جاء خطاب الرئيس الأمريكي جو
بايدن وحديثه عن
فرصة أخيرة لوقف الحرب، في توقيت مهم بالنسبة للإسرائيليين، لا سيما أنه يأتي قبيل استقالة محتملة للوزير في مجلس الحرب بيني
غانتس، ما يثير كثيرا من التساؤلات حول الفرصة التي لا ينبغي تفويتها وفق تحذير بايدن للاحتلال.
"عربي21" رصدت جملة من ردود فعل المعلقين الإسرائيليين حول خطاب بايدن، والموقف الاسرائيلي المتوقع، وفرص تحقيق وقف العدوان.
دانا فايس مراسلة الشؤون السياسية في "
القناة 12" أكدت أن "بايدن أراد مخاطبة الجمهور الإسرائيلي مباشرة أولاً وقبل كل شيء، بقوله إن هناك فرصة هنا يجب على الاسرائيليين اغتنامها، من خلال قبول صفقة التبادل، ووضع حد للحرب على
غزة، ورؤية حماس ضعيفة لا يمكنها تهديدهم، والحصول على الدعم الكامل مع الضمانات من الولايات المتحدة، ومن قطر ومصر إذا خرقت حماس الصفقة".
وأضافت أن "شرط بايدن لكل بنود الصفقة التي تشمل التطبيع مع السعودية، ووقف التوتر في الجبهة الشمالية، واضح جداً، ويتضمن ثلاث مراحل تحدث عنها بالتفصيل، لكن الأهم أن الخطاب يعبر عن الإحباط الأمريكي الكبير المتمثل في عدم قدرة الإدارة على إقناع الحكومة الإسرائيلية بقبول العرض الذي قدمته بنفسها أمام الوسطاء".
وأشارت إلى أن "بايدن صحيح أنه لا يلزم الاحتلال بإنهاء الحرب، لكنه يعطي حماس ضمانة بأنه لن ينتهك وقف إطلاق النار بعد المرحلة الأولى، محاولا التغلب على خوف حماس من أن الاحتلال سيفعل ذلك، وفي الوقت ذاته يعطي الاحتلال ضمانة بأنه سيفعل ذلك، ومن الممكن دائماً العودة للقتال".
وأكدت أن "توقيت الخطاب ليس صدفة، لأن بيتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير لا يستطيعان الرد عليه بسبب عطلة السبت اليهودية، كما أن الخطاب تم قبل خروج متوقع لمعسكر الدولة برئاسة غانتس من الحكومة، وفي المحصلة فإن الخطاب يتوافق مع الجدول السياسي الإسرائيلي، لأنه إذا انسحب هذان الاثنان، فإن هناك شبكة أمان يمنحها غانتس وآيزنكوت لنتنياهو".
نير دفوري المراسل العسكري للقناة 12 اعتبر أن خطاب بايدن يمكن تسميته "الفرصة الأخيرة لاتخاذ القرارات، رغم أنه أوضح بعض النقاط، وأبقى بعض علامات الاستفهام، لكن المحصلة أن خطابه تحدث عن نقطة القرار والوقت المناسب لاتخاذه. وفي الواقع، فقد أعطى فرصة أخيرة لوقف الحرب، رغم أنه حتى في ظل الاقتراح الإسرائيلي، تظل حماس في السلطة، ما يطرح علامة الاستفهام حول ما إذا كان سيتم إبعادها عنها، واللافت أن بايدن لم يتحدث أبدا عن ما سيحدث مع السلطة الفلسطينية، مكتفيا بالحديث عن ترتيبات محلية وإقليمية".
وأضاف أن "بايدن تحدث صراحةً، على غير العادة، بأن المشكلة تكمن في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، واصفاً إياه بأنه يتراجع خطوة للوراء، صحيح أنه أكد على أن الكرة في ملعب حماس حالياً، لكن ليس ذلك فحسب، بل هي في ملعب إسرائيل أيضاً، وبالتالي فإن استماع الجمهور الإسرائيلي لهذا الخطاب، وبهذه التفاصيل، للمرة الأولى، سينعكس في استطلاعات الرأي".
يونا ليبزون مراسلة الشؤون الدولية في القناة 12 اعتبرت أننا "أمام خطاب نهاية الحرب، كلنا نتذكر خطاب بايدن في بدايتها، وخطاب الليلة ربما نتذكره باعتباره خطابه في نهاية الحرب، لقد قالها رسميًا، ولأول مرة بمثل هذه العبارات، بكلماته الخاصة، وليس خلف الكواليس، أو في أي نوع من الإحاطات الخاصة المغلقة، لقد قدم الخطوط العريضة الحقيقية لإنهاء الحرب، وليس مجرد وقف إطلاق النار، واتفاق إطلاق سراح المختطفين".
وأضافت أن "ما يجب ملاحظته في كلام بايدن أنه طوال الوقت أكد على هدف القضاء على حماس، وأنها لن تكون قادرة على تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر مرة أخرى، ما يعني من وجهة نظر الأمريكيين، أن جميع الأهداف العسكرية التي حددتها إسرائيل قد انتهت، صحيح أن الخطاب يحمل نداءً مباشراً للجمهور الإسرائيلي، وهذا شيء كان البيت الأبيض يفكر فيه لفترة طويلة جدًا، لكن بايدن تحدث معهم فوق رأس الحكومة".
غاي بيليغ مراسل الشؤون الحزبية في القناة ذاتها أشار إلى أن "العنوان الأكثر مناسبة لخطاب بايدن أنه "يحفظنا من أنفسنا، ما يجعلنا نتذكر خطابه الافتتاحي في بداية الحرب، عندما وصل إلى هنا، وأرسل رسائل إلى حزب الله وإيران وجميع أعدائنا بألا يعبثوا معنا، ثم حمانا من أعدائنا، واليوم يحمينا من أنفسنا، لقد كان هذا في الواقع خطابه الليلة، رغم إدراكه أن هناك عناصر سياسية في الحكومة تبتزّ نتنياهو، وتسيطر عليه، لكنه حذره من الاستسلام لتلك العناصر الخطيرة".
"الضغوط
موجهة لإسرائيل"
المراسل
السياسي لصحيفة "يديعوت أحرنوت" إيتمار إيخنر قال إن بايدن "فضح الخدعة
الإسرائيلية، وكشف أن إسرائيل وافقت في الواقع على إنهاء الحرب دون انهيار حماس".
وأكد
أن تلك "هي نفس الصياغة الغامضة التي تم الحديث عنها في الأسابيع الأخيرة خلف
الكواليس من أجل إعطاء حماس "نهاية للحرب" حتى لو لم تسميها كذلك.
ويرى
إيخنر أن "الشيء الوحيد الذي برز في الخطاب هو أن معظم الضغوط موجهة إلى إسرائيل،
وأن وحماس تفلت من العقاب مرة أخرى".
أما
الشيء الآخر الذي برز، بحسب إيخنر، هو نفور الرئيس الأمريكي من نتنياهو ووعوده بـ"النصر
الكامل".
"
خلاصة القول، إن خطاب بايدن يظهر أن إسرائيل مطالبة بدفع أثمان باهظة: حماس ستبقى صاحبة
السيادة في قطاع غزة، وستحتفظ بقوتها العسكرية. لكن إسرائيل تظل مكبلة الأيدي"،
هكذا ختم إيخنر مقاله في "يديعوت أحرنوت".
"على
الجميع الصمت"
أما
المحلل العسكري في ذات الصحيفة فإنه ينصح المسؤولين الإسرائيليين بالصمت وعدم
التعليق أو محاولة تفسير مقترح بايدن.
قدم
بايدن عرضا مشتركا لإسرائيل والولايات المتحدة - والذي سيكون من الصعب على حماس وقطر
رفضه
وقال
رون بن يشاي إنه يفضل على غير العادة "عدم تحليل الاقتراح نفسه، لأن أي كلمة تفسيرية
تأتي من الجانب الإسرائيلي أو الجانب الأمريكي لن تؤدي إلا إلى الضرر".
ومع
ذلك فقد كتب يشاي إن مقترح بايدن "بعيد المدى بشكل غير عادي من وجهة النظر الإسرائيلية؛
فهو يتضمن تنازلات بعيدة المدى، لكنه يحافظ على المصالح الإنسانية والأمنية لدولة إسرائيل".
لكنه
نصح الجميع بالتزام الصمت، وقال: "على وزراء الحكومة والسياسيين من كافة الأحزاب،
وكذلك نحن المعلقين والصحفيين، أن يتراجعوا هذه المرة. لا تعلقوا، فقط التزموا الصمت.
وهذا هو أهم شيء يمكن أن يفعله الآن كل من يهتم بمصير المختطفين، ولا يريد هزيمة دولة
إسرائيل".
في
المقابل زعم يشاي أن المقترح سيحرج حماس، وسيضعها، إن لم تتجاوب معه، في صراع مع كل
من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الديمقراطي الغربي.
"لن
نقتل كل الإرهابيين ولن نصل إلى كل الأنفاق"
استعرض
المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" آفي إشكنازي ما قال إنها إنجازات الجيش
الإسرائيلي في جباليا ورفح، لكنه بعد ذلك علق قائلا: "دعونا لا نخدع أنفسنا..
لا يزال هناك المئات وربما الآلاف من أعضاء حماس في غزة. هل من الواقعي أن نصل ونقتل
كل الإرهابيين؟ الجواب هو لا. هل بقي المزيد من الأنفاق في غزة؟ الجواب نعم. هل سنصل
إلى النفق الأخير؟ الجواب هو لا".
جاء
ذلك تعليقا على المقترح الذي طرحه الرئيس الأمريكي، والذي كان مفاده " لقد استنفذنا
العملية العسكرية الكبيرة الصاخبة، وعلينا الآن أن ننتقل إلى النشاط الجراحي"
من وجهة نظر إشكنازي.
ويزعم
إشكنازي أنه "في الوقت الحالي، لا تعمل حماس كمنظمة عسكرية كما فعلت في 7 أكتوبر.
الآن يشن رجالها حرب عصابات منفردين. وهذا بالضبط ما يفهمه الجيش الإسرائيلي، وبعض
أعضاء الحكومة، وما يفهمه الأمريكيون، بقيادة الرئيس بايدن".
لذا
على "إسرائيل أن تنتقل إلى الخطوة التالية. التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح
المختطفين، وإدخال العناصر التي ستدير العمل المدني في غزة".