منذ
شرائه للمنصة العالمية "إكس" -"توتير" سابقا- يثير مالكها
الأمريكي
إيلون ماسك، الجدل بشكل مستمر بعد القرارات المثيرة التي يتخذها منذ وصوله
إلى إدارة المنصة.
وفي آخر تصرفاته المثيرة للجدل شن ماسك هجوما لاذعا على المعلنين المقاطعين لمنصة إكس،
ما أثار استغراب الخبراء، بالتزامن مع استمرار انسحاب المعلنين على المنصة، ما
يطرح تساؤلات حول بقاء المنصة على قيد الحياة.
يقول جيمس
كلايتون مراسل "بي بي سي" للتكنولوجيا في أمريكا الشمالية في تقرير نشره على موقع "بي بي سي عربي" إنه في أبريل/ نيسان الماضي، جلس مع ماسك ضمن مقابلاته التي
أجراها حول استحواذه على شركة إكس، المعروفة سابقاً بـ"
تويتر".
وفي
معرض حديثه عن
الإعلانات، قال ماسك: "إذا كانت ديزني تشعر بالارتياح للإعلان
عن أفلام الأطفال على تويتر، وتشعر شركة أبل بالارتياح للإعلان عن أجهزة الآيفون،
فهذه مؤشرات جيدة على أن تويتر مكان جيد للإعلان".
وبعد
مرور سبعة أشهر، توقفت شركتا ديزني وأبل عن الإعلان عبر منصة "إكس"،
وقال ماسك إنه إذا كان شخص ما سيحاول ابتزازه بالإعلانات أو بالمال، فليذهب، وذكر
كلمة نابية تعبيراً عن غضبه الشديد من محاولة ابتزازه.
وكانت الشركات
قد أوقفت الإعلانات مؤقتاً بعد تحقيق أجرته منظمة أمريكية، أكدت على قيام المنصة
بوضع علامة على الإعلانات التي تظهر بجوار المنشورات المؤيدة للنازية.
ورفضت
منصة "إكس" التقرير بشدة، وشككت في أساليب البحث الخاصة به، وقامت برفع
دعوى قضائية ضد المنظمة.
وفي
مقابلة يوم الأربعاء الماضي، أشار ماسك إلى كم الأضرار التي لحقت بالمنصة إثر توقف
البعض عن الإعلان عبر المنصة.
فبالنسبة
لشركة اشتراها بمبلغ 44 مليار دولار العام الماضي، قد يبدو
الإفلاس أمراً غير وارد
لكن هذا ممكن، ولفهم السبب، فعليك أن تنظر إلى مدى اعتماد المنصة على عائدات
الإعلانات.
وعلى
الرغم من انها لا توجد أرقام دقيقة، إلا أن حوالي 90% من إيرادات منصة
"إكس" في العام الماضي كانت من الإعلانات.
وألمح
ماسك إلى خطورة توقف المعلنين عن الإعلان عبر المنصة، وقال: "إذا فشلت
الشركة، فسوف تفشل بسبب مقاطعة المعلنين، وهذا سيؤدي إلى إفلاس الشركة".
ويقول
مارك جاي، كبير مسؤولي العملاء في شركة الاستشارات التسويقية "Ebiquity"،
التي تعمل مع مئات الشركات، إنه لا توجد مؤشرات على عودة أي من المعلنين المغادرين
للمنصة، وقال: "لقد خرجت الأموال ولم يضع أحد استراتيجية لإعادة
الاستثمار".
وأعلنت
شركة "Walmart" العملاقة للبيع بالتجزئة، يوم الجمعة
الماضي، أنها توقفت عن الإعلان عبر منصة "إكس".
وبعد
أن شتم ماسك المعلنين الذين تركوا المنصة، فإنه أقدم على "إهانة" الرئيس
التنفيذي لشركة ديزني، بوب إيجر.
وبحسب
لو باسكاليس، من شركة الاستشارات التسويقية AJL Advisory، فإنه عندما يضع ماسك الرؤساء التنفيذيين
"في مرمى نيرانه" بهذه الطريقة، فسيكونون أكثر تحفظاً في التعامل مع
المنصة.
وتضيف
جاسمين إنبيرغ، المحللة الرئيسية في Insider Intelligence: "لا يتطلب الأمر وجود خبير في وسائل
التواصل الاجتماعي لفهم ومعرفة أن مهاجمة المعلنين والشركات التي تدفع فواتير إكس
علناً وشخصياً لن تكون مفيدة لسير العمل".
هل
يمكن لـ إكس أن تفلس حقاً؟
إذا
رحل المعلنون إلى الأبد، فماذا سيتبقى لـ"ماسك"؟
يضيف
الصحفي جيمس كلايتون عندما أجريت مقابلة مع ماسك في أبريل/ نيسان الماضي، أنه كان من الواضح أنه يفهم أن الاشتراكات على منصة "إكس"، لن تحل محل
عائدات الإعلانات.
وقال
لي: "إذا كان لديك مليون شخص مشتركين، بمبلغ 100 دولار سنوياً تقريباً، فهذا
يعني 100 مليون دولار، وهذا تدفق إيرادات صغير إلى حد ما مقارنة بالإعلانات".
وفي
عام 2022، بلغت إيرادات "إكس" من الإعلانات حوالي 4 مليارات دولار.
وتقدر شركة Insider Intelligence أنها ستنخفض هذا العام إلى 1.9 مليار دولار.
ولدى
الشركة نوعان من النفقات الرئيسية، الأول هو فاتورة التوظيف، وكانت له سوابق
بتسريح الآلاف من الموظفين..
أما
الثاني فهو القروض التي اضطُر ماسك إلى أخذها لشراء "إكس"، والتي يبلغ
مجموعها حوالي 13 مليار دولار. وذكرت "رويترز" أن الشركة يتعين عليها الآن دفع 1.2
مليار دولار تقريباً على شكل فوائد كل عام.
وإذا
لم تتمكن الشركة من سداد الفوائد المترتبة على قروضها أو دفع أجور الموظفين، فنعم،
يمكن أن تفلس "إكس" حقاً، لكن هذا السيناريو سيرغب ماسك في تجنبه.
لدى
ماسك خيارات محدودة للتعامل مع هذه الأزمة، أبسط شيء بالنسبة له هو أن يستثمر
المزيد من أمواله في المنصة، ولكن يبدو أنه لا يريد فعل ذلك.
يمكن
أن يحاول ماسك إعادة التفاوض مع
البنوك للحصول على فوائد أقل. ويمكنه أن يطلب، على
سبيل المثال، فائدة "الدفع العيني" التي تسمح له بالتأخر في الدفع.
ولكن
إذا لم تنجح عملية إعادة التفاوض ولم تحصل البنوك على أموالها، فقد يكون الإفلاس
هو الخيار الوحيد، وعند هذه النقطة قد تحاول البنوك الضغط على المنصة من أجل
استبدال الإدارة.
ويقول
جاريد إلياس، أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة هارفارد: "سيكون الأمر
فوضوياً ومعقداً للغاية، لأنه سيتم عزله باستمرار وسيتعين عليه الإدلاء بشهادته في
المحكمة".
سيؤثر
ذلك على سمعة ماسك التجارية ولكن، إذا حدث سيناريو الإفلاس، فهل ستتوقف
"إكس" عن العمل ببساطة؟
يقول
إلياس: "أجد أنه من الصعب جداً تصديق ذلك، لأنه إذا حدث، فسيكون ذلك لأن
إيلون قرر سحب البساط. ولكن حتى لو فعل ذلك، فسيكون لدى الدائنين خيار دفع الشركة
إلى الإفلاس، وتعيين وصي".
ماذا
بعد بالنسبة لماسك؟
الحل
الواضح لجميع هذه المشكلات بالنسبة لمنصة "إكس"، هو العثور على مصدر
إيرادات آخر وبسرعة.
لقد
أطلقت "إكس" خدمة جديدة للمكالمات الصوتية والمرئية وفي الشهر الماضي، بث ماسك فيديو
لنفسه وهو يلعب ألعاب الفيديو، ويأمل أن تتمكن "إكس" من التنافس مع
تطبيقات مثل Twitch.
ويريد
ماسك أن تصبح "إكس" "تطبيقاً لكل شيء ويغطي كل شيء، بدءاً من
الدردشة وحتى المدفوعات عبر الإنترنت".
ووفقا
لصحيفة نيويورك تايمز، التي حصلت على العرض التقديمي الذي قدمه ماسك للمستثمرين
العام الماضي، فإنه كان من المفترض أن تجلب منصة "إكس" 15 مليون دولار من
أعمال المدفوعات في عام 2023، لتنمو إلى حوالي 1.3 مليار دولار بحلول عام 2028.
ويوجد
لدى منصة "إكس" أيضاً كنز ضخم من البيانات، ويمكن استخدام أرشيف
المحادثات الضخم الخاص به لتدريب روبوتات الدردشة ويعتقد ماسك أن هذه البيانات ذات
قيمة كبيرة.
لذا
فإن المنصة لديها إمكانات. لكن على المدى القصير، لن يسد أي من هذه الخيارات
الفجوة التي تركها المعلنون. ولهذا السبب كانت فورة غضب ماسك محيرة للكثيرين.
ويقول
باسكاليس: "ليس لدي أي نظريات منطقية لما فعله ماسك، هناك نموذج إيرادات في
رأسه يراوغني".