كل المؤشرات تؤكد على أن الليبيين مجمعون على موقفهم مما يجري في
غزة، ولم يظهر صوت يبرر للاحتلال الإسرائيلي جرائمه، معاذ الله، ولا حتى من يلقي
باللائمة على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأنها من تسبب في الخسائر في الأرواح
والعمران بهجومها على المستوطنات وأخذها رهائن وإطلاقها الصواريخ على البلدات التي
يقطنها إسرائيلون، وقد يوجد من يتنبى هكذا
موقف إلا أنه لم يطرح للعلن ولم يكن محل
جدل في الوسائط الاجتماعية الليبية.
على المستوى الرسمي، فقد كان لمجلس النواب موقف صريح مما يجري من عنف
غير مسبوق ضد غزة حيث دعا إلى التصعيد ضد الدول الغربية الداعمة له، وتبعه في ذلك
المجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، ولم يتسن لي الاطلاع
على موقف معلن لقيادة الجيش التابعة لمجلس النواب ولا للحكومة الليبية في الشرق.
أيضا لم أقف على جهود رسمية تتجه إلى دعم أهل غزة بأي شكل من
الأشكال، أو تسهم في تحريك الدبلوماسية العربية تجاه وقف إطلاق النار وتقديم العون
للمنكوبين في القطاع.
أما على صعيد قوة الموقف والخطاب، فيبدو أنها صارت من الماضي، ومع
التأكيد على أن الزعماء العرب الذين اشتهروا بخطابهم القوي ضد الاحتلال وممارساته
وقعوا في المزايدات، إلا أنه كان خطابا محفزا ضاع اليوم في غياهب الهزيمة
والانكسار بل والتآمر على القضية وعلى المقاومة.
ما نلمسه بوضوح هو الإكبار والإجلال لدى كافة مكونات المجتمع الليبي للصمود الفلسطيني، فما أن يفتح النقاش في تجمع أو لقاء حتى يشرع المتحدثون في سرد وقائع الصبر والثبات لدى الكبار والصغار، والرجال والنساء من أهل غزة، والمرويات كثيرة بعدد جرائم الاحتلال التي تفوق الحصر ويعجز اللسان عن وصف وحشيتها.
الموقف الشعبي الليبي يعكس الفوارق بين المنتظم الرسمي والمجتمعي في
ليبيا وغيرها، فالتفاعل الشعبي قوي وجهود التأييد والدعم ظاهرة ومستمرة،
فالمظاهرات لم تتوقف في عديد المدن، ونشاط وسائل التواصل محموم، ويلعب الإعلام
دورا في تعبئة الشارع وتفاعل النشطاء مع الانتهكات الجسيمة وردود الفعل عليها
غربيا وعالميا.
المنطقة الغربية، كعادتها، هي الأكثر تفاعلا وتحركا علنيا للتعبير عن
الغضب والتنديد بجرائم الاحتلال ومساندة القوى الغربية له، فقد شهدت العاصمة
طرابلس وعديد المدن في الغرب الليبي وقفات احتجاجية قوية، وتتحرك منظمات ومجموعات
بحرية لجمع التبرعات وإيصالها إلى أهل غزة، والصورة أبهت في الشرق والجنوب والوقع
مختلف، والأمر يتعلق بالحالة الأمنية وبموقف السلطة النافذة هناك، وهي قيادة الجيش
التابعة لمجلس النواب، من المظاهرات والحراك الشعبي ونشاط منظمات المجتمع المدني.
ما نلمسه بوضوح هو الإكبار والإجلال لدى كافة مكونات المجتمع الليبي
للصمود
الفلسطيني، فما أن يفتح النقاش في تجمع أو لقاء حتى يشرع المتحدثون في سرد
وقائع الصبر والثبات لدى الكبار والصغار، والرجال والنساء من أهل غزة، والمرويات
كثيرة بعدد جرائم الاحتلال التي تفوق الحصر ويعجز اللسان عن وصف وحشيتها.
ماذا قالت الطفلة التي فقدت أباها وكيف أنها موقنة بأنه في جنات
النعيم، وبماذا ردت الأم التي أبلغت عن فقد ابنها والموقف القوي للأب الذي نكب في
زوجته وأولاده، وأن مصابهم لا يمكن أن يطيقه بشر ولكن الغزاويين ضربوا مثالا في
الصمود أبهر العالم وأثر في قطاعات واسعة من الرأي العام العالمي، ليتخلل الحديث
عينات من إعجاب وتعاطف العالم مع أهل غزة المحتسبين.
ما ينقص هو تحويل حالة التفاعل الإيجابي إلى تيار منظم للمناصرة
والدعم، فالجهود عديدة لكنها مبعثرة، والتأييد واسع لكنه مشتت، والحالة الفردية لا تزال طاغية على أنشطة وبرامج دعم أهل غزة.
على المستوى السياسي من المفترض أن يمارس مجلس النواب الذي سجل موقفا
قويا من أحداث غزة ضغطا على مصر فيما يتعلق بمعبر رفح ومساندة المنكوبين في
القطاع، والرئاسي والحكومة مطالبان بمواقف ودبلوماسية نشطة في الأوساط العربية
وغيرها تتعلق بوقف إطلاق النار وإغاثة المتضررين وما أكثرهم.
شعبيا هناك حاجة إلى تأسيس تجمع لدعم وإغاثة أهل غزة تجتمع فيه كل
المبادرات الفردية والصغيرة، فالمحنة شديدة الوطأة والأضرار جسيمة جدا وتتطلب
تعبئة وتنظيما على مستوى عال.