صحافة إسرائيلية

"كابوس قادم".. تحذير إسرائيلي من منح الموافقة لمشروع نووي سعودي

تشترط السعودية مساعدتها في برنامج نووي سلمي مقابل التطبيع مع الاحتلال- جيتي
تستمر حالة الجدل لدى مختلف المحافل في الاحتلال وخاصة الأمنية منها، حول إقامة السعودية لمشروع نووي مدني، كشرط للتقدم في التطبيع مع الاحتلال، حيث حذر خبير عسكري "إسرائيلي" بارز، من تلبية الطلب السعودي الذي سيدخل تل أبيب في كابوس جديد يتعلق بوجود "شرق أوسط نووي". 

وقال الخبير العسكري ألون بن دافيد، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، "بسرعة مفاجئة بدأت تسقط الحواجز بيننا وبين السعودية، يزيارة علنية لوزير السياحة للمملكة، بينما يطلب وزير الاتصالات منذ الآن بناء خيمة له قبيل زيارته الأسبوع القادم، بالتزامن مع إحساس عام بأن التطبيع قادم، وإذا ما حصل هذا، سيشكل اختراقا دراماتيكيا للعالم العربي، لكن لا يقل دراماتيكية عنه، الخطر الكامن في الاتفاق، وخاصة الطلب السعودي لبرنامج نووي". 


سباق تسلح نووي
وأضاف بن دافيد، أنه "مطلوب من إسرائيل هذه المرة أن تتخلى عن مبدأ أساس في مفهومها الأمني، فهي منذ عشرات السنين تعمل على إحباط إقامة أي برنامج نووي في المنطقة، بحيث تبقى الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تنسب لها قدرة نووية".

وأضاف، "أن المطلب السعودي لقدرة تخصيب اليورانيوم، يهدد بأن يأخذ من إسرائيل مكانتها المميزة في المنطقة ويحرك سباق تسلح نووي". 

وتساءل لواء الاحتياط في جيش الاحتلال أودي ادام، وهو المدير العام السابق لدار البحوث النووية في "مفاعل ديمونا"، "بأي ثمن سيكون الاتفاق النووي مع السعودية؟"، موضحا أن "منح السعودية قدرة إنتاج مادة مشعة، سيجعلها دولة نووية، وهذا ثمن جسيم أكثر مما ينبغي، قالقدرة على تخصيب اليورانيوم، هي قدرة في مسافة قرار يمكن جعلها تمتلك برنامجا نوويا عسكريا". 


ولفت بن دافيد، إلى أن "السعودية حتى لا تحاول إخفاء حقيقة أنها معنية بوضع أساسات في برنامج نووي عسكري يسمح لها بإنتاج سلاح نووي، وباقي الدول في المنطقة لن تبقى لا مبالية تجاه إعطاء قدرة كهذه للسعوديين، فبعد لحظة من السعودية ستبدأ تركيا ومصر والإمارات، بتطوير برنامج نووي خاص بهم، ونحن سنقف أمام كابوس شرق أوسط نووي". 

وتابع، "في الأسرة الأمنية الاستخبارية، هناك إجماع مفاده أنه لا يمكن لإسرائيل التعايش إلى جانب سعودية كدولة نووية، وبالتأكيد ليس أمام سباق تسلح إقليمي، مع التذكير، أن إعطاء شرعية لتخصيب اليورانيوم في السعودية سيسحب البساط من تحت كل حجة إسرائيلية ضد إيران، إذا كان مسموحا للسعوديين، فلماذا يكون محظورا على الإيرانيين تخصيب اليورانيوم؟". 

والسؤال المفتوح بحسب الخبير، "هل سيكون ممكنا خلق ضمانات أو نظام رقابة على السعوديين يمنعهم من تطوير برنامج عسكري؟"، منوها بأن "الإجابات على هذا السؤال منقسمة، هناك من يرى عدم إمكانية توفر مثل هذه الضمانات، والبعض يعتقد أن واشنطن يمكنها تطوير آلية تحوز بموجبها على مفتاح تخصيب اليورانيوم في السعودية، وبدونها لا يمكنه أن يتم". 

الطرف الأكثر هامشية
ورأى أن رجال لجنة الطاقة الذرية في "إسرائيل" ومعهم الخبراء في الموساد وجهاز الاستخبارات "أمان"، هم "من يتعين عليهم أن يطلعوا على التفاصيل ويقرروا إذا كانوا سيعطون التسويغ لصفقة كهذه"، موضحا أن "نافذة الزمن القصيرة للوصول إلى اتفاق قبل أن تغرق الولايات المتحدة في حملة الانتخابات للرئاسة ستزيد ضغط القيادة السياسية على المهنيين لإعطاء مباركتهم للصفقة". 

من جانبه أكد اللواء ادام، أن "لجنة الطاقة الذرية، تعارض بناء قدرة نووية للسعودية"، معربا عن أمله أن لا تساهم الضغوط في "تغيير رأيهم المهني في وجه نزوات القيادة السياسية، وحيال معارضة الجهات المختصة، من الصعب على نتنياهو تمرير الاتفاق". 

وكشف أن "الجيش ووزارة الأمن، مقصيان حاليا عن التوافقات المتبلورة، خصوصا أن توصياتهم حرجة، فإذا تحطم السد وأغرقت المواد النووية الشرق الأوسط، لن يكون ممكنا إعادة الوضع لسابق عهده"، 

وأردف، "أن الأمر مختلف عن قضية الغواصات لمصر أو طائرات "أف35" للإمارات، سيكون صعبا على نتنياهو هذه المرة أن يتجاهل توصية الجهات المختصة، وهو سيدفعهم لأن يمنحوه ختم الحلال"، بحسب تعبيره.

وبين بن دافيد، أن "حماسة الشركاء الثلاثة للوصول إلى اتفاق في الأشهر القريبة القادمة واضحة، ولي العهد محمد بن سلمان في وضعية مريحة للغاية، هو معني بالصفقة كما هي، دون دوافع إضافية، وسيحاول الحصول على ما يريد من الصفقة لا سيما أنه يعرف صعوبة أن تمنحه الإدارة التالية بعد بايدن صفقة أحلام كهذه". 


في المقابل يبدو الرئيس الأمريكي بايدن، "متحمسا لها لأنه سيخفض أسعار الوقود قبل الانتخابات، بينما نتنياهو، يبدو الطرف الأكثر هامشية في الاتفاق، سيحظى باختراق تاريخي إلى العالم العربي والإسلامي، إلى جانب ربح سياسي لا بأس به، لكن إضافة إلى الموضوع النووي، سيتعين على نتنياهو أن يدفع الثمن بعملات صعبة أخرى؛ تنازلات للفلسطينيين وتآكل للتفوق النوعي التقليدي للجيش الإسرائيلي في المنطقة". 

ونبه الخبير، أن "العائق الأكبر للاتفاق يوجد في التلة التي يقع عليها مجلس النواب الأمريكي، من الصعب أن نرى كيف سينجح الرئيس بايدن في أن يجلب ثلثي الكونغرس لتأييد صفقة تغدق النووي والسلاح المتطور على السعودية التي لا تزال تقطع الرؤوس في الميدان". 

وتابع: "ليس مؤكدا أن ينجح نتنياهو بأن يجند أصوات الجمهوريين اللازمين لتبرير الاتفاق، وعليه فمن السابق لأوانه كي البدلات والجلابيات للاحتفال في ساحة البيت الأبيض". 

وختم مقاله بالتأكيد، أن "العوائق في الطريق عالية ومركبة، وقلة فقط من رجال الاستخبارات مستعدون للمراهنة على أن الصفقة ستتحقق بالفعل، البشرى لإسرائيل في الاتفاق مع السعودية هائلة؛ سياسيا، اقتصاديا وتاريخيا أيضا، لكن الثمن اللازم لها، هو الآخر باهظ أكثر مما ينبغي".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع