نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"
تقريرا، تناولت فيه كيفية حصول جيش
الاحتلال على المعلومات الاستخباراتية بشأن أماكن
الأسرى لدى حماس في قطاع
غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21، "أن خلية الاندماج لتي تم تشكيلها بهدوء في إسرائيل في الخريف الماضي، يقوم خلالها محللون استخباراتيون وعسكريون أمريكيون وإسرائيليون بتبادل الصور من الطائرات دون طيار والأقمار الصناعية، إلى جانب اعتراض الاتصالات وأي معلومات أخرى تصلهم قد تقدم تلميحًا عن أماكن الأسرى".
وأوضحت "أن هناك أكثر من حرب تدور في قطاع غزة، ففي حين يرى العالم الغارات الجوية والاجتياح البري، التي تقول إسرائيل إنها تهدف إلى تفكيك حماس وحولت معظم الأراضي إلى ركام، ما تسبب في أزمة إنسانية، لكن إنقاذ أربعة رهائن يوم السبت كان تذكيرا بأن إسرائيل وحماس تخوضان معركة أخرى أقل وضوحا؛ فالمسلحون مصممون على الاحتفاظ بالرهائن، أما الإسرائيليون فهم مصممون على إعادتهم إلى ديارهم".
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين "الإسرائيليين" والأمريكيين قولهم، "إنهم لا يعرفون مكان احتجاز العديد من المحتجزين، وحتى عندما يعرفون، في كثير من الحالات؛ فإن مهمة الإنقاذ غير ممكنة ببساطة".
وذكرت الصحيفة "أن إسرائيل حررت حتى الآن ما مجموعه سبع رهائن، لكن الحقيقة الصارخة هي أنه منذ بدء الحرب، لقي عدد أكبر من المحتجزين حتفهم، وقد استعادت إسرائيل جثثا أكثر بكثير من الرهائن الأحياء".
وبينت الصحيفة، "أنه رغم كل الابتهاج الذي أثارته عملية الإنقاذ يوم السبت في إسرائيل؛ يقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن تعقيد العملية نفسها والعنف الذي رافقها أكد على تحديات العثور على الرهائن وانتشالهم. فقد لقي أحد المنقذين حتفه، وقتلت قوات الكوماندوز الإسرائيلية العديد من مقاتلي حماس، وقتل العديد من المدنيين في تبادل إطلاق النار".
وأشارت الصحيفة إلى "أنه ليس من الواضح كم عدد الفرص الإضافية التي ستتاح لغارات الإنقاذ، على الأقل فوق الأرض، وقد تم إنقاذ الأسرى الذين تم إنقاذهم حتى الآن من الشقق فقط. والآن، كما يقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون حاليون وسابقون، من المرجح أن تغير حماس تكتيكاتها، وتسعى إلى نقل المزيد من الرهائن إلى الأنفاق، وربما بعيدًا عن متناول قوات الكوماندوز".
وأفادت الصحيفة، "بأن عمليات الإنقاذ كما يقول المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون ستكون الاستثناء. بينما يتم إعادة الرهائن المتبقين إلى ديارهم، فقط من خلال الوسائل الدبلوماسية، ويضغط المسؤولون الأمريكيون على إسرائيل وحماس للموافقة على صفقة من شأنها أن تعيد الرهائن كجزء من هدنة".
ونقلت الصحيفة عن آفي كالو، وهو ضابط برتبة مقدم في الاحتياط "الإسرائيلي" الذي كان يقود في الماضي قسم الاستخبارات العسكرية الذي كان يتعامل مع أسرى الحرب والمفقودين، قوله: "يجب أن نتذكر أن إطلاق سراح المحتجزين الأربعة هو في نهاية المطاف إنجاز تكتيكي لا يغير الجانب الإستراتيجي. فلا يزال لدى حماس العشرات من الرهائن، وغالبيتهم العظمى، إن لم يكن جميعهم، لن يتم إطلاق سراحهم في العمليات، ولكن يمكن إنقاذهم فقط كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار".
وبينت الصحيفة، "أنه على الرغم من أن تحرير المحتجزين كان أولوية منذ بدء الحرب، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين يقولون إن مستوى التركيز الإسرائيلي على هذا الهدف كان متفاوتا، وقد أوضح القتل غير المقصود لثلاثة رهائن في كانون الأول/ ديسمبر، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على ثلاثة رجال فروا من خاطفيهم في شمال غزة، أن القوات الإسرائيلية لم تكن دائمًا منتبهة لجهود البحث عن الرهائن. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن الجيش تعلم من ذلك الخطأ".
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين "إسرائيليين" قالوا إنه يُعتقد أن 251 شخصا تم أسرهم خلال هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وأدى اتفاق بين إسرائيل وحماس في نوفمبر الماضي إلى إطلاق سراح 105 منهم. ومنذ ذلك الحين، تم الإعلان رسميًا عن وفاة 43 من المحتجزين المتبقين، ويُعتقد أن العديد منهم، إن لم يكن جميعهم، قد ماتوا في الأسر".
وفي أحاديث خاصة، قال مسؤولون "إسرائيليون" إنهم يعتقدون أن أقل من 60 منهم لا يزالون على قيد الحياة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن هناك خمسة مواطنين مزدوجي الجنسية في غزة لا يزالون على قيد الحياة، وثلاث جثث لأمريكيين تحتجزهم حماس.
وقالت الصحيفة، "إن إسرائيل بذلت على مر تاريخها جهودًا كبيرة لإعادة الرهائن إلى الوطن، والمبدأ الراسخ منذ زمن طويل هو استخدام القوة العسكرية كخيار أول في محاولة إنقاذ إسرائيلي. وإذا كان الإنقاذ مستحيلا، تعقد إسرائيل صفقة؛ وأحيانًا تتخلى عن أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل جندي إسرائيلي واحد أسير".
وأوضحت الصحيفة أن عملية تعقب تحركات الأسرى، وهي عملية تلعب فيها بريطانيا دورًا أيضا، لا تقتصر على تحديد الموقع فقط؛ حيث يبحث المسؤولون العسكريون ومسؤولو الاستخبارات أيضا عن الأنماط، محاولين معرفة المدة التي تحتجز فيها حماس الأشخاص في مكان ما قبل نقلهم إلى مكان آخر، فإذا تمكنوا من تحديد نمط معين، يمكنهم تحديد الفترة الزمنية اللازمة لتنفيذ عملية إنقاذ بشكل أفضل.
وأفادت الصحيفة بأنه غالبا ما تكون "المعلومات الاستخباراتية التي يتم جمعها مجزأة، وقد لا يكشف تلميح إلى أن رهينة معينة لا تزال على قيد الحياة، أو دليل حول المجموعة التي قد تكون تحتجز الأسير عن موقع محدد، ولكن يمكن أن يعطي إشارة عن أي جزء من غزة يجب تكثيف جهود جمع المعلومات، وعلى الرغم من أنه لا يمكن لأحد أن يكون متأكدا من مدى جودة تلك المعلومات، فإنه بمجرد أن يحدد الإسرائيليون موقعا بدرجة من الثقة، ويعتقدون أن الرهينة قد يكون هناك لبعض الوقت، يبدأ التخطيط المكثف".
وأضافت الصحيفة أنه في وقت مبكر من الحرب، اعتقد بعض مسؤولي الاستخبارات أن معظم الرهائن محتجزون في الأنفاق، لكن يبدو أن العيش تحت الأرض أثبت صعوبته بالنسبة لقادة حماس، واتضح أن الاحتفاظ بالرهائن في شقق أنصار المنظمة أسهل.
ولفتت الصحيفة إلى أنه مع استمرار الحرب، تحسنت المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية عن الأسرى، بمساعدة الوثائق التي تم الاستيلاء عليها، واستجواب مقاتلي حماس الأسرى، بالإضافة إلى المساعدة الأمريكية والبريطانية.
وبحسب الصحيفة، "يعتقد المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون أن بعض الأسرى ربما يتحركون الآن أكثر مما كانوا عليه في بداية الحرب، ولكن نظرا للقصف الإسرائيلي المدمر على القطاع الصغير، فقد تقلصت المناطق التي يمكن لحماس إخفاء الرهائن فيها، وازدادت فرص اكتشافهم، كما قال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون".
وعلاوة على ذلك، ومع ازدياد صعوبة الحركة في غزة، انقطعت الاتصالات بين كتائب حماس وقيادتها المركزية، وفقًا لمسؤولين أمريكيين، ونتيجة لذلك، بقي بعض الأسرى لفترة أطول في مخابئهم، وفقا لنيويورك تايمز.
وأوضحت الصحيفة، "أنه في حين يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن حماس مسؤولة عن ملف جميع الرهائن، إلا أن بعض الرهائن ليسوا محتجزين لدى الحركة؛ بل هم تحت سيطرة منظمات مسلحة حليفة لها، بما في ذلك حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. ولهذا السبب، بدا أن قيادة حماس غير متأكدة من عدد الرهائن في غزة"، وفقا لمسؤولين أمريكيين و"إسرائيليين".
وقالت الصحيفة إن المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين يشعرون بقلق متزايد بشأن صحة الأسرى الذين تعرضوا للإيذاء النفسي والجسدي على مدى فترة أسرهم الطويلة.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال ريتشارد د. كلارك، الرئيس المتقاعد لقيادة العمليات الخاصة الأمريكية، قوله: "لديك رهائن في حالة متدهورة للغاية، عقليًا وجسديًا، يمكثون أكثر من حوالي تسعة أشهر في الأسر، وقد لا يستطيع منقذوهم حتى التعرف عليهم".
وشددت الصحيفة على "أنه بقدر ما تبحث إسرائيل جاهدة عن الأسرى، يعمل قادة حماس على إبقائهم مختبئين - مدركين أنهم يقدمون أفضل ورقة ضغط في محادثات وقف إطلاق النار، لكنهم يؤدون أيضًا دورًا آخر؛ حيث يُعتقد أن مجموعة صغيرة من الرهائن محتجزة بالقرب من يحيى السنوار، قائد حماس في غزة، ما يجعل من الصعب على إسرائيل استهدافه".
وأشارت الصحيفة إلى "أن الأمريكيين والإسرائيليين يجدون صعوبة في تحديد الموقع الدقيق للسنوار وهؤلاء الرهائن. ويقول المسؤولون الأمريكيون إنه تنقل في أنحاء غزة، بما في ذلك الاختباء أسفل رفح لبعض الوقت، ومن المرجح أنه عاد الآن إلى أسفل خانيونس، ثاني أكبر مدن غزة. وقال مسؤول أمريكي إن شبكة الأنفاق هناك واسعة، ولم تتمكن الولايات المتحدة ولا إسرائيل من تحديد موقعه بدقة".
ووفق زعم الصحيفة، "فقد أعطى قادة حماس أوامر دائمة لمقاتليهم الذين يحتجزون الرهائن بأنه إذا اعتقدوا أن القوات الإسرائيلية قادمة، فإن أول ما يجب عليهم فعله هو إطلاق النار على الأسرى، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين. إذا كان الرهائن قد قتلوا يوم السبت، كما تدعي حماس، فربما كان ذلك على يد المقاتلين، وليس بسبب غارة جوية إسرائيلية. ولكن حتى الآن، لا يستطيع المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون تأكيد أو دحض مزاعم حماس".
وقالت الصحيفة إنه منذ الأيام الأولى التي تلت الهجوم على دولة الاحتلال في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قام الجيش الأمريكي بإطلاق طائرات مراقبة مسيرة فوق قطاع غزة للمساعدة في جهود إنقاذ الأسرى، حسبما قال مسؤولون أمريكيون. وقال المسؤولون إن ما لا يقل عن ست طائرات من طراز إم كيو-9 ريبر التي تسيطر عليها قوات العمليات الخاصة شاركت في مهام تحليق لمراقبة أي علامات على وجود أحياء.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول "إسرائيلي" كبير قوله إن الطائرات البريطانية والأمريكية دون طيار تمكنت من توفير معلومات لا تجمعها الطائرات الإسرائيلية.
وقال مسؤولون عسكريون أمريكيون إن طائرات الاستطلاع المسيرة الأمريكية لديها إلى حد كبير نفس أجهزة الاستشعار الموجودة على متن الطائرات المسيرة البريطانية والإسرائيلية، لكن العدد الهائل للطائرات الأمريكية يعني أنه يمكن مراقبة المزيد من الأراضي بشكل أكثر تواترًا ولفترات أطول.
وأوضحت الصحيفة "أنه لا يمكن للطائرات دون طيار أن ترسم خريطة لشبكة الأنفاق الواسعة تحت الأرض التابعة لحماس، حيث تستخدم إسرائيل أجهزة استشعار أرضية سرية للغاية للقيام بذلك، لكن رادارها الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء يمكنه رصد البصمات الحرارية للمقاتلين أو الأشخاص الآخرين الذين يدخلون أو يخرجون من مداخل الأنفاق على السطح"، حسبما قال المسؤولون.
واختتمت الصحيفة التقرير عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين كبار حاليين أو سابقين قولهم، "إن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بالحرب في غزة ركز في البداية على جهود استعادة الرهائن، ولكن مع مرور الوقت توسع التعاون".