في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية ومعقدة، يقتنص أطفال غزة المقيمين في العديد من أماكن النزوح في جنوب قطاع غزة، أي فرصة سانحة لأجل اللعب واللهو مع بعضهم البعض في أزقة ضيقة ما بين خيام النازحين في ساحة أحد المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
"عربي21" زارت مدرسة بنات رفح الإعدادية (ب) جنوب القطاع، وهي التي تشرف عليها "الأونروا"، يتواجد بها آلاف النازحين، الأدخنة متصاعدة تلف المكان، برد شديد يضاعف معاناة النازحين وخاصة الأطفال منهم الذين يهرولون في المكان ويلعبون، لعلهم بذلك يسرقون لحظة سعادة وسط المعاناة الكبيرة والخوف الشديد الذين يلفهم جراء ما حصل لهم ولعائلتهم بسبب العدوان الإسرائيلي البربري الذي قتل كل مظاهر الحياة في القطاع.
"منتصر" طفل
فلسطيني (14عاما) من سكان الرمال بغزة قابلته "عربي21"، نزح مع عائلته إلى رفح بعدما دمر
الاحتلال منزلهم وسحق بصواريخه الحي الذي ولد فيه، يقيم حاليا مع باقي أسرته في المدرسة، ورغم أنه نجح في تكوين مجموعة جديدة له من الأصدقاء النازحين معه، إلا أنه ينتظر العودة لمنزله المدمر بفارغ الصبر كما باقي أفراد العائلة.
أما "إلين" (9 أعوام) من سكان شارع النصر بغزة، فأكدت لـ"عربي21"، أن كثرة القصف الإسرائيلي واستهداف الاحتلال لمنزلهم، هو ما دفعهم لتركه والنزوح نحو رفح، منوهة إلى أن "واقع النزوح والبعد عن البيت أمر صعب وغير مريح".
وقالت: "أنتظر بشكل كبير الرجوع إلى بيتي مع أسرتي رغم أنه تضرر بشكل كبير جراء القصف الإسرائيلي.. حسبنا الله ونعم الوكيل على الاحتلال الذي شردنا، سنرجع لبيتنا قريبا".
كما باقي الأطفال النازحين، أعربت الطفلة "ليان" عن أملها الكبير في العودة إلى منزلها بغزة، وخاصة إلى غرفتها والألعاب التي تركتها خلفها، وقالت: "أشتاق إلى كل شيء في بيتنا، نفسي ينتهي النزوح وأرجع لصديقاتي".
وعمل جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على تدمير القطاع المحاصر منذ 17 عاما ودمر بلدات بأكملها، وارتكب أكثر من 1400 مجزرة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، حيث ارتفع عدد شهداء لأكثر من 14854 شهيدا؛ بينهم 6150 طفلا وأكثر من 4000 سيدة، والجرحى لأكثر من 36 ألف إصابة بجروح مختلفة، بحسب آخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة وصلت "عربي21"، إضافة إلى وجود أكثر من 7000 بلاغ عن مفقودين معظمهم من الأطفال.
واستهدف العدوان الغاشم العديد القطاعات الحيوية في القطاع، ودمر البنية التحية والمزروعات ومزارع الدواجن والأبقار وغيرها، إضافة لتدمير ممنهج لمنازل المواطنين وكل ما يمتلكون، إضافة إلى استهداف الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمساجد والصحفيين والدفاع المدني، في سلوك يتنافى مع كافة القوانين والأعراف الدولية، مما يرقى لجرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي، في حين، لم يسلم الكثير من النازحين من شمال القطاع لجنوبه، من الإعدام الميداني والاعتقال والتنكيل بهم.