"لأول مرة من ستة أشهر (ساندويش فلافل) في شمال
غزة.. صدقوني صار حلما بالنسبة لنا.."، بهذه الكلمات، عبّر الصحفي الفلسطيني، محمود العامودي، عن فرحته بتناول أول "ساندويتش" بعد ما يناهز نصف سنة من عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على كامل القطاع المحاصر.
على غرار العامودي، الذي جابت صورته المُبتسمة رفقة "الساندويتش" مختلف منصات التواصل الاجتماعي؛ رصدت "عربي21" جُملة من المنشورات والتغريدات، من
شمال غزة، حيث أشار أصحابها إلى بصيص الأمل من ابتعاد خطر المجاعة.
ووثقت الصور ومقاطع الفيديو، خلال الأيام القليلة الماضية، توافد عدّة منتوجات غذائية على الأسواق، شمال القطاع؛ على الرغم من غلائها، وعلى الرغم من انعدام ثمنها للكثيرين، إلاّ أن توفّرها في حد ذاته، رسالة أمل، للأهالي المُقاومين منذ أشهر.
وكتبت ضحى زاهر، على حسابها في منصة "فيسبوك": "سبحان الله مغير الأحوال، بين ليلة وضحاها تغيّر حال شمال القطاع، وأصبحت المنتجات موجودة وبأسعار جيدة".
وتابعت: "كنا قد اشترينا سابقًا البيضة الواحدة بـ10 شواكل والآن نشتري 8 بيضات بثمن 10 شواكل! من كان يمر في الشارع بكيس طحين كنا نعتبره قد حاز الدنيا، والآن الطحين تقريبًا لا أحد يذهب لشرائه لكثرته!"، مردفة: "يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك".
هنا مخيم جباليا
شهود عيان من مخيم جباليا، شمال
قطاع غزة، قالوا لـ"عربي21"، إنهم تمكنوا للمرة الأولى من الحصول على بعض الخضار كالطماطم والفلفل، بعد هبوط أسعارها بشكل كبير، لكنهم أشاروا إلى بقاء الأسعار على ارتفاع دون مستواها الطبيعي.
ولفتوا إلى أن الحياة بدأت تعود تدريجيا إلى الأسواق، بفعل إصرار الفلسطينيين على البقاء في أماكنهم وعدم مغادرتها رغم كل المجازر الوحشية التي تعرضوا لها على يد قوات الاحتلال، مؤكدين أنهم لن يتزحزحوا من أحيائهم ومناطق سكنهم، "حتى لو كلف ذلك حياتهم".
من جهته قال "أحمد" الذي يسكن شارع الجلاء في مدينة غزة، إنه تمكن للمرة الأولى منذ بدء الحرب، من شراء "ربطة خبز" تحتوي على خمسين رغيفا صغير الحجم، بعد أن أعادت بعض المخابز فتح أبوابها من جديد.
وكانت قوات الاحتلال عمدت إلى استهداف المخابز وكل الأماكن التي تقدم الخدمات للفلسطينيين في قطاع غزة، وتحديدا شمالها، في محاولة لقتل الحياة هناك، ودفع الناس للتوجه نحو مناطق جنوب القطاع، إلا أن صمود الفلسطينيين وتمسكهم بالبقاء في أماكن سكنهم، أفشل المخطط.
وفي سياق متصل، أشار عدد من رواد منصات التواصل الاجتماعي، من شمال القطاع، "الناس في شمال غزة فرحانة بالبضائع المتوفرة في السوق حاليا مقارنة بالوضع السابق رغم أنها بأسعار سياحية وفي ظل أحوال اقتصادية صعبة واجتماعية متردية بسبب الحرب"، في إشارة إلى أن "المفروض أن توزع هذه البضائع عليهم بالمجان، حيث إنها في الأصل عبارة عن مساعدات إنسانية".
وأوضح آخر: "ناس كثيرة لا تستطيع شراءها من السوق لعدم وجود مصدر رزق أو لعدم توفر السيولة لديهم"، مردفا: "طبعا الأحوال أفضل بكثير من وقت المجاعة!!!".
هل عادت الـ"أونروا"؟
أكد مفوض عام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، أن "الوكالة لا تستطيع إدخال مساعدات إلى شمال القطاع رغم قرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة التي تدعو تل أبيب لزيادتها".
وأوضح، أمام مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس ضغوطا كبيرة، ويوجه حملات "خبيثة" لإيقاف عمل المنظمة الدولية في قطاع غزة، وإخراجها من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشار إلى أن "الاحتلال رفض طلبات متكررة للوكالة لإيصال مساعدات إلى شمال غزة، رغم قرارات محكمة العدل الدولية المُطالبة بزيادة إدخالها" مبرزا أن "مساحة عمل أونروا في غزة تتقلص بعد فرض الاحتلال قيودا عليها؛ وأن عددا من الدول لا تزال تعلق تمويلها المالي للوكالة، الأمر الذي يؤثر على "الاستقرار" المادي وطبيعة الخدمات التي تقدمها الوكالة".
وطالب بـ"ضرورة الحفاظ على دور الأونروا الإنساني"، فيما حذّر "من خطورة تفكيك الوكالة، والتبعات المترتبة على ذلك والتي ستؤدي إلى تعميق الأزمة الإنسانية وتسريع المجاعة في غزة، إلى جانب آثار خطيرة على السلم والأمن الدوليين".
وفي سياق متصل، وعلى الرغم من بصيص الأمل الذي بات يُراود عددا من سكان شمال القطاع المحاصر، لا تزال تحذيرات الخبراء الدوليين قائمة بخصوص انتشار الأوبئة والأمراض بين مئات آلاف النازحين الفلسطينيين في القطاع، إثر انهيار البنية التحتية للرعاية الصحية، مؤكدين على "ضرورة وقف إطلاق النار بهدف تعزيز الاستجابة الإنسانية".