اقتصاد عربي

ما أثر زيادة الفائدة و"تعويم الجنيه" على الصناعة المصرية؟.. توقعات صادمة

‌تراجع الجنيه المصري بنسبة 60 في المئة أمام الدولار منذ بداية العام الجاري- عربي21
زادت إجراءات البنك المركزي المصري الأخيرة الخاصة بتحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار ورفع سعر الفائدة 6 في المئة، في اجتماع مفاجئ للجنة السياسات النقدية من صعوبات ومعاناة الصناعة التي تعاني بالأساس بسبب نقص العملة وشح مدخلات الإنتاج.

ويعد هذا هو الارتفاع الثاني لسعر الفائدة خلال عام 2024، بعد زيادتها بمقدار 200 نقطة أساس الشهر الماضي. 

رفع البنك المركزي، سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 27.25 في المئة و28.25 في المئة على الترتيب، كما رفع سعر العملية الرئيسية و الائتمان والخصم إلى 27.75 في المئة.


من شأن رفع أسعار الفائدة زيادة تكلفة الاقتراض لدى المصانع والشركات المنتجة التي تعتمد على الاقتراض سواء للتوسع، أو شراء مواد خام من الخارج ما يحد كثيرا من قدرتها على الإنتاج من ناحية ويتسبب في رفع أسعارها من ناحية أخرى.

وطرحت البنوك المحلية شهادات ادخار لمدة عام وثلاثة أعوام بعائد يصل إلى 30 في المئة، ما يشجع الكثيرين على الاتجاه نحو الادخار بدلا من تدوير المال في مشروعات لا تمنح أكثر من 20 في المئة أو 25 في المئة في ظل أوضاع اقتصادية غير منضبطة.

كان بنكا الأهلي ومصر (حكوميان) قد أطلقا في كانون الثاني/ يناير الماضي شهادة إيداع بعائد قياسي وصل إلى 27 في المئة، بهدف سحب السيولة في أعقاب استحقاق شهادات ادخار بنحو 500 مليار جنيه صدرت العام الماضي، وبلغت حصيلتها نحو 700 مليار جنيه وفق آخر البيانات المعلنة.

وترتيب القروض للشركات بنحو 30 في المئة يعتبر عبئا كبيرا عليها لأنه يتجاوز أرباح الشركات نفسها، ويضعها تحت ضغوط تمويلية صعبة وبيئة تشغيل قاسية، ويقلل من خطط الشركات في التوسع أو زيادة الإنتاج وبالتالي تراجع المعروض وزيادة الأسعار.


على المستوى الحكومي يكلف ارتفاع الفائدة 1 في المئة ميزانية الدولة 70 مليار جنيه (الدولار يساوي 50 جنيها)، وبالتالي فإن ارتفاع تكلفة خدمة الدين الحكومي 8 في المئة تتراوح خلال النصف الثاني من العام الجاري ما بين 800 مليار جنيه إلى تريليون جنيه، حسبما صرح به مسؤول بوزارة المالية لموقع إنتربرايز.

‌تراجع الجنيه المصري بنسبة 60 في المئة أمام الدولار منذ بداية العام الجاري، وانخفض العام الذي سبقه نحو 100 في المئة، وخلال عامين فقط هبط الجنيه أمام الدولار من مستوى 15.6 جنيها إلى 50 جنيها، وأصبح بين أسوأ العملات أداء هذا العام، بحسب بيانات بلومبرغ.

رفع الفائدة وصعوبات التمويل
أكد رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، متى بشاي، أن: "اقتراض المصانع بمعدلات الفائدة الحالية سيتسبب في صعوبات تمويلية دون شك، ولكن في المجمل الأهم هو توافر الخامات لتعود المصانع للشغل".

وأضاف لـ"عربي21" أن "تدبير العملة الأجنبية للمستوردين من خلال البنوك سوف يساعد على إتاحة الخامات للمصانع وبالتالي سوف تستأنف العمل بشكل معتاد، وبالتالي قد نشهد هدوءا نسبيا في الأسواق، خاصة أنه بالفترة الماضية كانت الأسواق تعاني من نواقص وكانت هناك مغالاة في أسعار البضائع بسبب تراجع المعروض من البضائع والسلع".

ورأى بشاي أن "تلبية احتياجات المستوردين من البضائع ومدخلات الإنتاج أمر مهم لاستعادة الثقة وتهدئة الأسواق، ونأمل أن يتم الإفراج عن جميع السلع الضرورية في الموانئ"، لافتا إلى أن "الأمر السلبي في حزمة القرارات الأخيرة هو زيادة الدولار الجمركي من 30 جنيها إلى 50 جنيها ما يعني زيادة في أسعار السلع".

رفع تكلفة المنتجات 100 في المئة
وصف نائب رئيس شركة فريش للأجهزة الكهربائية، ورئيس لجنة الصناعة في الحوار الوطني، بهاء ديمتري، الوضع الحالي بعد رفع الفائدة 8 في المئة منذ بداية العام بالصعب، وقال، في تصريحات صحفية، إن "رفع سعر الفائدة سيزيد من تكلفة الاقتراض، وبالتالي رفع تكلفة المنتج النهائي فمن الصعب أن يستوعب المصنع هذه التكلفة".

وأوضح أن تكلفة الاقتراض بلغت نحو 30 في المئة، وبإضافة المصروفات الإدارية التي يحصل عليها البنك عند منح التمويل، ستصل إلى 40 في المئة، وهو رقم كبير جداً سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتجات الجديدة إلى 100 في المئة بهذه الطريقة.

بحسب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإن قيمة البضائع المكدسة في الموانئ تصل لنحو 6 مليارات دولار، مشيرا إلى أنه تم البدء في إجراءات الإفراج عن السلع والشحنات ومستلزمات الإنتاج الأساسية من 4 موانئ مصرية.

معاناة مضاعفة لقطاع الصناعة
حذر الخبير الاقتصادي والاستثماري، إلهامي الميرغني، من "تعطل وتباطؤ الإنتاج بشكل عام؛ لأن المنتجات سوف تعاني من زيادتين؛ سعر الفائدة وقيمة الدولار، خاصة أن المنتجات المحلية تعتمد على مكونات مستوردة بنسبة 70 في المئة على الأقل بالتالي سوف تشهد زيادة أكبر في أسعارها".

وتساءل في حديثه لـ"عربي21": "هل هناك نشاط اقتصادي يعطي أرباحا تسمح بتغطية أعباء التمويل والاقتراض من البنوك بأكثر من 35 في المئة، بالطبع لا يوجد، كانت هناك مبادرة من البنك المركزي للقطاع الصناعي عام 2022 بفائدة 8 في المئة فقط وفي عام 2023 زادت إلى 11 في المئة واليوم تم إلغاؤها، هذا يعني أن رجل الصناعة الذي يريد توفير مستلزمات إنتاج سيذهب للاقتراض بـ أكثر من 30 في المئة".

وأشار الميرغني إلى أنه "إذا كان هذا هو حال المنشآت والمصانع الكبيرة فما بالنا بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، ولدينا في مصر أكثر من 90 في المئة من هذا النوع من المنشآت التي يعمل بها أقل من 10 عمال ورأس مالها أقل من ألفي دولار".


واختتم حديثه بالقول إن "رفع أسعار الفائدة هو من أجل سحب الأموال الفائضة بالأسواق وتقليل الاستهلاك مع وجود إنتاج كبير، لكن ليس لدينا إنتاج كبير ولا الناس لديها فائض للادخار وبالتالي سوف ترتفع تكلفة التمويل على الشركات الصغيرة والمتوسطة وبالتالي ترتفع الأسعار أو يقل النشاط الاقتصادي".