قال الكاتب
الإسرائيلي العاد بن دافيد٬ وهو خبير في شؤون الإسلام والولايات المتحدة في جامعة بار إيلان٬ وزميل باحث في منتدى التفكير الإقليمي٬ إن العدوان على قطاع
غزة أشعل خطابا غير مسبوق معاديا للصهيونية بين العديد من المسلمين في الغرب.
ويضيف الكاتب لموقع
إسرائيل اليوم أنه بعيدا عن الخطاب، يبدو أن هذه هي المرة الأولى التي لا يؤدي فيها نضال المسلمين من أجل الفلسطينيين إلى تعزيز مكانة الإسلام والمسلمين في الغرب فحسب، بل يصنفهم أيضا بشكل إيجابي على أنهم أولئك الذين يقاتلون بنشاط، إذا جاز التعبير، من أجل العدالة وضد الظلم والقهر.
وألمح أن الواقع الذي يتعزّز فيه الإسلام ليس جديدا٬ فمنذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر، بدأت أجزاء كثيرة من الجالية المسلمة الأمريكية في تعظيم قوتها الاجتماعية والسياسية والإعلامية، من أجل الدفاع عن نفسها ضد الهجمات العامة التي تمّ شنّها بعد ذلك ضد دينهم وجنسياتهم.
فقد بدأ الدعاة والناشطون والمنظمات الإسلامية في وصف الإسلام بشكل إيجابي بأنه صانع سلام يؤكد على هويتهم الأمريكية. وقد حوّل هذا الواقع أمريكا إلى ساحة تعمل منها أبرز الأصوات الإسلامية في الغرب ضد الظلم وانتهاكات حقوق الإنسان وقمع المسلمين، داعية إلى دمج الإسلام في النشاط الاجتماعي، كجزء من نضالهم من أجل الفلسطينيين.
وأضاف دافيد: على عكس العمليات العسكرية السابقة في غزة والتي أدت إلى زيادة الخطاب المناهض لإسرائيل بين المسلمين في أمريكا، فإن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي شكل نقطة تحوّل قد تعزز مكانة الإسلام في الولايات المتحدة، وذلك لعدة أسباب رئيسية.
أولا، كشف الخطاب السائد بين الجالية الإسلامية بشأن الانتخابات المقبلة عن انتقادات موجهة لإدارة بايدن بسبب دعمها لإسرائيل، وهو واقع من شأنه أن يهدد ولاية أخرى.
ورغم أن القوة العددية للمسلمين في أمريكا صغيرة نسبيا، فإن موقعهم ونفوذهم في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا وجورجيا قد يعزّز من نفوذ صوت المسلمين في الانتخابات الرئاسية.
وأكد أنه علاوة على ذلك، فمنذ تدخل الجيش الأمريكي في المظاهرات الطلابية خلال حرب فيتنام، لم نشهد مثل هذه المظاهرات العنيفة في الجامعات الأمريكية.
وتشير المظاهرات بشكل أساسي إلى تماهي العديد من الطلاب مع النضال الفلسطيني (المسلم) لغزة، وهو ما يتردّد صداه بقوة بين الشباب الأمريكيين.
كما تتم دعوة الدعاة المسلمين إلى الجامعات المرموقة في الولايات المتحدة، وتعزيز الشعور بالصلاح لدى الطلاب المتحمسين، والتأكيد على أنهم هم الذين حاليا على "الجانب الصحيح من التاريخ".
ويتمتّع بعض هؤلاء الدعاة بشعبية خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي، ومن هنا يأتي تأثيرهم الكبير على الأمريكيين في نشر رسائلهم إلى ملايين المتابعين.
كما انتشرت منذ
الحرب ظاهرة التحول إلى الإسلام على شبكة الإنترنت. وذكر معتنقو الإسلام الجدد أن تماهيهم مع المحنة والمعاناة في غزة جعلهم ينظرون إلى الإسلام على أنه الدين الذي يناضل من أجل حرية المظلومين (الفلسطينيين)، وهذا ما أضاء فيهم "الإلهام" لاعتناق الإسلام.
ويقول الكاتب إن ظاهرة الأسلمة المتنامية تجعل الولايات المتحدة الدولة الرائدة في الغرب في اعتناق الإسلام، وهو اليوم ثالث أكبر ديانة في الولايات المتحدة، بعد المسيحية واليهودية. ويبدو أن الإسلام سيصبح في العقود القادمة ثاني أكبر ديانة. فغالبية المسلمين هم مسيحيون أمريكيون، وبيض، وأمريكيون من أصل أفريقي.
ويختم الكاتب مقاله قائلا: "لقد نجحت الحرب في غزة في تعزيز العناصر التي ترسّخ صورة الإسلام ومكانته في الولايات المتحدة بحكم كونهم مواطنين في القوة الغربية الأكثر نفوذا في العالم، وقربهم من مراكز القوى مثل الكونغرس والبيت الأبيض، ما يجعل المسلمين الأمريكيين يجسّدون إمكانات عالمية مؤثرة للغاية، على عكس المسلمين الآخرين في جميع أنحاء العالم".
ولا بد أن يكون لهذا الواقع آثار جيوسياسية كبيرة على إسرائيل وعلى أكبر جالية يهودية في العالم، خاصة في مرحلة ما بعد الـ 7 من تشرين الأول/ أكتوبر.