نشر موقع "بي بي سي نيوز" بنسخته التركية مقال رأي للكاتبة سيلفا ديمير ألب، سلطت فيه الضوء على بيانات الاقتصاد التركي في 2023.
وقالت الكاتبة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إنه في
تركيا، كانت الانتخابات المقرر إجراؤها في أيار/ مايو في صميم تقييمات عام 2023 التي أجريت في هذا الوقت من العام الماضي. وكان من المتوقع أن يستمر اقتصاد الانتخابات حتى أيار/ مايو، وما بعده، وتم وضع سيناريوهات بناء على النتائج المحتملة للانتخابات.
ووفق الكاتبة؛ فيوضح الجدول التالي، في العمود الأول، توقعات وكالة فيتش، وهي مؤسسة تصنيف ائتماني رائدة لعام 2023، بعد إعادة انتخاب رجب طيب
أردوغان رئيسا للجمهورية، وحصول التحالف الجمهور على الأغلبية في البرلمان:
توقعات (2023)
الفعلي (2023)
النمو
2.7
4.2*
معدل
التضخم
32
57*
معدل الفائدة
9.3
20.6
سعر صرف
الليرة/دولار
28
24
*يعرض الجدول القيم المتوسطة. تم إعداد الأرقام الفعلية لعام 2023 المعروضة في العمود الثاني استنادا إلى البيانات الواردة حتى كانون الأول/ ديسمبر 2023، بالإضافة إلى التقديرات التي قمنا بها للبيانات التي لم يتم الإعلان عنها بعد.
وذكرت الكاتبة أنه قبل مقارنة هذه التوقعات بالبيانات الفعلية في العمود الثاني، يجب علينا فحص السيناريو الذي يكمن وراء التوقعات؛ فوكالة فيتش التي كانت تتوقع أن تستمر سياسة أسعار الفائدة المنخفضة على الأرجح حتى الانتخابات في منتصف عام 2023، توقعت أن يفقد النمو زخما كبيرا على الرغم من تخفيضات الفائدة.
وكان من المتوقع أن يؤدي هذا التباطؤ الاقتصادي إلى ضغط على التضخم أيضا، وأن يستمر انخفاض قيمة الليرة في ظل بيئة فائدة منخفضة.
وأشارت الكاتبة إلى أنه كان هذا بمنزلة سيناريو "اصطدام بالحائط" إلى حد ما، حيث كان من المتوقع حدوث انكماش بنسبة 2 بالمئة في عام 2024، مع استمرار التمسك بسياسة أسعار الفائدة المنخفضة.
وبالفعل؛ تم تنفيذ تخفيضات الفائدة المشار إليها في هذا السيناريو، بشكل متوافق مع تصريحات الحكومة في النصف الأول من عام 2023؛ حيث انخفضت أسعار الفائدة إلى 8.5 بالمئة.
وأضافت الكاتبة أنه بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والانتخابات العامة التي أجريت في الرابع عشر من أيار/ مايو، أشارت تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة سوف تستمر بعد الانتخابات في الواقع إلى بيئة "أكثر تشاؤما مما كان متصورا في هذا السيناريو".
"العودة إلى السياسة العقلانية"
وأوردت الكاتبة أنه ما أثار دهشة المحللين، هو التحول الحاد الذي حدث بعد الجولة الثانية من الانتخابات التي فاز فيها أردوغان مرة أخرى، أو كما وصفه وزير المالية والخزانة بعد الانتخابات، محمد شيمشك، "العودة إلى العقلانية".
وتابعت الكاتبة أن هذا التحول المفاجئ، كان على الأرجح نتيجة الاقتناع بأن استمرار سياسات الفائدة المنخفضة سيؤدي إلى دفع تركيا إلى أزمة اقتصادية.
ونتيجة لذلك، تم تسريح معظم فريق الاقتصاد القديم في فترة ما بعد الانتخابات، وجاء أشخاص متمسكون بفهم الاقتصاد الأرثوذكسي، وتم رفع معدل الفائدة الرئيسي بنسبة 34 بالمئة في غضون 6 أشهر.
وأوضحت الكاتبة أنه على الرغم من الزيادات في أسعار الفائدة، إلا أن النمو الاقتصادي اقتصر على تباطؤ معتدل، ويقدر أن ينمو الاقتصاد التركي بأكثر من 4 بالمئة في عام 2023.
ومن المؤكد أن عدم حدوث توقف مفاجئ في النمو أمر إيجابي. ومع ذلك، تأثرنا بالمشاكل السابقة في السياسات التي تم اعتمادها قبل الانتخابات، وأثرها الأثقل كان على معدل التضخم.
وأشارت الكاتبة إلى أنه إذا أكملت تركيا عام 2023 بمعدل تضخم سنوي يبلغ 67 في المائة، فإن متوسط التضخم في عام 2023 سيكون حوالي 57 في المائة، أي ما يقرب من ضعف توقعات وكالة فيتش.
2023: اختتم العام بتفاؤل حذر
كان عام 2023 عاما بدأ بطريقة مغامرة في النصف الأول منه، ثم أغلق بتفاؤل حذر نتيجة العودة إلى السياسات التقليدية.
وبحسب الكاتبة، فإن أهم درس تم تعلمه هذا العام، هو ملاحظة الضرر العميق الذي يلحقه الابتعاد عن السياسات التقليدية بالاقتصاد، وإن كان ذلك بالطريقة الصعبة، ومن ثم "العودة إلى العقلانية".
وذكرت الكاتبة أنه في النصف الأول من العام، استمرت تخفيضات الفائدة، بينما استمرت الضغوطات المالية وبيع الاحتياطيات والسيطرة على رأس المال للحفاظ على هذا النظام، واستمرار السياسة المالية التيسيرية.
لكن في النصف الثاني من العام، تم التخلي عن السياسات القديمة كما لو كان المرء قد استيقظ من كابوس. ولوحظ أنه من الضروري رفع أسعار الفائدة وليس خفضها لمحاربة التضخم.
المسألة الأكثر أهمية، هي كيف سيتم توزيع تكلفة "الوصفة المرة" على المجتمع؟
وأوضحت الكاتبة أن عام 2024 لن يكون عاما سهلا؛ لأنه لا يوجد صيغة سحرية يمكن أن تزيل في الحال الضرر الذي تسببت به السياسات الخاطئة، وسيكون دفع ثمن الأخطاء أمرا مؤلما.
في هذه المرحلة، ربما يكون أهم شيء يجب التفكير فيه، هو كيفية توزيع تكلفة "الوصفة المرة" على المجتمع مع دخولنا عام 2024.
وبالطبع، الحل الصحيح من الناحية الاجتماعية والسياسية، وإن كان صعبا سياسيّا، هو تدخل السياسة المالية.
واختتمت الكاتبة، أنه في هذه المرحلة من الضروري ضخ الموارد في القطاعات ذات الدخل الثابت، التي ستتأثر سلبا بالتباطؤ الاقتصادي، مع تمويل ذلك من خلال إصلاح الضرائب، وإصلاحات لزيادة الإنتاجية، وتجنب الإسراف في الإنفاق الحكومي.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)