نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" تقريرا أشار إلى أن إسرائيل تمضي قدما في خططها لشن هجوم عسكري للسيطرة على
رفح، آخر معقل متبق لحماس في
غزة، لكنها استجابت للضغوط الأمريكية والدولية من خلال إلغاء خطط لشن هجوم شامل لصالح نهج أكثر تدرجا يسعى للحد من سقوط ضحايا من المدنيين، بحسب مسؤولين
مصريين ومسؤولين إسرائيليين سابقين.
وقال هؤلاء المسؤولون، إن إسرائيل تخطط للمضي قدما على مراحل، وإخلاء الأحياء مسبقا قبل الانتقال إلى مناطق جديدة. ومن المرجح أيضا أن تكون العمليات أكثر استهدافا من الهجمات السابقة في غزة وستتضمن التنسيق مع المسؤولين المصريين لتأمين الحدود بين مصر وغزة، وفقا لمسؤولين مصريين مطلعين على الخطط، حسب التقرير الذي أعدته سمر سعيد وعنات بيليد وتشاو دينغ، وترجمته "عربي21".
وأشارت الصحيفة إلى أن جيش
الاحتلال الإسرائيلي رفض التعليق على خططه العملياتية.
ولفتت إلى أن هذا النهج الأكثر تدريجيا ظهر بعد أسابيع من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على إسرائيل لتجنب شن هجوم واسع النطاق في رفح، حيث يلجأ أكثر من مليون مدني. وأعربت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى عن مخاوفها من أن يؤدي الهجوم إلى عدد غير مقبول من الضحايا المدنيين.
وذكر التقرير أنه من غير الواضح ما إذا كان التحول في خطط إسرائيل بشأن رفح سيعالج مخاوف واشنطن. وقالت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف للصحفيين يوم الأربعاء: "لم نمنح الضوء الأخضر لعملية عسكرية. أريد أن أكون واضحة للغاية بشأن هذه النقطة. في الواقع، لقد كنا واضحين تماما علنا وسرا أنه لا يمكن القيام بعملية عسكرية - كبرى أو أقل قليلا من الكبرى - في ظروف يكون فيها أكثر من مليون شخص محتشدين في مساحة صغيرة جدا بالقرب من رفح".
وتعهد المسؤولون الإسرائيليون بمحاولة تقليل الخسائر في صفوف المدنيين عن طريق نقل
الفلسطينيين إلى جيوب إنسانية يتوفر بها الغذاء والماء والمأوى والخدمات الطبية. ومن المتوقع أيضا أن تقوم إسرائيل بتوجيه الأشخاص بالمنشورات والمكالمات الهاتفية إلى أين يذهبون، كما فعلت في الماضي، وفقا للتقرير.
وقال جاكوب ناجل، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إنه يعتقد أن العملية في رفح من المرجح أن تكون مختلفة عن الهجمات البرية الإسرائيلية على شمال غزة وخانيونس في وقت سابق من الحرب. وأوضح أن إسرائيل ستستهدف أجزاء من المدينة بشكل مستقل، وتنقل السكان وفقا لذلك.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الأربعاء إنه حشد كتيبتين احتياطيتين للانتشار في غزة، وتتولى إسرائيل ومصر بناء مواقع مخيمات للتعامل مع بعض الأشخاص الذين من المحتمل أن يتم تهجيرهم بسبب القتال. وقال مسؤولون إسرائيليون إن وزارة الدفاع اشترت 40 ألف خيمة، ومن المتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي خلال الأسبوعين المقبلين لمراجعة خطط إجلاء السكان من رفح، وفقا للتقرير.
قال مسؤولون مصريون إن الهلال الأحمر المصري، عضو الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر ومقره جنيف، نصب بعض الخيام في مدينة خان يونس في قطاع غزة، ويعمل على نصب المزيد في الأسابيع القليلة المقبلة.
وأوضح المسؤولون أن وفدا إسرائيليا رفيع المستوى يضم رئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار ورئيس أركان الجيش هيرتسي هاليفي يجتمعون مع رئيس المخابرات المصرية في القاهرة لبحث كيفية تنسيق عملية رفح.
ولفت التقرير إلى أن صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركتا ماكسار تكنولوجيز وبلانيت لابز، تظهر صفوفا جديدة من الخيام البيضاء خارج خانيونس في جنوب غزة تظهر في الفترة ما بين 7 و23 أبريل/نيسان، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الخيام مرتبطة بأي عملية وشيكة في رفح.
ورفض مسؤولو الأمن الإسرائيليون التعليق على ما إذا كانت الخيام التي أقيمت مؤخرا بالقرب من خانيونس لها علاقة بالتحضيرات للتوغل في رفح، حسب الصحيفة.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن عملية رفح من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل في غزة منذ ما يقرب من سبعة أشهر والتي بدأت بعد أن هاجمت حماس جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول /أكتوبر.
وقد واصلت إسرائيل تنفيذ خططها بشأن رفح في الأيام والأسابيع الأخيرة، خاصة مع فشل المفاوضات الرامية إلى إطلاق سراح الرهائن لدى حماس، مما زاد الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية للتحرك.
وقال ناجل: "السبب الرئيسي لعدم دخولنا رفح هو أنه كانت هناك صفقة متوقعة. الآن يفهم الناس أنه لا يوجد اتفاق".
والأربعاء، أصدرت حماس مقطع فيديو لأحد الرهائن، وهو هيرش غولدبيرغ بولين، 24 عاما، المولود في الولايات المتحدة. وأصيب غولدبيرغ بولين بجروح خطيرة في هجمات 7 أكتوبر وظهر في الفيديو ويده مبتورة. وتتجنب وسائل الإعلام الإسرائيلية عادة عرض مقاطع فيديو للرهائن، والتي غالبا ما تعتبر دعاية، ولكن في خطوة نادرة، وافقت عائلة غولدبيرغ بولين على عرضها، ما يسلط الضوء على محنة أسر الرهائن.
وبعد نشر الفيديو، أظهرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجا يجري خارج مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، حيث هتف المتظاهرون "أعيدوهم جميعا الآن"، حسب التقرير.
وذكر التقرير أن هناك 129 رهينة تم احتجازهم في 7 أكتوبر وما زالوا في غزة، من بينهم ثمانية مواطنين أمريكيين، وقد مات 34 من هؤلاء الرهائن على الأقل، وفقا لإسرائيل.
وقال إن المسؤولين الإسرائيليين تبادلوا خططهم مع مصر، التي حذرت من أن غزو رفح سيدفع الفلسطينيين إلى أراضيها في شبه جزيرة سيناء. وفي حين عملت مصر على تجهيز الخيام داخل قطاع غزة، فقد عززت أيضا التعزيزات الأمنية على جانبها من الحدود.
وأضاف أنه من المتوقع أن تمتد أكبر منطقة إنسانية في غزة من شريط شاطئ المواصي في رفح باتجاه دير البلح وسط غزة، بحسب مسؤولين مصريين. وقال المسؤولون إن من بين الأفكار التي ناقشتها إسرائيل أيضا مع المسؤولين العرب السماح لقوات الأمن المدعومة من السلطة الفلسطينية بدخول غزة للمساعدة في إدارة الأمن بالقرب من الحدود الجنوبية لغزة مع مصر.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"، ذكرت في وقت سابق أن عملية إجلاء الأشخاص في رفح ستستغرق أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع وسيتم تنفيذها بالتنسيق مع الولايات المتحدة ومصر ودول عربية أخرى مثل الإمارات، نقلا عن مسؤولين مصريين. وقالوا إن إسرائيل تخطط لنقل قواتها إلى رفح تدريجيا، لاستهداف المناطق التي تعتقد إسرائيل أن قادة ومقاتلي حماس يختبئون فيها. وأضافوا أنه من المتوقع أن يستمر القتال ستة أسابيع على الأقل.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من ثلثي السكان الفلسطينيين في غزة يقيمون بشكل مؤقت في رفح، بعد أن أجبرهم القتال على الفرار من منازلهم في أجزاء أخرى من القطاع. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن بعض الرهائن محتجزون أيضا في رفح، حسب التقرير.
وفي هذه الأثناء، يقوم الرئيس الأمريكي جو بايدن بتعيين مبعوث خاص جديد لمساعدة غزة، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر. وأضافوا أن ليز غراندي، رئيسة المعهد الأمريكي للسلام ومقره واشنطن والمنسقة السابقة للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في أفريقيا والعراق واليمن، ستتولى مهام المبعوث الحالي ديفيد ساترفيلد.
ويأتي تعيين غراندي، في منعطف حرج بالنسبة لسكان غزة. وتضغط إدارة بايدن على إسرائيل لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية لغزة، حيث يقول المسؤولون الأمريكيون والأمم المتحدة إن هناك خطرا جديا لحدوث مجاعة.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على الأمر إن ساترفيلد، وهو سفير أمريكي سابق، سيبقى في وزارة الخارجية في دور مستشار كبير. وقال ساترفيلد يوم الثلاثاء إن إسرائيل "اتخذت خطوات مهمة" في الأسابيع الأخيرة لتحسين وصول المساعدات الإنسانية، لكنه قال إنه يتعين بذل المزيد من الجهود. وشدد على أن "خطر المجاعة في جميع أنحاء غزة مرتفع للغاية، وخاصة في الشمال"، حسب التقرير.