاب، إما لأسباب تعود لتجاربهم السابقة في الوطن الأم (..) أو لشعورهم بأنه لا
أهمية لصوتهم".
وأضاف لـ"عربي21": "هناك
الآن عالم مختلف"، مشيرا إلى المظاهرات حول العالم للاحتجاج على الإبادة الجماعية
في غزة.
وشدد المختار على أهمية "تكوين
رأي لدى الجالية العربية بأنه يجب أولا المشاركة في هذا المجال، وثانيا ألا نصوت لحزب
العمال ولا لحزب المحافظين، وبالتالي بدأ موضوع لمن نصوت؟ وهذه المرة الأولى -على ما
أذكر- في تاريخ الانتخابات البريطانية هذا العدد الكبير من المستقلين الذين رشحوا أنفسهم
(..) والعرب دخلوا في هذا المجال".
ورغم التركيز على قضية غزة،
لكن "المرشح للبرلمان سيتحدث عن المصالح البريطانية، والمصالح البريطانية جزء
منها هو السياسة الخارجية وسياسة الحروب أو دعم الدول التي تدخل في معارك"،
مشيرا إلى رفض قطاع كبير من البريطانيين للدعم البريطاني لأوكرانيا، والأمر ذاته
"حصل مع التدخل في غزة، خصوصا أن الموقف الذي يتعلق بغزة غير أخلاقي وغير إنساني
وغير قانوني"، وفق تأكيد المختار.
وأوضح أن المرشحين الذين يحظون
بدعم حملتي "الصوت المسلم" و"الصوت العربي" سيهتمون بالقضايا الداخلية
منها "التي تشمل التعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية وقوانين الهجرة (..) إضافة
إلى ما يتعلق بموقف بريطانيا فيما يتعلق بدعم الحروب".
وفي حين أنه "تاريخيا غالبية
العرب يصوتون لحزب العمال، والأغنياء منهم أو قلة منهم يصوتون لحزب المحافظين"،
فإنه في هذه المرة قررت الحملتان "عدم التصويت للمحافظين لأنهم مؤيدون لإسرائيل بالكامل،
وعدم التصويت للعمال لأنهم رفضوا وقف إطلاق النار (..)"، لافتا إلى أن "الأحزاب
الصغيرة والمستقلين إن لم ينجحوا (في الانتخابات) فهنالك ما يسمى بالتصويت التكتيكي
وهو تخفيض نسبة نجاح الأحزاب (الكبرى). بالتأكيد سيكون هناك عدد من المحافظين سيفوزون
وأيضا من حزب العمال، ولكن المقصود هو تخفيض عدد الأصوات التي يحظون بها"، لإعطاء
"رسالة واضحة".
وحول إمكانية أن تتطور مثل
هذه الحملات لتكون بمثابة جماعة ضغط فاعلة حتى خارج فترة الانتخابات، وخصوصا
بالنسبة لحملة "الصوت العربي"، قال المختار: "هذا الأمر له علاقة بما
يسمى الجالية العربية.. الجالية العربية في حزيران/ يونيو 2023 عقدت الاجتماع الأول
لعدد من النشطاء العرب، والفكرة أنه يجب أن تتكون هناك جالية عربية وفق التنظيم الذي
يعتبر العرب جالية".
وقال: "بريطانيا، على مختلف
المستويات؛ البرلمان والإعلام والسياسيون، تعتبر الجالية العربية كتلة، هي أقلية اسمها
الجالية العربية.. المشكلة أن الجالية العربية نفسها لا تتصرف كجالية، وإنما تتصرف
كفلسطينيين وأردنيين وسوريين وعراقيين.. الخ"، مضيفا: "الفكرة الأساسية هي
أنه يجب أن نعمل على تشكيل جالية عربية.. الجالية العربية ليست حركة سياسية؛ هي مجرد
مظلة لجمع العرب تحتها وتكوين مختلف أنواع اللجان" (موضوع الانتخابات، رعاية الشباب،
الهجرة، توعية العرب، مساعدة من يحتاج منهم.. الخ)".
وأشار إلى أن هناك توجها قبل نهاية
العام، ربما في تشرين الأول/ أكتوبر أو تشرين الثاني/ نوفمبر، لعقد المؤتمر الأول للجالية
العربية، وقال: "وبالرغم من أن اسمه المؤتمر الأول، لكن في الحقيقة هذا
هو المؤتمر الرابع"، حيث كان المؤتمر الأول عام 1991، والثاني في 1994، والثالث
في 1997، "والآن هناك محاولة لإعادة تكوين الجالية، خصوصا أن الجيل الجديد هو
المهم، والأمل فيهم، والتنظيم لهم والعمل يكون من خلالهم"، وواحدة من القضايا
ستكون "اللوبي السياسي"، كما قال.
مشروع سياسي تغييري
من جانبه، قال رئيس مركز قرطبة
لحوار الحضارات أنس التكريتي، وهو أيضا أحد الموقعين على هذا النداء، إن "هذا
النداء نوع من التأكيد على أن مثل هذه الحملات ليست حملات طارئة، وتهدف لبناء
قاعدة صلبة يمكن من خلالها بناء مشروع سياسي تغييري إصلاحي على المدى البعيد".
وأكد التكريتي أن "التفاعل
مع هذه الحملة يكاد يكون غير مسبوق، ومن عدة جوانب"، مضيفا: "الانتخابات
القادمة تشهد عددا غير مسبوق من المرشحين المستقلين الذين لا ينتمون إلى أي من
الأحزاب الكبيرة، كما أن العدد الهائل من هؤلاء الذين يتجاوزون 1300 أو 1400 من
جميع أنحاء بريطانيا؛ يرفعون العلم الفلسطيني في حملاتهم وينطلقون من مواقفهم
الرافضة للإبادة التي ارتكبت بحق غزة ويطالبون بتعديل وإصلاح بشكل جذري للنظام
السياسي البريطاني"، بحسب التكريتي.
ولفت التكريتي في حديثه
لـ"عربي21" إلى أن هناك "حالة من الانسجام والتنسيق بين الصوت
العربي والصوت المسلم"، مشيرا إلى أن المعايير الرئيسة للمرشحين الذين حازوا
على دعم الصوت العربي؛ ليست معايير صعبة أو طويلة "بل هي في غاية البساطة والوضوح"، ومنها "أن يكون موقف المرشح واضحا من قضية غزة" حتى لو كان منتميا لأي حزب، ابتداء من التصويت لصالح
مشروع وقف إطلاق النار في البرلمان في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
كما أن "هناك حزمة من
السياسات التي تتعلق بالمواطن البريطاني العربي أو البريطاني المسلم، ومنها قضية
العنصرية، والإسلاموفوبيا، وإجراءات (برنامج) بريفنت الأمنية والتي تؤثر على
الأطفال والكبار.. القضايا التي تتعلق بالمسلمين والمجتمع العربي"، وفق التكريتي.
كما يلفت التكريتي إلى قدرة
المرشح الذي يحظى بالدعم "على العمل مع الجميع في كافة القضايا المجتمعية،
ولذلك نحن ننسق على مستوى كبير مع حزب العاملين برئاسة جورج جالاوي وكذلك مع بعض
الأحزاب الصغيرة والمجموعات الصغيرة، والذين كانوا مثلا في حزب العمال وخرجوا، وكذلك
القبول من المجتمع المحلي (المساجد، اللجان المجتمعية، رجال الأعمال.. الخ)، عبر
تواصل المرشحين مع هذا المجتمع والتفاعل مع قضاياه".
وحول قرار حملة "الصوت
المسلم" عدم دعم أي مرشح عمالي بغض النظر عن موقفه تجاه حرب غزة أو علاقته
بالجالية المسلمة، قال التكريتي إن هذه القضية أثارت "جدلا كبيرا، وانتهى
الجدل إلى أنه في الدوائر التي فيها أعضاء من حزب العمال مواقفهم إيجابية وجيدة
وربما تنطبق عليهم المعايير التي ذكرتها، فحينئذ ورفضا لحزب العمال فقط وموقف كير
ستارمر إزاء ما حدث في غزة، فلن ندعم أي مرشح في تلك الدوائر؛ سنترك تلك الدوائر
دون ترشيح أو دعم لأي مرشح".
وذكر التكريتي أن هذا النداء "ينبع
من حالة من الالتزام بالوعود التي أطلقنا من بداية حرب الإبادة في غزة، وهي أن
معاقبة الأحزاب الكبيرة ومعاقبة كافة المرشحين مع المجرم الذي ارتكب جريمة الإبادة
الجماعية في غزة ومكافأة الذي عارض هذه الجريمة ووقف مع الضحايا، وكذلك موضوع الخدمات
الصحية والتعليمية والمجتمعية والحالة الاقتصادية المزرية في بريطانيا (..) وهذه
أيضا من جملة القضايا التي يجب أن يعتني بها المرشح".