نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلتها في
البيت الأبيض إيريكا غرين، قالت فيه إنه عندما دعا البيت الأبيض زعماء الجالية الإسلامية لتناول طعام الإفطار هذا الأسبوع احتفالا بشهر رمضان المبارك، بدأت الردود تأتي بسرعة برفض العديد من المدعوين.
وأضاف التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن العديد من المدعوين، الذين يشعرون بالأسى بسبب دعم الرئيس
بايدن لحرب إسرائيل في
غزة، قالوا إنهم لن يحضروا وجبة الإفطار مع الرئيس مساء الثلاثاء بينما كان الكثير من الفلسطينيين تحت الحصار.
ونقل عن الدكتور ثائر أحمد، وهو طبيب أمريكي من أصل فلسطيني كان في غزة في شهر كانون الثاني/ يناير، قوله: "كيف يمكننا أن نحدثك عن المجاعة والجوع على [مائدة تحوي] الخبز وشرائح اللحم؟".
وذكر التقرير أن هذه اللحظة لخصت مدى الإشكالية التي أصبحت عليها الحرب في غزة بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي ينتقد إسرائيل بشكل متزايد ولكنه لا يزال يقاوم الدعوات من داخل حزبه لوضع شروط على مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
وأشار إلى أن البيت الأبيض غيّر خطته بسرعة عندما أصبح من الواضح أن الحدث الرمضاني سيكون مثيرا للجدل، حيث عقد وجبة مختصرة للموظفين فقط واجتماعا منفصلا لقادة المجتمع الإسلامي مثل الدكتور أحمد.
وحضر اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعة بايدن ونائبته كامالا هاريس وجيك سوليفان، مستشار الأمن القومي وغيرهم من كبار المسؤولين. وكان من بين الذين تحدثوا إلى الرئيس ثلاثة أطباء عالجوا مرضى في غزة مؤخرا.
وقال الدكتور أحمد إنه أخبر بايدن أن الغزو البري الإسرائيلي الوشيك لرفح سيكون بمثابة "حمام دم ومذبحة". كما قام بتسليم بايدن رسالة من فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات في غزة فقدت عائلتها بأكملها في الحرب.
ووفقا للتقرير، فقد كتبت الفتاة في الرسالة التي حصلت صحيفة "نيويورك تايمز" عليها: "نحن في رفح نعاني كثيرا لأننا نعيش في خيمة صغيرة جدا ويمكن أن تدخل الدبابة الخيمة وتدهسني".
وتابعت الفتاة: "لا نريد مجازر ومعاناة. نريد الأمان، وأن نعيش مثل بقية أطفال العالم. من فضلك، بايدن، أوقف هذه الحرب، كفى، أوقف هذه الحرب من فضلك".
وذكر التقرير أن الدكتور أحمد أخبر بايدن بأنه سيغادر، بعد أن تحدث لمدة ست دقائق تقريبا.
وقال الدكتور أحمد: "قلت: احتراما لمجتمعي، واحتراما للعديد من الأشخاص الذين يعانون من الحزن، والذين يعانون من الكثير من الألم، لا بد لي من الانسحاب من هذا الاجتماع".
وذكر أحمد أن بايدن رد بأنه يفهم ذلك.
وأضاف الدكتور أحمد: "أراد جزء مني التعبير عن الإحباط والغضب والاستياء الذي يشعر به المجتمع بأكمله. لكن جزءا مني أراد أيضا النهوض والخروج من مجلس صانعي القرار وإعطاءهم فكرة عن الشعور عندما يقوم شخص ما بالابتعاد عنهم".
ولفت التقرير إلى أن ذلك كان أبعد ما يكون عن الاحتفال الذي أقيم العام الماضي في البيت الأبيض بمناسبة نهاية شهر رمضان، والذي اجتذب المئات من قادة المجتمع وموظفي البيت الأبيض والسياسيين الذين تناولوا وجبات خفيفة والتقطوا صور سيلفي مع الرئيس. وصاح أحد الحاضرين: "نحن نحبك!" للرئيس بايدن قبل أن يبدأ الحديث.
هذا العام، بينما استضافت إدارة بايدن اجتماعها المختصر ووجبتها، أدى المتظاهرون خارج البيت الأبيض صلاة المغرب.
وكان اجتماع يوم الثلاثاء مع الزعماء المسلمين وأفراد المجتمع من بين العديد من الاجتماعات التي عقدتها الإدارة الأمريكية في الأشهر الأخيرة، سواء داخليا مع الموظفين أو مع المجموعات الخارجية، حيث حاولت تهدئة السخط الواسع النطاق بشأن الحرب.
وقد أثار موقف بايدن غضب الدوائر الانتخابية الحاسمة في قاعدته، بما في ذلك الشباب والناخبون السود والتقدميون، وفقا للتقرير.
ورفضت كارين جان بيير، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، يوم الأربعاء التعليق على تفاصيل اجتماع ليلة الثلاثاء، قائلة إنه كان خاصا. لكنها قالت إن بايدن يعلم أنها كانت "لحظة مؤلمة للغاية للكثيرين في المجتمعات العربية والإسلامية".
وأضافت: "أعرب الرئيس أيضا عن التزامه بمواصلة العمل من أجل ضمان وقف فوري لإطلاق النار كجزء من صفقة تحرير الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل كبير. وأوضح الرئيس أنه يحزن على خسارة كل الأرواح البريئة في هذا الصراع من الفلسطينيين والإسرائيليين".
وعندما سئلت جان بيير عن انسحاب الدكتور أحمد، قالت إن الرئيس يحترم الحق في الاحتجاج السلمي.
ونقل التقرير عن سليمة سوسويل، الرئيسة التنفيذية لمجلس قيادة المسلمين السود، والتي حضرت الاجتماع أيضا، قولها إنها أخبرت بايدن عن "المعضلة الأخلاقية" التي يشعر بها بعض أعضاء مجتمع المسلمين السود إذا دعموه بسبب الحرب في غزة.
وقالت سوسويل إن "السود يدركون ويرتبطون إلى حد ما بهذه القضية التي تنطوي على القمع وتجريد الناس من إنسانيتهم. لقد عاش أسلافنا 400 عام من ذلك".
وأضافت أن بايدن قال إنه ملتزم تجاه مجتمع السود.
وقالت سوسويل، التي بقيت طوال مدة الاجتماع، إن الحضور تبادلوا تجاربهم على أرض الواقع في غزة. وذكرت أن أحد الأطباء وزع صورا لأطفال هناك.
وأعرب كل من بايدن وهاريس عن رغبتهما في إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن. وعندما سئل عن الدعوة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، قال بايدن إن "إسرائيل ستقاوم ذلك بسبب المخاوف بشأن الرهائن"، حسب التقرير. وقد ذكرت سوسويل: "قال كلاهما: لا نريد أن نرى هذه الحرب تستمر".