"أبنائي لولا الساعات الإضافية التي أدفع لهم ثمنها خارج المدرسة العمومية، لما درسوا شيئا، حيث إن الإضرابات المُستمرّة دخلت أسبوعها العاشر، دون أن يدرسوا فيها حرفا واحدا" بهذه الكلمات اليائسة، عبّرت أم لطفلين، عن رفضها لاستمرار ما وصفته بـ"تعطيل المدرسة العمومية".
وأضافت أم الطفلين، في حديثها لـ"عربي21": "لو كنت ميسورة ماديا لجعلتهم يدرسون في التعليم الخاص، لكن العين بصيرة واليد قصيرة؛ أضعف ما كان بإمكاني القيام به هو ساعات إضافية خارج الزمن الدراسي الميّت".
الوضع الذي يعيش على إيقاعه "
التعليم العمومي" في
المغرب، خلّف موجة غضب واسع لدى أولياء التلاميذ، الذين باتوا قلقين من تأثير استمرار الإضراب، على المستوى التعليمي لأبنائهم؛ ممّا جعلهم ينظمون جُملة من الوقفات الاحتجاجية أمام المؤسسات التعليمية في عدد من المدن المغربية؛ وكذلك خلّف موجة غضب واسعة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
وندّد أولياء الأمور بالوضعية التي باتت عليها أوضاع التعليم، من هدر الزمن المدرسي، وحرمان أبنائهم من الدراسة لمدة تزيد عن عشرة أسابيع؛ فيما راسلوا رئيس الحكومة، للمطالبة بتعويض الأيام والساعات الدراسية الضائعة.
للأساتذة مُبرّراتهم..
الاحتجاجات الغاضبة التي يُصّر أساتذة التعليم العمومي على استمرار خوضها، في الشوارع، منذ أشهر، والتي توقفت معها الدراسة، بشكل تام، أتت رفضا لما يُعرف بـ"قانون النظام الأساسي" الذي وضعته وزارة التربية.
ويتضمن قانون النظام الأساسي، 98 مادة، تبرز هيئات ومهام ومسؤوليات وتعويضات الموظفين في القطاع، بالإضافة إلى العقوبات التأديبية، ما اعتبرته نقابات التعليم "غير منصف، ويهدد مكتسباتهم ولا يحقق لهم مطالبهم المهنية وأيضا المادية".
وحسب معطيات توصلت بها "عربي21"، فإن "عددا من مواد النظام الأساسي قد تم إعادة النقاش بخصوصها، فتم تغيير عدد من النقاط بخصوصها، وبينما وصل النقاش إلى المادة 50 منه، فإنه من المرتقب أن يتم الإعلان عن الانتهاء منه يوم الجمعة".
كذلك، تم التوافق على زيادات مالية، تُضاف إلى 1500 درهم، التي قامت الحكومة بتحديدها قبل أيام، حيث ستستفيد عدد من الفئات التعليمية، من زيادات قد تصل إلى 4500 درهم دفعة واحدة، بموافقة وزارة المالية والاقتصاد.
الحكومة تدعم وزير التعليم
في الوقت الذي أثارت فيه احتجاجات الأسرة التعليمية، استياء آباء وأولياء التلاميذ، أعلن قادة الغالبية الحكومية، دعمهم لوزير التربية الوطنية، شكيب بنموسى، في مواجهته الاحتجاجات القوية وكافة الإضرابات التي يشنها الأساتذة والمعلّمون منذ أشهر.
وفي هذا السياق، قال رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، إن "حكومته ومعها أحزاب الأغلبية يدعمون وزير التربية الوطنية، ويقفون وراءه"، موضحا في كلمة له، خلال اجتماع قادة الغالبية الحكومية، الاثنين، بالرباط، أن "الوزير شكيب بنموسى، يحظى بكل الدعم بعدما تشاور مع النقابات قبل إصدار النظام الأساسي".
وشدّد رئيس الحكومة المغربية، على أن "الأغلبية الحكومية متفقة معه؛ وأن الحكومة وراء بنموسى، ونفتخر بعمله، ونشجعه على المضي قدما إلى الأمام"، مذكّرا بأنه مستعد لفتح حوار مع الأساتذة، لكنه قبل ذلك اشترط عودتهم لمقاعد الدراسة.
وأردف، بأن لجنة تتكون من وزير التعليم، ووزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل، بإشراف رئيس الحكومة، ستتولى إطلاق حوار مع النقابات. مخاطبا المحتجين بالقول: "عليكم أن تثقوا في الحكومة، فنحن لا نريد سوى تحسين مستوى التعليم".
وفي بيان ختامي للأحزاب المُكوّنة للتحالف الحكومي، أشادت الغالبية بـ"سعي الحكومة، منذ تنصيبها لوضع المدرسة العمومية على سكة الإصلاح الحقيقي؛ لتعزيز الارتقاء الاجتماعي والإنصاف، وتكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة جميعا".
تصعيد للمُحتجّين
فيما بات يوصف بـ"احتقان غير مسبوق لنساء ورجال التعليم"، المُستنكرين لمخرجات الحوار بين الحكومة والمركزيات النقابية للتعليم؛ قررت تنسيقيات التعليم الاستمرار في خطواتها التصعيدية، عبر تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان، في العاصمة الرباط، الخميس.
كذلك، أعلن الأساتذة المُحتجّون تنظيم مسيرة احتجاجية في اتجاه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. مؤكدين على أن "المركزيات النقابية للتعليم، لا تمثلهم، لأنها أصبحت تدافع عن الحكومة، وليس عن نساء ورجال التعليم".
من جهته، دعا والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، جميع أطراف أزمة التعليم إلى "تليين مواقفهم وتقديم تنازلات من أجل تجاوز الأزمة الحالية والوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف".
وأضاف الجواهري، خلال الندوة الصحفية التي تلت اجتماع مجلس بنك المغرب، الثلاثاء، أنه "حين يكون هناك صراع لا يمكن لأي طرف أن يدعي أنه هو من يملك الحقيقة" مؤكدا على ضرورة "تغليب مصلحة التلاميذ، من خلال العمل على عودتهم إلى الفصول المدرسية في أقرب وقت ممكن".