جدد رئيس الجمهورية التركية رجب طيب
أردوغان، في كلمته التي ألقاها بتجمع
فلسطين الكبير في إسطنبول السبت الماضي، قوله بأن حركة
المقاومة الإسلامية
"
حماس" ليست منظمة إرهابية، بل هي حركة تحرير وطنية. وكان أردوغان أدلى
الأسبوع الماضي بتصريحات مشابهة في خطابه لأعضاء الكتلة البرلمانية لحزب العدالة
والتنمية. وأثارت هذه التصريحات تساؤلات حول طبيعة علاقات
تركيا مع الحركة ومدى
الدعم الذي يمكن أن تقدمه إليها لتواصل مقاومتها للاحتلال.
أردوغان قال أيضا في تلك الكلمة: "نحن هنا لا نندد بالمجزرة الحاصلة
في غزة فقط، بل ندافع أيضا عن استقلالنا ومستقبلنا". كما ذكر رئيس دائرة
الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية، فخر الدين ألطون، في برنامج على القناة
الأولى للتلفزيون التركي الرسمي "تي آر تي"، أن المؤامرة التي يواجهها
قطاع غزة لا تستهدف الفلسطينيين فقط، بل تستهدف أيضا تركيا والمنطقة، مؤكدا أن
إفشال تلك المؤامرة ضرورة استراتيجية لمستقبل البلاد.
التصريحات تشير إلى أن أنقرة ترى أن ما يجري منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من دعم غربي غير محدود لإسرائيل وإرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى المنطقة؛ تحركات ضمن خطة تتجاوز حدودها قطاع غزة، وترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية وإعادة ترتيب المنطقة لتشكيل شرق أوسط جديد، كما وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وترى أيضا أن تلك الخطة تهدد أمن تركيا ومصالحها ومستقبلها، وبالتالي لا بد من إفشالها من خلال دعم صمود الشعب الفلسطيني
هذه التصريحات تشير إلى أن أنقرة ترى أن ما يجري منذ السابع من تشرين الأول/
أكتوبر من دعم غربي غير محدود لإسرائيل وإرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى
المنطقة؛ تحركات ضمن خطة تتجاوز حدودها قطاع غزة، وترمي إلى تصفية القضية
الفلسطينية وإعادة ترتيب المنطقة لتشكيل شرق أوسط جديد، كما وعد به رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وترى أيضا أن تلك الخطة تهدد أمن تركيا ومصالحها
ومستقبلها، وبالتالي لا بد من إفشالها من خلال دعم صمود الشعب الفلسطيني، الأمر
الذي دفع رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، إلى الإدلاء بتصريحات قوية تندد بمجازر
إسرائيل في القطاع وتدعو إلى دور تركي لحماية الفلسطينيين.
علاقة تركيا مع حركة حماس ليست جديدة، وقام قادة الحركة بزيارات عديدة إلى
العاصمة التركية، كما التقى رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، خلال زيارته لأنقرة
عام 2012، قادة المعارضة التركية بمن فيهم رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار
أوغلو. ولكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه الآن هو: "كيف ستتشكل العلاقات بين
تركيا وحماس بعد تصريحات أردوغان؟".
أنقرة حرصت على التوازن بين علاقاتها مع السلطة الفلسطينية وحركة حماس،
والتجنب عن دعم أحد الطرفين ضد الآخر. ومن المؤكد أنها ستواصل هذه السياسة، في
محاولة للوقوف على مسافة واحدة من الجميع وتشجيعهم على المصالحة، لتحقيق وحدة الصف
في نضال الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة.
الرئيس التركي صرح بصوت عال بأن حركة حماس ليست إرهابية، ومن المتوقع أن
تستمر أنقرة في التشديد على هذه الحقيقة في المحافل الدولية، وأن يشجع ذلك دولا
أخرى على الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل طرق مشروعة، بينها
المقاومة المسلحة، وفقا للقانون الدولي. وتكمن أهمية هذه التصريحات في إفشال خطة
شيطنة المقاومة الفلسطينية وتصويرها كــ"منظمة إرهابية" مثل القاعدة
وداعش. وإن لم يتم إفشال تلك الخطة ونجح الاحتلال في ترسيخ الصورة المضللة التي يرسمها،
فسيشتد إرهاب المتضامنين مع المقاومة الفلسطينية، وستزداد الضغوط على الدول التي
تقيم العلاقات مع حركة حماس، وسيتم التضييق على قادة الحركة المقيمين في الخارج.
إعادة إعمار القطاع والمساعدات الإنسانية ملف آخر يمكن أن تدعم تركيا خلاله
صمود الشعب الفلسطيني. وتبذل الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية التركية منذ
بداية الحرب جهودا حثيثة لإيصال المساعدات العاجلة إلى القطاع، إلا أن الحصار الذي
يفرضه الاحتلال يعيق تلك الجهود. وتسعى أنقرة إلى تجاوز ذاك الحصار من خلال تكثيف
اتصالاتها مع القاهرة.
نتائج الحرب التي تجري حاليا في قطاع غزة ستلعب دورا في تحديد مسار العلاقات بين تركيا وحماس، وفق تقييم الطرفين لتلك النتائج. إلا أن الأولوية الأولى هي وقف المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في القطاع، وإفشال خطة التهجير التي تسعى إسرائيل إلى تطبيقها
تركيا ترغب في تعزيز علاقاتها مع حماس في إطار القانون الدولي وقرارات
الأمم المتحدة، لتتمكن من الدفاع عن موقفها من المقاومة الفلسطينية أمام العالم
بقوة. ولا شك أن هناك اختلافات في وجهات نظر الطرفين في بعض القضايا، مثل حل
الدولتين والمفاوضات مع إسرائيل واستهداف المستوطنين. ولكن هذه الاختلافات يمكن
تجاوزها بحلول لا يضطر فيها أحد الطرفين لتغيير موقفه، أو يمكن وضعها جانبا للتركيز
على التعاون في القضايا المتفقة عليها، إلا أن حماس ستبقى في النهاية بحاجة إلى
المال والسلاح لمواصلة مقاومتها للاحتلال.
نتائج الحرب التي تجري حاليا في قطاع غزة ستلعب دورا في تحديد مسار
العلاقات بين تركيا وحماس، وفق تقييم الطرفين لتلك النتائج. إلا أن الأولوية
الأولى هي وقف المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في القطاع، وإفشال خطة
التهجير التي تسعى إسرائيل إلى تطبيقها بمساعدة الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين.
twitter.com/ismail_yasa