قالت صحيفة "
واشنطن بوست" إن الدعم لـ"إسرائيل"
في
الكونغرس داخل الحزبين كبير، وهو تعبير عن قوة اللوبي وعدم التوازن في عدم معرفة
الموضوع
الفلسطيني.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته
"عربي21" إن الكونغرس كان متعاطفا وداعما لـ"إسرائيل" بطريقة لم
تكن أي جماعة ضغط تتخيلها. وأكد على كل نقطة قدمها ممثلو الضغط: حماس هي تجسيد للشر،
ويجب منح الأولوية للإفراج عن الرهائن، ويجب أن لا يحرف تزايد سقوط المدنيين الفلسطينيين
نظر الولايات المتحدة.
وقالت النائبة الديمقراطية عن برونكس، ريتشي توري،
35 عاما: "تستطيعون الاعتماد على الكونغرس كصديق" و"يمكنكم اعتباري صديقا".
وتم إحضار دونا راز ليفي من تل أبيب إلى واشنطن كي
تحاول الضغط على الكونغرس نيابة عن 200 شخص محتجزين في
غزة. وكانت مهمة ملحة وهي سعيدة
بالتزام توري: "هذا بالضبط هو ما أريد".
وفي الوقت الذي سارعت فيه أمريكا لدعم حليفتها في
الشرق الأوسط في أعقاب هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، خاض النواب الأمريكيون في
الكونغرس معركة كلامية حول العنف، في وقت زادت فيه الحملة الانتقامية الإسرائيلية من
أعداد الضحايا المدنيين في قطاع غزة وكل يوم.
وتحول الكابيتال هيل إلى جبهة للسرديات، حيث عرقل
المحتجون الذين طلوا أيديهم بالأحمر علامة الدم، جلسات الكونغرس وطالبوا بوقف إطلاق
النار، لكن في الكونغرس، كان هناك جانب واحد لديه الغالبية ممن يسيطرون على تمويل السياسة
الخارجية الأمريكية.
وقالت ليفي لتوري: "نحن ممتنون للولايات المتحدة
الأمريكية لأنها اختارت الجانب الصحيح من التاريخ"، على حد زعمها، حيث مررت له
بعض الأوراق التي تحمل وجوه وأسماء الأطفال والكبار المحتجزين لدى حماس، مضيفة أن "هناك الكثير مما يمكن عمله".
ومع انتصار "إسرائيل" في الكونغرس، زادت
أصوات حفنة من التقدميين الديمقراطيين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وارتفعت أصواتهم
لتقديم العون للمدنيين الفلسطينيين، وهو انعكاس للمؤيدين الحماسيين لـ"إسرائيل"
الذين يرون أن لديها الأخلاقية العالية.
وقال النائب الجمهوري عن نيويورك مايكل لولر:
"حماس هي منظمة إرهابية، نقطة، وفكرة أن إسرائيل دولة مضطهدة تثير الضحك".
وقال في خطاب الشهر الماضي ببهو المجلس: "لا مقارنة أخلاقية هنا".
كما أن فوز طرف في الكونغرس، أي "إسرائيل"
هو انعكاس لعقود من التأثير وجماعات اللوبي القوية، وخلل في التوازن لتعرض النواب للنزاع،
خاصة أن معظمهم ليسوا خبراء في الشؤون الدولية.
ونقلت الصحيفة عن بروفيسور العلاقات الدولية والسياسة
الخارجية بجامعة هارفارد، ستيفن وولت، أنه في الوقت الذي كان فيه اللوبي الإسرائيلي
ناشطا ومؤثرا منذ عقود، فإنه لا يوجد شيء مضاد له على الجانب الآخر. وقال: "لا توجد
منظمة فلسطينية بتأثير مساو وحجم مساو".
وأسهمت جماعات اللوبي الإسرائيلية والأفراد بحوالي
31 مليون دولار لمرشحي الكونغرس، في الدورة الانتخابية في العام الماضي، وهو رقم أكبر
بست مرات من المبالغ التي يحصل عليها المرشحون من جماعات الدفاع عن السلاح، بحسب
"أوبن سيكريتس" وهي منظمة غير ربحية في واشنطن تتابع بيانات اللوبي والتمويل.
ويعتبر توري واحدا من 20 نائبا في مجلس النواب تلقوا
أكثر من ربع مليون دولار من اللوبي الإسرائيلي خلال الانتخابات. وأكبر متبرع لهم هي
لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية للشؤون العامة (إيباك)، بحسب بيانات "أوبن
سيكريتس".
ويقول موقع "إيباك"، إن نسبة 98% من المرشحين
الذين دعمتهم فازوا في الانتخابات، وأنها ساعدت بهزيمة 13 مرشحا "كانوا سيضعون
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية" في خطر.
وفي آخر دورة انتخابية دعمت "إيباك"
365 مرشحا على مدى الطيف السياسي، من مرشحين تقدميين دعوا إلى نظام الصحة العام وضرائب
عالية، إلى مجموعة الحرية الجمهورية التي رفضت الموافقة على نتائج انتخابات عام
2020 وتريد منع ضحايا الاغتصاب والعلاقات الجنسية بين الأقارب من الحصول على الإجهاض.
ويوضح موقع "إيباك" على الإنترنت يالقول:
"ندعم المرشحين المؤيدين لإسرائيل ضد المرشحين المعادين لإسرائيل".
وخلال اللقاء مع توري، شرح المرافق لليفي، وهو إيروين
كوتلر، السياسي الكندي المتقاعد والمؤيد لـ"إسرائيل"، أنه قلق من السرديات
المتنافسة بشأن النزاع: "رأينا هذه المزاعم، وأن إسرائيل ارتكبت هذه الجرائم،
إلخ إلخ".
وزارت ليفي وكوتلر مكاتب النواب بمعية نعوم بيري،
ابنة حاييم بيري، 79 عاما، المحتجز لدى حماس، في وقت كان فيه المؤيدون للفلسطينيين يقومون
بجولاتهم بدون الحصول على التزام كبير بالدعم.
وقال روبرت ماكاو، مدير الشؤون الحكومية بمجلس العلاقات
الأمريكية-الإسلامية (كير): "هناك مواقف معارضة قوية وإنه يجب اقتلاع حماس، وإنه
في الوقت الذي تعتبر فيه خسارة المدنيين مأساة، فإن هناك هدفا أكبر".
ومنذ بداية الحرب، زار على الأقل 18 سيناتورا و4 نواب
في الكونغرس "إسرائيل" لمقابلة مسؤولي الحكومة الإسرائيلية والتعبير عن الدعم
الذي لا يتزعزع للدولة اليهودية. وزار الكثيرون منهم مصر والسعودية التي كانت أمريكا
تدفع بعلاقات بينها وبين "إسرائيل" ويعتقد النواب أن دعم البلدين ضروري لمنع
توسع الحرب. وقابل عدد منهم جنرالات إسرائيليين وأعضاء في حكومة الحرب التي يترأسها
بنيامين نتنياهو وعرضت عليهم لقطات فيديو ممنتجة عن جرائم حماس.
وقال السيناتور الديمقراطي عن أريزونا مارك كيلي إن
اللقطات "شكلت فهمي عن مستوى العنف والفساد والتجاهل التام للحياة الإنسانية".
وفي محاولة لمواجهة الانتقادات بتسبب "إسرائيل" في كارثة إنسانية في غزة، عرض
المسؤولون شريطا طويلا على الصحفيين في نيويورك وواشنطن وتل أبيب وحثتهم على التعامل
مع حماس كمقابل لتنظيم الدولة بل وأسوأ.
وبعد مشاهدته الشريط تذكر السيناتور الديمقراطي عن
كونيتكيت ريتشارد بلومينتال قوله: "هذه العائلات حاولت الهرب والاختباء من كل
تاريخنا، وحاول الشعب اليهودي الهرب والاختباء، ومن المفترض أن تكون إسرائيل المكان
الآمن".
وعلق بلومنتال بأن تلك اللحظة بلورت لكل أعضاء الوفد
التهديد الوجودي الذي يواجه "إسرائيل" وأن هدف حماس الأولي والرئيسي هو تدمير
"إسرائيل" ومحو الشعب اليهودي، "إنها ببساطة إبادة"، ولم يتحدث
أي من الوفود أو من قابلوا المسؤولين الفلسطينيين في الزيارات، حيث أضاف بلومنتال:
"لقد تحدثت مع الفلسطينيين ولسنوات عدة ولدينا اتصالات معهم". وقال بن كاردين،
رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ إنه تحدث مع الفلسطينيين و"ممن لديه
علاقات سابقة معهم".
ولا شيء يوحد الكونغرس ويجمع الجمهوريين والديمقراطيين
مثل "إسرائيل"، كما يقول أعضاء الحزبين. ففي أروقة الكونغرس ومبانيه شعارات:
"أقف مع إسرائيل" وأعلام كدليل على المشاعر الواحدة. وصادق الكونغرس بالكامل
على حزمة مساعدات لـ"إسرائيل" من أجل قتال حماس، حيث طلبت إدارة بايدن حزمة
من 14 مليار دولار وهي أربعة أضعاف الدعم السنوي للدولة اليهودية. وكشف أن الدعم للفلسطينيين
خطير، فثلث القرارات العشرين التي قدمها النواب والشيوخ منذ هجمات حماس هي شجب لنقاد
"إسرائيل"، بما في ذلك المحتجون في الجامعات. وواحد من القرارات في مجلس
النواب شجب الناشطين الذين تظاهروا في نيويورك "تضامنا مع الشعب الفلسطيني وحقه
بمقاومة 75 عاما من
الاحتلال والفصل العنصري". واستهدف قراران النائبة رشيدة طليب
العضو الفلسطيني الوحيدة في مجلس النواب. وفي الأسبوع الماضي تقدم النائب الجمهوري
عن مونتانا رايان زينك بمشروع يمنع الفلسطينيين من دخول الولايات المتحدة وترحيل الموجودين
فيها.
ووصفت "إيباك" النائبة كوري بوش بأنها
شخص لا تهتم بحماية المدنيين الإسرائيليين، بعد دعمها 17 زميلا تقدموا بمشروع قرار
لوقف إطلاق النار. وهناك قلة في مجلسي الشيوخ والنواب دعوا لتوقف في القتال للسماح
بوصول المياه والأدوية والوقود إلى غزة بعد فرض "إسرائيل" الحصار عليها.
ودعا السيناتور الديمقراطي عن كونيتكيت "إسرائيل" لتغيير مسارها: "المعدل
الحالي من القتلى المدنيين في داخل غزة غير مقبول ولا يمكن ديمومته".
وكل النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الذين طالبوا بالدعم
الإنساني لغزة أكدوا على دعمهم التام لـ"إسرائيل" ومقتهم لحماس. ويعلق وولت:
"ليس لدى النائب وعضو مجلس الشيوخ العادي أي حافز للوقوف أمام الإجماع أو هذه
الرسالة عن الدعم غير المشروط"، و"لا تداعيات بالنسبة لهم لو عبروا عن الدعم
القوي لإسرائيل، فلا يعاقبون، ولن يخسروا الكثير من الناخبين وريما حصلوا على المزيد.
ولو تساءلوا عن دعم الولايات المتحدة لـ"إسرائيل"، فعندها سيواجهون ضغوطا".
ويقول بعض المشرعين ومساعدوهم إن مقابلة الطرفين
أحيانا محفوفة بالمخاطر. وركز داعمو فلسطين على المناشدات لوقف إطلاق النار وتخفيف الحصار.
ويقول المهندس الفلسطيني الأمريكي ناجي لطيفة: "رسالتنا بسيطة، أعيدوا الكهرباء
والماء لغزة، ولم يعد لديها وقت"، وكانت مناشدات لطيفة الذي يعيش في بنسلفانيا
مدفوعة بما حصل لوالدته في غزة التي ماتت بعد أيام من الحملة الإسرائيلية. وعلق:
"معظم أعضاء الكونغرس لا فكرة لديهم عن ما يجري هناك، ولا يفهمون القضية، ويدفعون
للتصويت بطريقة أو بأخرى" و"نشعر بالإحباط والخيانة والهجران من الناس الذين
ساعدنا على انتخابهم".
ووصف زوجان فلسطينيان سيناتورا ديمقراطيا بدا متعاطفا
ولكنه خائف من الإعلان. وطلبا منه دعم ممرات إنسانية لنقل الجرحى للعلاج في الخارج،
فرفض الدعم وضغطا عليه لدعم وصول المياه الصالحة للشرب ولكنه "تردد" و"أصبح
زوجي عصبيا، وقال: سيناتور نطلب الماء، ألا تستطيع طلب الماء؟".