نشرت صحيفة "
حرييت" التركية مقال رأي
للكاتب عبد القادر سلفي بيّن فيه أن المنطقة تعيش على وقع
التهديدات المتبادلة بين
إيران وإسرائيل منذ اغتيال إسماعيل هنية، فقد توعدت إيران بالرد على
إسرائيل، وصرّح
المرشد الأعلى الإيراني أن الانتقام واجب عليهم، غير أن أي مواجهة عسكرية بين
إيران وإسرائيل قد تتطور إلى حرب إقليمية أكثر دمارًا من
الحربين الخليجيتين
الأولى والثانية.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته
"
عربي21"، إنه عندما قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق في 1
نيسان/ أبريل، فقد ردت إيران في 13 نيسان/ أبريل بهجوم بطائرات مسيرة وصواريخ. لكن هذه
المرة، أعلنت إيران أنها لن تنتظر 13 يومًا للرد.
وأعرب الكاتب عن مخاوفه بشأن التأثيرات المحتملة
لحرب قد تنشب بين إيران وإسرائيل؛ حيث إن الحرب بين إيران والعراق استمرت لمدة 8
سنوات، فإن حربًا بين إيران وإسرائيل قد تكون أكثر تدميرًا. كما أن الحرب التي
تشارك فيها إسرائيل قد تتحول بسرعة إلى حرب إقليمية بمشاركة الولايات المتحدة، ما
قد يجعل الوضع أكثر دمارًا لمنطقتنا مقارنة بحربي الخليج الأولى والثانية.
وأكد الكاتب أن احتمال نشوب حرب إقليمية يمكن أن
يؤدي إلى كارثة في المنطقة، وقد حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته
هاكان فيدان مرارًا من هذا السيناريو. ومما لا شك فيه أن نشوب حرب إقليمية سيؤدي
إلى تغييرات جذرية في الشرق الأوسط، مثل تغيير الخرائط والإطاحة بالأنظمة، وانقسام
الدول إلى كيانات أصغر.
وأشار الكاتب إلى التوتر المتصاعد بين إيران
وإسرائيل، حيث ينتظر العالم رد إيران على الهجمات الإسرائيلية، فرغم مرور 27
يومًا، لم تأتِ الضربة الانتقامية المتوقعة من إيران، في حين واصلت إسرائيل تنفيذ
عمليات الاغتيال. كما أن حزب الله أطلق 350 صاروخًا على إسرائيل في 25 آب/ أغسطس
انتقامًا لمقتل فؤاد شكر، ما زاد التوقعات بشأن رد فعل إيران.
ويؤكد الكاتب على أن الحرب ليست لعبة تُتابع نتائجها
مثل مباريات الرياضة، بل هي أمر مدمر.
وسلط الكاتب الضوء على التصريحات المهمة من جانب
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وزعيم حزب الله حسن نصر الله، مشيرًا إلى أنه
بعدما تابع هذه التصريحات، شعر بالارتياح لأن هذه التصريحات أوضحت أن حربًا بين
إيران وإسرائيل لن تندلع، فقد قال خامنئي إن "الحرب بين جبهة الحسين وجبهة
يزيد لن تنتهي أبدًا"، في إشارة إلى الصراع المستمر منذ 1400 عام، وهذا
التصريح يفسر أن إيران لن تشن هجومًا مباشرًا على إسرائيل، وهو ما اعتُبر
خبرًا جيدًا.
وفي السياق نفسه، تحدث الكاتب عن تصريحات حسن نصر
الله، زعيم حزب الله، التي أكد فيها أن حزب الله قام بالرد على اغتيال فؤاد شكر
من خلال استهداف قاعدة عسكرية ومقر للموساد بالقرب من تل أبيب، وأشار نصر الله إلى
أن هذا الرد كان خطوة أولى وأنهم سيضربون إسرائيل مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنه لم
يعلن عن حرب شاملة.
وتناول الكاتب أيضًا العلاقات بين إيران وحزب الله
وإسرائيل، مشيرًا إلى أن حزب الله سيواصل تصعيد التوتر بشكل محدود ومسيطر عليه،
بينما تستمر إسرائيل في عمليات الاغتيال. ومع ذلك، فإن الحرب الشاملة بين حزب الله
وإسرائيل، والتي يمكن أن تشتعل في المنطقة وخاصة في لبنان، لن تحدث في الوقت
الحالي.
وأعرب الكاتب عن قلقه من الحشد العسكري الأمريكي في
المنطقة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لم تحشد ثلث قوتها العسكرية في المنطقة
فقط من أجل أمن إسرائيل. فإن الولايات المتحدة وحلفاءها، مثل بريطانيا وفرنسا
وألمانيا، لديهم نوايا سيئة وخطط كبيرة تستهدف تغيير خريطة المنطقة.
ويعتقد الكاتب أن هذه الدول تسعى إلى تقسيم المنطقة
إلى "دويلات" صغيرة، مستغلين حقيقة أن العراق وسوريا قد تم إغراقهما في
حروب أهلية لسنوات، فإن الهدف الآن هو إقامة دول إرهابية على تلك الأراضي. وهذه
الدول تحاول نصب فخ لإيران لتحقيق هذا الهدف، وعليه فإنه من الأفضل التركيز على الصورة
الكبيرة لهذه الخطط.
ولفت الكاتب إلى استخدام إيران كذريعة من قبل
الولايات المتحدة لشن حرب في المنطقة؛ حيث إن إيران، وحزب الله، وحماس هي أعذار
مثالية يمكن استخدامها لإقناع الرأي العام الغربي بأن أمن إسرائيل يتطلب مواجهة
إيران. وقد رأينا في رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي حظي بتصفيق
حار في الكونغرس الأمريكي، دليلًا على مدى استعداد الغرب لدعم إسرائيل ضد إيران.
ويعتقد الكاتب بأن إيران وإسرائيل قد تلعبان دور
"الأعداء الأشقاء"، فكل خطوة تتخذها إيران تُسهِّل على إسرائيل تأمين
دعم الغرب. ومع ذلك، فإنه من الإنصاف الثناء على سياسة إيران في عدم الانجرار إلى
حرب مباشرة مع إسرائيل، إذا ما تم اعتبار أن هذه السياسة تمنع الوقوع في الفخ الذي
ينصبه نتنياهو، والذي من شأنه أن يؤدي إلى توسع الحرب في المنطقة وتغيير خريطة
الشرق الأوسط بشكل كارثي.
وفي ختام المقال، ناقش الكاتب التناقض بين جهود
الولايات المتحدة الأمريكية لإحلال هدنة في الصراع الحالي واستمرارها في تقديم
المساعدات العسكرية والمالية لإسرائيل.. مما يدعو إلى التساؤل عن مدى إمكانية تحقيق
الهدنة في ظل هذه الظروف، فإن بايدن قد يكون لديه دوافع خاصة لجهوده في هذا الصدد؛
حيث يسعى لإنقاذ الرهائن الأمريكيين الذين تحتجزهم حماس قبل مغادرته منصبه. فإن
بايدن يرغب في عرض عملية تحرير الرهائن على الهواء مباشرة ليُعرف بأنه الرئيس الذي
أعاد الرهائن إلى الولايات المتحدة كما فعل خلال صفقة تبادل الأسرى مع روسيا، ومما
لا شك فيه أن حياة وأرواح الفلسطينيين في غزة ليست من دوافع بايدن لتحقيق هذه
الهدنة.