سياسة عربية

أكاديمي سعودي: لا يسع الرياض إقامة علاقة مع إسرائيل دون دولة فلسطينية

خالد الدخيل: السبب الأهم في تفرعن إسرائيل هو تطبيع سبع دول عربية معها تطبيعا مجانيا بدون مقابل.. الأناضول
أكد الأكاديمي والجامعي السعودي الدكتور خالد الدخيل أن العاهل السعودي الراحل الملك عبد العزيز رفض في عام ١٩٤٥ حل المسألة اليهودية، وهي مسألة أوروبية محضة، بترحيل يهود ألمانيا إلى فلسطين، كما رأى ذلك الرئيس الأمريكي روزفلت أثناء اجتماعه بالملك.

وقال الدخيل في سلسلة تغريدات نشرها على صفحته على منصة "إكس": "أما وقد فُرضت إسرائيل على المنطقة فرضا، فلا يسع الرياض والحال كذلك إقامة علاقة مع إسرائيل من دون دولة فلسطينية ضمن حدود ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية".

وأضاف: "في هذا السياق التاريخي، وبعد ٧٦ سنة على قيام إسرائيل ليس غريبا أن موقف الرياض من إقامة علاقة مع إسرائيل مشروط بقيام دولة فلسطينية ضمن حدود ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، كما جاء في آخر بيان لوزارة الخارجية السعودية. يتسم هذا الموقف أولا بالتزام المملكة بمقتضيات القانون الدولي، وبالمسؤولية حيال حقوق المملكة ومسؤولياتها التي تفرضها مكانة المملكة ودورها العربي والإسلامي، وفي مقدمة ذلك حق الشعب الفلسطيني في دولته، وهو الطرف الثاني في القضية. ويأتي كل ذلك في هذا الظرف التاريخي بوحي من موقف المؤسس ورؤيته للقضية قبل ٧٩ سنة أثناء اجتماعه بالرئيس روزفلت".

ورأى الدخيل أن السبب الأهم في تفرعن إسرائيل هو تطبيع سبع دول عربية معها تطبيعا مجانيا بدون مقابل كما يبدو، بدون شروط، وبدون التزامات بمبادئ السلام وعدم الاعتداء على الحدود والحقوق العربية!

وقال: "تستخدم إسرائيل التطبيع العربي غطاء لحروبها وعدوانيتها ضد العرب أنفسهم. منذ ١٩٤٨ أثبتت أن السلام ليس هدفها الإستراتيجي. رفضت كل مبادرات السلام العربية ولم تتقدم بمبادرة سلام واحدة على مدى ٧٥ سنة!! يقترب بعض العرب منها كيلومترا وتبتعد عنهم أضعاف ذلك".

وأضاف: "إذا كان السلام ليس هدف إسرائيل الإستراتيجي في هذه المرحلة، كما هو واضح ومعلن عمليا، فما هو هدفها؟ ولماذا هو ليس معلنا؟ وهل سيكون السلام هدفا لهذه الدولة في المستقبل؟ ومتى؟ هذا هو السؤال الذي يجب وجوبا أن يشغل تفكير واهتمام صناع القرار في العالم العربي. يجب أن يراجع العرب الذين طبعوا مع هذه الدولة خطوتهم هذه. وأن يتوقف التطبيع تماما معها".

ونشر الدخيل قصة لقاء الملك عبد العزيز والرئيس روزفلت"، وقال: "في عام ١٩٤٥، وتحديدا في الأيام الأخيرة للحرب العالمية الثانية، طلب الرئيس الأمريكي روزفلت الاجتماع بأهم ثلاثة ملوك في المنطقة. الملك عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة، والملك فاروق ملك مصر، والإمبراطور هيلا سيلاسي، ملك الحبشة. لم يتوفر لي إلا سجل اللقاء بين الملك عبد العزيز والرئيس روزفلت الذي نشره الكولونيل إيدي، بناء على أنه الذي تولى ترجمة الحوار بين الملك والرئيس. وقد رأى الكولونيل إيدي عام ١٩٥٣، أي بعد حوالي عشر سنوات من اللقاء التاريخي، أن ينشر ما دار بين الزعيمين".

وأضاف: "كان هدف روزفلت من اللقاء شرح الكارثة التي تعرض لها يهود ألمانيا أثناء الحرب العالمية والتي انتهت بما يعرف بالهلوكوست. وأن اليهود يرون أن مخرجهم من تلك الكارثة يكمن في ترحيلهم إلى فلسطين بعد ألفي سنة من هجرتهم منها. كان روزفلت يريد موافقة الملك على فكرة نقل اليهود إلى فلسطين. لكن الملك رفض ذلك تماما. قال الملك للرئيس حينها ما ذنب فلسطين في كل ما حدث لليهود في ألمانيا؟ الألمان هم الذين ارتكبوا جريمة الهلوكوست، لماذا تدفع فلسطين وأهل فلسطين الثمن؟ فلسطين بلد صغير وفقير وأخذ أكثر من نصيبه من مهجري الحرب، فما مبرر إضافة ٣ ملايين يهودي إلى ذلك؟ رد الرئيس قائلا: إن اليهود يخشون على أنفسهم من أن يعود الألمان ويرتكبوا الجريمة ذاتها بعد نهاية الحرب بسنوات. عندها قال الملك: لماذا إذن ذهبتم إلى حرب عالمية لن تضع حدا للمشكلة إذا كان السلوك الألماني لن يتغير؟ قال الرئيس أنت لا تساعدني بهذا الموقف يا جلالة الملك. فقال له الملك لا أستطيع أن أساعدك في هذه المسألة. الذي ارتكب الجريمة هو من يجب أن يعاقب، وليس من لا علاقة له بالجريمة لا من قريب ولا من بعيد".

وعلق الدخيل على ذلك قائلا: “اللافت أن روزفلت في نهاية اللقاء تفهم موقف الملك واحترمه على صدقه وصراحته معه. كانت السعودية حينها بلدا فقيرا. مع ذلك اتخذ الملك موقفا سياسيا نابعا من رؤيته للأحداث وما قد يترتب عليها من تبعات، ومن مسؤولياته كقائد لدولة فتية لها مكانتها ومسؤولياتها في العالمين العربي والإسلامي"، على حد تعبيره.



وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي، قد قالت الأسبوع الماضي، إن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قدم للمسؤولين الإسرائيليين مقترحا محدثا لتطبيع العلاقات مع السعودية التي تؤكد عادةً أن ذلك لن يحدث إلا بعد التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية.

وقالت الإذاعة إن سوليفان "قدم للمسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل اقتراحا محدثا للتطبيع مع السعودية واستعادة قطاع غزة للتعاون الدولي، وما يجب أن تقدمه إسرائيل في المقابل".

وأضافت أن الاقتراح تضمن: "التطبيع مع السعودية، وتوسيع غلاف أمني توفره الولايات المتحدة الأمريكية ودول المنطقة ضد إيران، واستثمار مليارات الدولارات في غزة بنفوذ إسرائيلي، إلى جانب صفقة إطلاق سراح الرهائن كجزء من نهاية الحرب، ودفع اتفاق سياسي مع حزب الله في الشمال".

وأشارت إلى أن الخطوات المطلوب من إسرائيل أن تقدمها بالمقابل هي "إنهاء الحرب على غزة، والاتفاق على إطلاق سراح جميع المختطفين، وتصريح من الحكومة الإسرائيلية بأنها مع إجراء لخلق أفق سياسي على أساس حل الدولتين (فلسطين وإسرائيل)".

كما يطلب من تل أبيب، وفق المصدر ذاته، "الاتفاق على آلية لإدارة غزة: ليست حكما عسكريا (إسرائيليا) ولا حماس، بل إدارة فلسطينية مدنية بالتعاون مع دول المنطقة".

ونقلت الإذاعة عن مصادر لم تسمها، شاركت في اللقاءات، أن "سوليفان لم يسمع من نتنياهو رفضا للاقتراح، لكن لا يمكن القول إن هناك اتفاقا على كل تفاصيله".

وتابعت: "تجدر الإشارة إلى أنه قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان نتنياهو على وشك التوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية يطلب فيه من إسرائيل الإعلان عن أنها ستعمل على خلق أفق سياسي لحل الدولتين".

ووصفت المقترح بأنه "صفقة كبيرة ومعقدة يتم بحثها حاليًا خلف أبواب مغلقة، وهذا ليس تطبيعا مع السعودية فقط، بل أيضًا حلول تقدمها الولايات المتحدة لغزة والشمال".

إقرأ أيضا: تحذير إسرائيلي.. فرص إنجاز التطبيع مع السعودية تواجه مخاطر جدية