التأخير في القرارت المطلوبة …مصيبة ستزيد من حجم الوضع الحرج الذي نحن فيه …واي محاولة لعلاج ازدواجية سعر الصرف بعرض الدولار بسعر اقل من السوق السوداء لن يحالفها النجاح فالصح هو البداية من سعر السوق السوداء و سينزل تدريجيا بعد وجود عرض فكل من لديه سوف يوافق علي البيع عبر القنوات…— Naguib Sawiris (@naguibsawiris) January 29, 2024
وأعرب الاستشاري الهندسي المصري، ممدوح حمزة، عن صدمته من حدوث "هبوط بنسبة 20 بالمئة من قيمة الجنيه بيوم واحد"، واصفا الأمر بأنه "غير طبيعي"؛ معتبرا أنه يفوق الحالة اللبنانية.
هبوط ٢٠٪ في يوم ؟؟؟؟— Mamdouh Hamza (@mamdouh_hamza) January 29, 2024
غير طبيعي
أنا عاصرت هبوط الليرة اللبناني ولم يحدث ٢٠٪ هبوط في يوم واحد
"حالة ضبابية.. وصدمة"
وتواجه السوق حالة من الضبابية، فلا أسعار محددة لأية سلعة، مع إحجام التجار عن البيع إلا بعد مراجعة أسعار الموزع والشركات، وسط عمليات تخزين واسعة للسلع حتى الوصول لأعلى سعر، وذلك في الوقت الذي توقفت فيه الجهات الرسمية عن تسعير الذهب الذي وصل سعر الجرام عيار 24 منه لـ4500 جنيه.
وتوقف الموقع الرسمي الخاص بنشر أسعار الذهب التابع للشعبة باتحاد الغرف التجارية عن تحديث أسعار الذهب منذ عدة أيام، فيما قالت "شعبة الذهب" باتحاد الصناعات المصرية، إن "أسعار الذهب المتداولة غير حقيقية، وأن هناك عمليات مضاربة خارجة عن قواعد السوق".
وفي المقابل، يعيش المصريون حالة من الصدمة، وسط غموض السوق، وارتفاعات الأسعار التي لا تتوقف، وعجزهم عن توفير المستلزمات الأساسية لأبنائهم، وشكاواهم اليومية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن أمام الفرع الرئيسي لـ"بنك مصر" بمدينة الزقازيق شمال القاهرة، يتجمع مئات المصريين الذين يرغب بعضهم في إعادة تدوير ودائعهم بالبنوك، ويرغب آخرون في سحب تلك الودائع ووضع أموالهم في ملاذات أكثر أمنا.
يقول المواطن توفيق (70 عاما)، لـ"عربي21": "مع ما خسرته بالسنوات الماضية، مع خسارة الجنيه لقيمته أمام الدولار وارتفاع الأسعار، نصحني كثيرون بسحب وديعتي 150 ألف جنيه".
وأضاف: "ولكني هنا، رغم الخسارة، لتجديدها، للحصول على مبلغ نحو 2500 جنيه شهريا إلى جانب معاش شهري نحو 2000 جنيه، لا يكفياني وزوجتي".
على الجانب الآخر، قرر المواطن أبوعمر (40 عاما)، سحب وديعته وقال: "حاولت الاكتفاء بهذا القدر من الخسارة"، موضحا أنه أودع مبلغ 150 ألف جنيه قبل 4 سنوات ورفض سحبها، وهي اليوم لا تكفي لشراء سيارة أعمل عليها أو مقدما لشقة يسكنها ابني ولا تكفي شيئا من جهاز ابنتي.
وتحدث عن تأزم السوق مضيفا لـ"عربي21": "ذهبت لشراء ذهب بوديعتي فوجدت الأسعار متضاربة بين تاجر وآخر، الأول يبيع الجرام عيار 21 بـ3950، وعيار 24 بـ4500، ولا يرغب في البيع انتظارا لارتفاع جديد بالأسعار مع رفع الدولار، والآخر يبيع أقل منه بـ50 جنيها"، موضحا أن "الكل ينتظر قرار التعويم، وذهبت للذهب كملاذ آمن فلم أجد الأمان فيه".
وتتزايد المخاوف بشدة في الأسواق من قرار تعويم قد يصدر الخميس المقبل، حيث موعد اجتماع "لجنة السياسة النقدية" بالبنك المركزي المصري، التي من المرجح وفق خبراء على الأقل إن لم تتخذ قرارا بالتعويم، فإنها سوف ترفع سعر الفائدة.
وفي المقابل تقلل حكومة رئيس النظام، عبد الفتاح السيسي، من حدة الأزمة، وتواصل تصريحاتها الإعلامية المؤكدة أن "الفترة المقبلة ستشهد استقرارا بالأسواق وضبطا للأسعار".
وأشار المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، قبل أيام، لمجموعة الإجراءات لضبط أسعار السلع الأساسية والاستراتيجية، ومواجهة ارتفاع معدلات التضخم في ظل تراجع قيمة الجنيه.
بل إن السيسي، ذاته وخلال الاحتفال بعيد الشرطة، 25 كانون الثاني/ يناير الجاري، قال إن "الحكومة طرحت رؤية لمعالجة أزمة الدولار".
"هنا المشكلة"
وعن حقيقة ما أثاره ساويرس، عن أضرار تأخير القاهرة في قرار "تعويم الجنيه" على السوق المحلية، تحدث الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، لـ"عربي21"، وأكد رفضه لـ"علاج ازدواجية سعر الصرف بعرض الدولار بسعر مماثل للسوق السوداء"، مبينا أسباب فشل ذلك المقترح في إنهاء أزمة غلاء وتسعير السلع وتوفيرها بعد ندرتها.
أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، يرى أنه "لا يوجد تأخير في قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية"، مضيفا: "وأرى أن المشكلة الرئيسية كامنة في شح المعروض الدولاري داخل الدولة المصرية".
وأكد أن "المبادرات والإجراءات التي قدمتها الحكومة المصرية في أعقاب الأزمة التي بدأت فعليا عام 2020، وانتشرت بالفعل أوائل 2022، لم تكن بالإجراءات الكافية وكانت خيالية وغير واقعية إلى حد كبير".
وتابع: "لو راجعنا مبادرة (جلب السيارات) للمصريين المقيمين بالخارج، ومبادرة (بيع الأراضي) للأجانب، وخلافها؛ سنجد أنها لم تؤت ثمارها على الأرض، وكذلك تحركات الحكومة لبيع أصول الدولة مع وجود خلافات قد نسميها سياسية أو غير سياسية مع دول الخليج المشتري الأكبر للأصول المصرية، أيضا، لم تجد رواجا".
خبير واستشاري التدريب ودراسات الجدوى خلص للقول: "إذا المشكلة تبقى في كيفية وجود موارد دولارية لتغطية النقص في احتياجات مصر من النقد الأجنبي"، مستفسرا: "إذا افترضنا أنه حدث تعويم الجنيه اليوم، وليس غدا، ماذا سيحدث؟"، مجيبا: "لا جديد؛ الدولار ليس متوفرا بالأسواق، للمستوردين ولا لرجال الأعمال والشركات، بل والنشاط الاقتصادي متوقف لحد كبير".
وأكد أن "التعويم إجراء من وجهة نظري يعقب توفير الدولار على الأقل لعدة أشهر"؛ معتقدا أن "الحكومة هنا تنتظر حتى تحصل على قرض صندوق النقد الدولي، أو تنتظر بيع بعض الأصول الهامة التي يمكن أن تزيد عن حجم التزاماتها بسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، (تبلغ 42 مليار دولار خلال 2024، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري)".
وأشار إلى أنه "بالتالي تحتاج إلى بيع أصول بقيمة زائدة على الأقساط والفوائد لعدة أشهر، وما تبقى توجهه نحو السوق المحلية في الاستيراد وخلافه لتفي باحتياجاته من النقد الأجنبي".
ويعتقد ذكر الله، أنه "بخلاف ذلك، سيكون التعويم إجراء ليس له أي داع، وبدون ذلك ستبقى الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي موجودة، بل ومتسعة لحد كبير بالفترة القادمة".
إلى ذلك، أكد الخبير والأكاديمي المصري أن "الأمور لن تتحسن إلا بحلول جذرية، والحديث عن مبادرات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع حتى لو تم تحسين شكلها الخارجي بعرض عناوين براقة".
وضرب المثل، بوضع "التوجه لبيع إيرادات قناة السويس لسنوات مقبلة وتحويل العنوان إلى عنوان أفضل وهو (توريق أصول مصر الدولارية)، أو توريق 25 في المئة من إيرادات مصر الدولارية".
ويرى أن "كل هذه المبادرات متسارعة وغير مدروسة، ولا يوجد من هو مضمون أن يقبل عليها"، ملمحا إلى أن "آخر تلك المبادرات طرح سندات بالدرهم الإماراتي وطرح سندات بالدولار في هونج كونج".
وتساءل: "من قال إن المتعاملين بهونج كونج وهي بورصة عالمية سيقبلون على شراء سندات مصرية؟، خاصة مع التصنيف الائتماني المنخفض لمصر أكثر من مرة، ووصول تصنيف الاقتصاد لمرحلة السلبية وسط المخاوف من التعثر عن سداد الديون".
ويعتقد ذكر الله، أن "الحل الأساسي يبدأ بالاعتراف بأن الحكومة نفسها سبب المشكلة، وأن تصرفاتها بالسنوات الماضية أوصلت الدولة للكارثة التي تعيشها الآن، وأن الحل لا يأتي على أيادي هؤلاء".
وفي نهاية حديثه، قال إن "الأمور صعبة"، متوقعا أنها "ستزيد صعوبة الفترة القادمة، وتحتاج لابتكار بالحلول، وإلى حكومة كفاءات وطنية تكنوقراط، يكون لديها خبرات واسعة، وتُعطى الصلاحيات، لأن حكومة مصر بلا صلاحيات أمام صلاحيات الأجهزة السيادية التي تحكم بالفعل".
"وضع متشابك"
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب، لـ"عربي21"، إن "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومصر، لم تصل لنتائج، والحكومة المصرية تستطيع بيوم وليلة تخفيض سعر الجنيه".
وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، أوضح أن "المشكلة أن إدارة الصندوق لن تقبل بهذا التخفيض لتعويم الجنيه، أو سياسة سعر صرف مرن تنتهجها مصر".
وأضاف: "بل سيكون بالنسبة لها مجرد قرار إداري بمقتضاه تم تخفيض قيمة الجنيه لمرة واحدة، ثم تبدأ الدولة بالحفاظ على السعر عبر قرار إداري، وهذا ما ترفضه إدارة الصندوق التي تريد أن يكون هناك سعر صرف مرن يُحدد طبقا لآليات العرض والطلب".
وحول معنى "تحديد سعر صرف مرن"، بين عبد المطلب، أن "كل من يريد الدولار يستطيع الحصول عليه ما دام قادرا على دفع ثمنه، ومن هنا فإن الحكومة ترى أن ذلك سيؤدي مع زيادة الطلب على الدولار لتراجع وانخفاض مستمر بقيمة الجنيه وما يتبعه من مشاكل كثيرة".
وأكد أن مصر أصبحت مضطرة الآن لعلاج ازدواجية سعر الصرف، مشيرا إلى أن "مسألة وجود أكثر من سعر صرف يسبب مشاكل كبيرة للاقتصاد بكل القطاعات، ويمنع الاستثمار من أن يحدد تكاليفه، وبالتالي إمكانية تحديد حساب أرباحه وخسائره".
ولفت إلى أن ذلك الوضع "يؤجل القرار الاستثماري، بل ربما، وكما شاهدنا مؤخرا ومع عدم وضوح سياسات سعر الصرف، اضطرت بعض الشركات لمغادرة السوق المصرية، ولذا وجب على الحكومة وكل دول العالم حل مسألة ازدواجية الصرف، فهو أمر خطير يجب القضاء عليه نهائيا".
أما بخصوص احتمالات أن ينهي القضاء على ازدواجية سعر الصرف أزمة تسعير السلع، قال الخبير المصري، إن "المسألة مختلفة؛ لأن بعض السلع مقومة فعلا بالدولار، واستمرار سعر الصرف سيؤدي إلى استقرار نسبي في أسعارها، ولكن لدينا سلع محلية واستقرار سعر الدولار يؤدي إلى تراجع أسعارها".
وأوضح أن "السلع المستوردة سيحدث لها نوع من الاستقرار، ولكن السلع المحلية أعتقد أن أسعارها ستتراجع، وهو الحديث الذي قد ينطبق على أسعار اللحوم والدواجن والأرز والسكر وغيرها من المواد الغذائية فربما يؤدي استقرار سعر الصرف إلى تراجع أسعار مجموعة السلع الغذائية، على الأقل".
في نهاية حديثه أكد أن "الحكومة لديها تخوفات من ألا يقبل الصندوق تخفيض سعر الجنيه كوفاء بكل التعهدات، ويظل يطالب بإدراج أسهم شركات سيادية في البورصة المصرية، وفي اعتقادي أن هذا هو السبب الأساسي لعدم حدوث اتفاق رغم الإغراءات التي تحدثت عنها إدارة الصندوق لمصر بزيادة قيمة القرض إلى 10 أو 11 مليار دولار".
"ماذا يقول المصريون؟"
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد نشطاء ومتابعون مطالبات التعويم، التي يقودها الملياردير نجيب ساويرس، وأكد بعضهم أن التعويم الآن يعد جريمة في حق الفقراء، موضحين أن أي تعويم دون توفير الدولار أولا لسد احتياجات الاستيراد سيكون "خيانة".
وعلى الجانب الآخر، أكد البعض أن "معالجة ارتفاع سعر الدولار بعرضه بقيمة أقل هو النموذج اللبناني، والذي أدى إلى هدر 24 مليار دولار، واستمر الدولار بالارتفاع"، معتبرين أن "الحل هو تحرير سعر الصرف، وترك السوق يحدده، وعدم محاولة تثبيته".
وتحدث البعض عن صعوبة وضع السوق وعدم شفافيته والتلاعب فيه، محذرين من استمراره بالقول: "بقينا في غابة بجد والوضع كارثي"، مشيرين إلى أن "الموردين جعلوا من أسعار المنتجات بورصة تتغير كل يوم".
لكن آخرين، رأوا الأمر يحتاج إلى الإصلاح السياسي قبل الاقتصادي، مؤكدين على ضرورة اتخاذ 3 قرارات هي: "تغيير الحكومة، وإطلاق سراح المعتقلين، وفتح المجال العام لحرية الرأي والتعبير"، موضحين أنه "بعد ذلك تبدأ القرارات الاقتصادية اللازمة".
بحوزته 160 كيلو غراما.. الأمن المصري يعتقل تاجر ذهب "متهم برفع الأسعار"
مصر تدرس توريق 25% من إيراداتها الدولارية.. ماذا يعني ذلك؟
أزمة الدولار تضرب قطاعات في مصر.. وإعادة وقف العمل بتذاكر "السوتو"